ليلة «تاريخية» في مقديشو مع أول عرض سينمائي منذ ثلاثة عقود

عرض سينمائي في المسرح الوطني الصومالي بمناسبة إعادة افتتاحه (أ.ف.ب)
عرض سينمائي في المسرح الوطني الصومالي بمناسبة إعادة افتتاحه (أ.ف.ب)
TT

ليلة «تاريخية» في مقديشو مع أول عرض سينمائي منذ ثلاثة عقود

عرض سينمائي في المسرح الوطني الصومالي بمناسبة إعادة افتتاحه (أ.ف.ب)
عرض سينمائي في المسرح الوطني الصومالي بمناسبة إعادة افتتاحه (أ.ف.ب)

تمكن سكان مقديشو مساء أمس (الأربعاء) من الغوص مجدداً في عالم الفن السابع بفضل أول عرض سينمائي في المدينة منذ ثلاثين عاماً، في حدث ثقافي أقيم في ظل تدابير أمنية مشددة شهدتها العاصمة الصومالية المضطربة.
ويشهد تاريخ المسرح الوطني الصومالي الذي شُيّد كهدية من الزعيم الصيني ماو تسي تونغ سنة 1967. على عقود من الاضطرابات في هذا البلد الواقع في القرن الأفريقي، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وشهد الموقع الذي استضاف العرض السينمائي لمناسبة إعادة افتتاحه، في الماضي هجمات انتحارية كما استخدمه زعماء حرب قاعدة لهم.
وكان مدير المسرح عبد القادر عبدي يوسف أكد في وقت سابق أن هذا الحدث سيشكل «ليلة تاريخية لجميع الصوماليين»، مشيراً إلى أن المسرح الوطني الصومالي يسعى ليكون مساحة للتعبير للفنانين المحليين.

وعُرض مساء الأربعاء عملان صوماليان للمرة الأولى وهما فيلمان قصيران للمخرج إبراهيم سي إم بعنوان «هوس» و«دايت فروم هيل».
وقد بلغ سعر تذكرة الدخول لهذا العرض عشرة دولارات، وهو سعر مرتفع للكثير من سكان مقديشو.
وخضع الحاضرون للتفتيش في نقاط عدة قبل بلوغ المسرح الواقع في منطقة خاضعة لحراسة مشددة في المدينة تضم خصوصاً القصر الرئاسي ومقر البرلمان.
وأفادت مصادر عدة اتصلت بها وكالة الصحافة الفرنسية بأن العرض أقيم من دون أي حوادث أمنية.
وكانت مقديشو تحوي قاعات سينمائية كثيرة خلال عصرها الذهبي، لكن هذه المواقع أغلقت كلها أبوابها مع اندلاع الحرب الأهلية سنة 1991. وقد أعاد المسرح الوطني الصومالي فتح أبوابه سنة 2012 بعد سنوات من الإهمال، لكنه دُمر بعد أسبوعين على يد مقاتلي حركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تشن باستمرار هجمات في العاصمة الصومالية.

وبعد أعمال ترميم دقيقة، ترجع إعادة افتتاح المسرح إلى البال الكثر من ذكريات لأيام أكثر هناء في المدينة. وأكد عثمان يوسف عثمان المولع بالسينما: «في أيام الزمن الجميل، كنت معتاداً على المجيء لمشاهدة حفلات ومسرحيات درامية وعروض لموسيقى البوب ورقصات فلكلورية وأفلام في المسرح الوطني، ويحزنني أن أرى مقديشو من دون الحياة الليلية التي كانت تزخر بها سابقاً». لكنه قال: «هذه بداية جيدة (.....) لم أكن لأفوّت هذا الحدث التاريخي الليلة».
غير أن آخرين كانوا أكثر حذراً إذ أبدوا قلقاً إزاء الوضع الأمني في المكان.
وقالت حكيمو محمد، وهي أم لستة أبناء كانت من رواد المكان: «الناس كانوا يخرجون ليلاً ويبقون حتى ساعات متأخرة إذا ما أرادوا ذلك. لكني لا أظن أن المكان آمن جداً الآن».
وقد أُخرج مقاتلو حركة الشباب من مقديشو قبل عشر سنوات، لكنهم لا يزالون يسيطرون على مناطق ريفية واسعة.



بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
TT

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)
مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

يَندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هُوبَال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد فقط، وتحوّل سريعاً إلى «تريند» على شبكات التواصل الاجتماعي، من خلال مقاطع الفيديو والأحاديث التي تتناول تفاصيل العمل الذي يجمع للمرة الثالثة بين المخرج عبد العزيز الشلاحي والكاتب مفرج المجفل.

يتحدث بطل الفيلم مشعل المطيري، لـ«الشرق الأوسط»، عن السر في ذلك قائلاً: «حين يكون الفيلم مصنوعاً بشكل جيد، فمن المتوقع أن يلقى إقبالاً كبيراً لدى الجمهور»، مشيراً إلى أن «هُوبَال» يحكي قصة إنسانية قريبة للناس، تم سردها في بيئة مغرية وسط الصحراء، مما جعل الكثيرين يتحمسون لمشاهدته.

ويتابع المطيري: «ارتباط الفيلم بالبيئة البدوية جعله جاذباً، ورغم أننا شاهدنا أعمالاً درامية وسينمائية لها علاقة بمجتمعات معينة، فإن البيئة البدوية لم يسبق أن جرى تقديمها بهذا التركيز من قبل، وهذه ميزة زادت من رغبة الناس في مشاهدة العمل». مؤكداً في الوقت نفسه أن الفيلم يناسب جميع أفراد العائلة، وهو ما لاحظه في صالات السينما، التي ضمَّت صغار وكبار السن على حد سواء.

يدور الفيلم حول العزلة في الصحراء والتحديات التي تواجه العائلة بسبب ذلك (الشرق الأوسط)

قصة الفيلم

تدور أحداث فيلم «هُوبَال» في السعودية خلال الفترة التي تلت أحداث حرب الخليج الثانية، ويتناول قصة عائلة بدوية تقرر العيش في عزلة تامة وسط الصحراء جرّاء اعتقاد «الجد ليام»، (إبراهيم الحساوي)، بقرب قيام الساعة بعد ظهور علامات تؤكد مزاعمه.

هذه العزلة تُعرضه لامتحان صعب عندما تصاب حفيدته بمرض مُعدٍ يحتِّم على الجميع عدم الاقتراب منها، الأمر الذي يدفع والدتها سرّاً (ميلا الزهراني) إلى التفكير في تحدي قوانين الجد لإنقاذ ابنتها، وهو ما يصطدم بمعارضة شديدة من زوجها «شنار»، (مشعل المطيري).

سينما الصحراء

ورغم أن العائلة انزوت في الصحراء هرباً من المدينة، فإن مشعل المطيري لا يرى أن «هُوبَال» يأتي ضمن تصنيف سينما الصحراء بالمفهوم الدارج، بل يشير إلى أن له تصنيفاً مختلفاً، خصوصاً أن العمل يتناول فترة التسعينات من القرن الماضي، عن ذلك يقول: «هي فكرة ذكية في توظيف الصحراء في فترة زمنية قريبة نسبياً، كما أن شخصيات الفيلم لم تنقطع تماماً عن المدينة، بل كان بعضهم يرتادها للبيع والشراء، فحياتهم كانت مرتبطة بالمدينة بشكل أو بآخر».

ويشير المطيري هنا إلى أن الصحراء كانت اختياراً في القصة وليست واقعاً محل التسليم التام، مضيفاً أن «المخرج تعامل مع البيئة الصحراوية بدقة كبيرة، من حيث تفاصيل الحياة التي رآها المُشاهد في الفيلم». ويؤمن المطيري بأنه ما زال هناك كثير من الحكايات المستلهَمة من عمق الصحراء وتنتظر المعالجة السينمائية.

مشعل المطيري في دور «شنار» بالفيلم (الشرق الأوسط)

«شنّار بن ليام»

يصف المطيري شخصية «شنار بن ليام» التي لعب دورها بأنه «شخص سلبي، ومخيف أحياناً، كما أنه جبان، وبراغماتي، وواقعي إلى حد كبير مقارنةً ببقية أهله، حيث لم يستطع معارضة والده، وكانت لديه فرصة لعيش الحياة التي يريدها بشكل آخر، كما أنه حاول الاستفادة من الظروف التي حوله». ويرى المطيري أنها من أكثر الشخصيات وضوحاً في النص، ولم تكن شريرة بالمعنى التقليدي لمفهوم الشر في السينما.

ويمثل «هُوبَال» بدايةً قوية للسينما السعودية في مطلع 2025، وهنا يصف المطيري المشهد السينمائي المحلي بالقول: «هناك تطور رائع نعيشه عاماً تلوم آخر، وكل تجربة تأتي أقوى وأفضل مما سبقها، كما أننا موعودون بأعمال قادمة، وننتظر عرض أفلام جرى الانتهاء من تصويرها مؤخراً». ويختم حديثه بالقول: «كل فيلم جيد يسهم في رفع ثقة الجمهور بالسينما المحليّة، وتباين مستوى الأفلام أمر طبيعي، لكن الأهم ألا يفقد الجمهور ثقته بالأفلام السعودية».

تجدر الإشارة إلى أن فيلم «هُوبَال» حقَّق أداءً مميزاً في شِبّاك التذاكر في أول 3 أيام من عرضه، وتجاوزت مبيعات التذاكر 30 ألف تذكرة بإيرادات تُقدّر بأكثر 1.5 مليون ريال سعودي.