تزايد رهانات القوى السياسية المصرية على «منافسة حرة» في الانتخابات البرلمانية

قادة أحزاب تحدثوا لـ {الشرق الأوسط} عن ابتعاد «أجهزة أمنية» من الصراع الانتخابي

تزايد رهانات القوى السياسية المصرية على «منافسة حرة» في الانتخابات البرلمانية
TT

تزايد رهانات القوى السياسية المصرية على «منافسة حرة» في الانتخابات البرلمانية

تزايد رهانات القوى السياسية المصرية على «منافسة حرة» في الانتخابات البرلمانية

تزايدت رهانات القوى السياسية في مصر على وجود منافسة حرة في الانتخابات البرلمانية المرجح أن تنطلق منتصف أكتوبر (تشرين الأول) القادم، بعد أن سادت حالة من عدم الثقة بشأن نزاهة العملية الانتخابية قبل تأجيلها بسبب أحكام قضائية. وقال قادة أحزاب لـ«الشرق الأوسط» إن تحسنا ملحوظا طرأ على المشهد السياسي وأوحى برغبة السلطات في إطلاق العملية السياسية دون تدخل مباشر، لكن بعضهم لا يزال يتحسس خطاه بحذر.
وتأجلت الانتخابات البرلمانية التي كان من المفترض أن تنطلق قبل أيام، بحكم قضائي لعدم دستورية نصوص في القوانين المنظمة للانتخابات. وقبل تأجيل الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل، أحجمت قوى سياسية عن المشاركة فيه قائلة إن «البيئة السياسية غير مشجعة»، لكن تلك القوى بدأت بحث المشاركة مجددا.
وقال حنا جريس، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي إن «هناك تحسنا ربما يشير إلى رغبة في إطلاق العملية السياسية من دون تدخل مباشر من السلطات، لكن من المبكر الحكم على جدية هذه الخطوات، وعموما توجد فرصة واحتمالية لنقلة كافية لرسم صورة جديدة».
وقال محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، لـ«الشرق الأوسط»: «نعم هناك روح من التفاؤل الآن.. وهناك أيضا خفوت في الوهج الذي رافق إطلاق القائمة التي بدت وكأنها قائمة السلطة». وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي تعديلا وزاريا قبل أسبوعين، شمل وزارة الداخلية، وأطاح الوزير الجديد اللواء مجدي عبد الغفار بقادة الأجهزة الرئيسية في الوزارة بعد يومين من توليه المنصب. وكان مطلب إقالة وزير الداخلية أحد الشروط التي وضعتها أحزاب للمشاركة في العملية الانتخابية.
وأشار جريس إلى ما سماه «استقرار الرئاسة في مسار جمع أجهزة الدولة حولها (الرئيس)»، مضيفا أن المراقب العادي كان بإمكانه أن يلمح «الاختلافات العميقة بين الأجهزة حول إدارة المشهد السياسي، الآن وخاصة بعد استبعاد اللواء إبراهيم، هناك قدرة على نقل هذا البلد خطوة إلى الأمام شرط الإيمان بدور الكيانات السياسية المنظمة».
ودأبت السلطات المصرية على نفي صلتها بأي من القوائم الحزبية، وأكدت غير مرة وقوفها على مسافة واحدة من القوى السياسية، لكن لم تحل هذه التأكيدات دون الربط بين قائمة «في حب مصر» وبين السلطة خاصة في ظل استخدام التكتل الانتخابي صورة الرئيس السيسي في دعايته الانتخابية. وينفي القائمون على قائمة «في حب مصر» حصولهم على دعم من السلطة.
وقال اللواء سامح سيف اليزل منسق قائمة «في حب مصر» لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الاتهامات لا تزعجنا.. بل نحن نتفهمها وتوافقنا على عدم الرد أو الإساءة لأي أحد، فهذا شأن الانتخابات هنا وفي كل مكان، لا بد أن تواجه حرب الشائعات، لكن يكفي أن 13 حزبا بينها المصريين الأحرار والوفد على قائمتنا بعد أن تأكدوا من عدم صحة هذه الاتهامات».
ونفى الدكتور عبد الله مغازي، معاون رئيس الحكومة، أي صلة بين رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء بأي من القوائم المتنافسة، وقال مغازي لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس السيسي ورئيس الوزراء سبق أن أعلنا الحياد الكامل، وأنا أثق في هذا». وشجعت المؤشرات الإيجابية بشأن الانتخابات البرلمانية التيار الديمقراطي الذي يضم أحزابا رئيسية على إعادة التفكير في خوض الانتخابات، كما شجعت أيضا قوى سياسية أخرى على الدفع بمزيد من المرشحين في الانتخابات.
وقال رامي جلال المتحدث الإعلامي لقائمة «صحوة مصر»، التي يقودها الدكتور عبد الجليل مصطفى، إنه في ضوء الإشارات المشجعة خلال الأيام الماضية نبحث بجدية المنافسة في القطاع الغربي.
وتجرى المنافسة في الانتخابات النيابية بالجمع بين نظامي الفردي والقوائم المطلقة. وخصص القانون 120 مقعدا للقوائم موزعة على 4 دوائر انتخابية (قطاع العاصمة، وقطاع الجنوب، وقطاع الشرق، وقطاع الغرب). وقالت مصادر حزبية مطلعة إن أحزاب التيار الديمقراطي قد تدفع بمرشحيها على قوائم «صحوة مصر»، وإنه يجري حاليا دراسة أن تضم قائمة القطاع الغربي (15 مقعدا) أغلبيتهم من مرشحي التيار.
وبينما تعاملت القوى السياسية بحذر تجاه ما اعتبره قادة أحزاب تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تراجع دور جهاز أمني في التدخل في الانتخابات البرلمانية، تنتظر تلك القوى تعديل القوانين والمواد التي قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها مطلع الشهر الحالي، لحسم موعد إجراء الاستحقاق النيابي.
ورجحت مصادر مطلعة إرجاء موعد الاقتراع في الانتخابات النيابية إلى منتصف شهر أكتوبر القادم، وأوضحت أن هذا الإرجاء متعلق بـ«ظروف إجرائية»، مشيرة إلى صعوبة إجراء الانتخابات مع حلول الصيف في أغسطس (آب) حيث يتوافد معظم المصريين إلى السواحل، لافتة إلى أن السلطات ستنتظر انقضاء موسم الحج.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.