برنامج ثقافي حافل لمعرض الرياض الدولي للكتاب

يقام معرض الرياض الدولي للكتاب خلال الفترة بين 1 و10 أكتوبر المقبل (وزارة الثقافة السعودية)
يقام معرض الرياض الدولي للكتاب خلال الفترة بين 1 و10 أكتوبر المقبل (وزارة الثقافة السعودية)
TT

برنامج ثقافي حافل لمعرض الرياض الدولي للكتاب

يقام معرض الرياض الدولي للكتاب خلال الفترة بين 1 و10 أكتوبر المقبل (وزارة الثقافة السعودية)
يقام معرض الرياض الدولي للكتاب خلال الفترة بين 1 و10 أكتوبر المقبل (وزارة الثقافة السعودية)

كشفت هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، الأربعاء، عن برنامج ثقافي حافل لمعرض الرياض الدولي للكتاب الذي يقام خلال الفترة بين 1 و10 أكتوبر (تشرين الأول) في موقعه الجديد بواجهة الرياض، حيث سيشهد مشاركة نخبة من أهم الكتاب والمفكرين والنقاد السعوديين والعرب والعالميين في باقة من الندوات والمحاضرات وورش العمل التي تتناول مختلف مجالات الإبداع الثقافي.
ويحتضن المعرض على مدى يومي الاثنين والثلاثاء 4 و5 أكتوبر، فعاليات مؤتمر الناشرين الذي يعد الأول من نوعه في السعودية، وتنظمه الهيئة، من أجل بحث واقع صناعة النشر في العالم العربي والسعي نحو تطويرها لتصل إلى مستويات منافسة دولياً، وذلك من خلال 12 جلسة حوارية يشارك فيها 42 متحدثاً من المملكة والعالم، وتتناول جوانب متعددة من واقع صناعة النشر المحلية والإقليمية وسبل معالجة أوجه القصور فيها، من أجل تطويرها ورفع مستوى إسهامها في التنمية الثقافية العربية.
وتوزع البرنامج الثقافي للمعرض على ثلاثة مسارات رئيسية؛ أولها أمسيات «حديث الكتاب» التي سيُستضاف فيها تسعة من المؤلفين السعوديين والعرب والعالميين للحديث عن تجاربهم في الكتابة والتأليف، وهم: الأمير تركي الفيصل، والشيخة هند القاسمي، والرحالة والمؤلف السعودي عبد الله الجمعة، والروائيان الكويتيان مشعل حمد وسعود السنعوسي، والروائي الأردني أيمن العتوم، والمؤلفون الأميركيون جوردان بيلفورت والطاهي ماركو بيير وايت وكريس غاردنر صاحب الكتاب الشهير «السعي نحو السعادة». فيما سيتحدث في المسار الثاني «لقاءات ثقافية» أكثر من 100 مثقف وناقد من مختلف الجنسيات عن قضايا أدبية وثقافية مُلحة من خلال 36 ندوة ومحاضرة تقام على مدى أيام المعرض العشرة، أما المسار الثالث فسيخصص لأمسيات التكريم والجوائز لمبدعين ورموز خدموا الثقافة العربية، يتقدمهم الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، الذي سيُكرم من قبل معهد العالم العربي بباريس في حفل كبير يحتضنه المعرض، وذلك نظير خدمته الكبيرة للثقافة العربية.
ويقدم المعرض في لقاءاته الثقافية ندوات تحتفي بالثقافة العراقية، بمشاركة أبرز المؤلفين والأدباء السعوديين والعراقيين، أبرزها ندوة بعنوان «الثقافة وبناء الدولة»، يتحدث فيها وزير الثقافة العراقي الدكتور حسن ناظم، وندوة عن إسهامات الدكتور علي جواد الطاهر يشارك فيها محمد رضا نصر الله، والدكتور عبد الله الحيدري، والدكتورة نادية العزاوي وصاحب أبو جناح. كما تتضمن اللقاءات ندوة للدكتور عبد الله الغذامي تحت عنوان «مآلات الفلسفة»، وأخرى للدكتور سعد البازعي بعنوان «معالم الحداثة»، وأمسيات شعرية يشارك فيها شعراء سعوديون وعراقيون، من بينهم جاسم الصحيح وحيدر العبد الله وسلطان الضيط وغيرهم.
وإلى جانب ذلك، ينظم المعرض أكثر من 60 ورشة عمل متعددة المشارب والاتجاهات الثقافية، يقدمها أكثر من 100 خبير ومتخصص في مجالات إبداعية متنوعة، من بينها ورش عن الكتابة والتأليف، وصناعة الأفلام والمسرح وفنون الطبخ وغيرها من المجالات، تشمل ورشاً عن فنون الطفل وإبداعاته، وتراث الأزياء في السعودية، وعوالم الكتابة في الخيال العلمي، وطرق تحفيز الأطفال على القراءة، ومراحل تأسيس الوكالة الأدبية، ودور وامتيازات الوكيل الأدبي، والكتابة المعمارية، وما الذي يمكن للفلسفة أن تتعلمه من الأطفال، وتقنيات كتابة قصص الكوميك والمانجا، إضافة إلى ورش في فنون الطبخ يقدمها طهاة مشهورون.
ويحتفي البرنامج الثقافي للمعرض بالفنون الإبداعية في «جادة الثقافة» التي ستحتضن تفعيلات ثقافية متنوعة في 16 منصة على امتداد «واجهة الرياض»، كما يقدم المعرض في مسرح جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن أربع أمسيات غنائية وموسيقية ذات قيمة فنية رفيعة، تبدأ بأمسية غنائية للفنان عبد الرحمن محمد، ثم أمسية موسيقية للموسيقار المصري عمر خيرت، وأمسية تجمع الموسيقي العراقي نصير شمة بمواطنه المطرب القدير سعدون جابر، فيما ستتناول الأمسية الرابعة الأغاني الشهيرة التي كتبها الشاعر الراحل الأمير عبد الله الفيصل لأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهما من نجوم الأغنية العربية. وإلى جانب ذلك، يحتضن مسرح الجامعة عرضاً موسيقياً بعنوان «عالم هانز زيمر»، ومسرحية للأطفال بعنوان «جزيرة الكنز»، ومسرحية الأطفال أميرات ديزني التي ستقام في مسرح مركز الملك فهد الثقافي.
وتأتي الدورة الجديدة من المعرض تحت شعار «وجهة جديدة، وفصل جديد»، ويحضر فيها العراق بوصفه «ضيف الشرف» وببرنامج احتفائي تقدم فيه نخبة من المثقفين والفنانين العراقيين ندوات وأمسيات ثقافية. وتعد هذه الدورة من المعرض الأولى التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت إشراف وزارة الثقافة، وهي الأكبر في تاريخه، حيث تشهد مشاركة أكثر من 1000 دار نشر محلية وعربية ودولية من 28 دولة.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».