لبنان: طوابير طويلة أمام محطات الوقود... ورفع جديد لسعر البنزين

العدادات تعجز عن استيعاب الأرقام الفلكية

محطة بنزين مقفلة في بيروت أمس رغم قرار رفع الدعم وجدول الأسعار الجديد (رويترز)
محطة بنزين مقفلة في بيروت أمس رغم قرار رفع الدعم وجدول الأسعار الجديد (رويترز)
TT

لبنان: طوابير طويلة أمام محطات الوقود... ورفع جديد لسعر البنزين

محطة بنزين مقفلة في بيروت أمس رغم قرار رفع الدعم وجدول الأسعار الجديد (رويترز)
محطة بنزين مقفلة في بيروت أمس رغم قرار رفع الدعم وجدول الأسعار الجديد (رويترز)

بلغ سعر صفيحة البنزين في لبنان رقماً قياسياً جديداً بعد إصدار «المديرية العامة للنفط» في وزارة الطاقة قراراً جديداً برفع الأسعار بعد أقل من أسبوع على قرار مماثل. وحددت الوزارة سعر الصفيحة بأكثر من 200 ألف ليرة لبنانية محتسبة إياه على أساس سعر الدولار بـ14 ألف ليرة؛ في وقت يتراوح فيه سعره في السوق الموازية بين 15700 و15900 ليرة، مقتربة بذلك من رفع الدعم كلياً عن البنزين بعدما رُفع عن المازوت. وردت مصادر وزارية الاستمرار في رفع الدعم على مراحل إلى تخوف المعنيين من أن ينعكس الرفع الكلي، وبالتالي توقف «مصرف لبنان» عن تأمين الدولارات للشركات المستوردة، على سعر الصرف، مما قد يؤدي إلى ملامسته 30 ألف ليرة للدولار. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك في أننا مقبلون عاجلاً أم آجلاً على رفع الدعم وتوقف (مصرف لبنان) عن تأمين الدولارات وتحرير الاستيراد، وذلك سيحصل كحد أقصى خلال شهر، لكن ما نسعى إليه حتى ذلك الحين القيام بخطوات من شأنها أن تؤدي للجم ارتفاع سعر الصرف من خلال إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد مجدداً؛ إضافة لإجراءات أخرى».
أما على الأرض؛ فأدى نفاد المخزون في كثير من المحطات من جهة، إضافة للتأخر في إصدار جدول الأسعار من جهة أخرى، إلى طوابير طويلة لا تنتهي. وبعدما اعتقد المواطنون أن الانتظار انتهى مع انصراف الشركات لتوزيع المحروقات بعد صدور الجدول، سجل مشكل تقني مرتبط بماكينات التعبئة؛ لأنها تستوعب 4 خانات للسعر فقط، ومع غلاء سعر صفيحة البنزين أصبح سعر الليتر يقارب 10000 ليرة؛ أي 5 أرقام؛ وهو ما لم تتمكن الماكينات في المحطات من استيعابه.
وانتظر شادي يونس (40 عاماً) أكثر من ساعتين أمس أمام إحدى محطات المحروقات في منطقة جبل لبنان سعياً لتعبئة خزان سيارته، إلا إن صاحب المحطة رفض أن يملأ خزانه بأكثر مما يعادل 150 ألف ليرة لبنانية. وقال يونس لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الكمية لا تكفيني لأكثر من يومين... وسيكون علي أن أقضي يوماً جديداً أمام المحطة لتعبئة البنزين. الذل الذي نعيشه غير مسبوق، ولا أعلم ما إذا كانت هناك نهاية لهذا النفق المظلم».
وأبقى معظم المحطات الأبواب مغلقة أمس بحجة نفاد مخزونها، علماً بأن قسماً منها، كما أكد عدد من المواطنين، كان ينتظر صدور جدول الأسعار الجديد ليبيع مخزونه بأسعار أعلى. وهو ما نفاه عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات، جورج براكس، الذي أكد أن «خزانات المحطات فارغة منذ أيام، لذلك لم تفتح أبوابها منذ أسبوع». وأوضح براكس لـ«الشرق الأوسط» أن «الشركات المستوردة بدأت بالتوزيع بعد ظهر أمس على أن تستكمله اليوم صباحاً؛ ما سيؤدي على الأرجح لنوع من الانفراج الذي سيشعر به المواطن». وعما إذا كان تحرير سعر الصرف سيؤدي لإنهاء ظاهرة الطوابير، عدّ براكس أن «الأزمة أكبر من أزمة استيراد؛ وهي أزمة مالية - نقدية كبيرة».
من جهتها؛ تحمل الباحثة في الشأنين الاقتصادي والمالي والأستاذة الجامعية الدكتورة ليال منصور، العشوائية في إدارة ملف رفع الدعم للوزارات المعنية؛ «سواء وزارة المال والاقتصاد، لا إلى (مصرف لبنان)» الذي تقول إنه أعلن أنه غير قادر على الاستمرار بالدعم، عادّةً أن «رفع الدعم على مراحل تحاول من خلاله القوى السياسية امتصاص غضب الناس، باعتبار أنهم بعدما أخفقوا في كل شيء يركزون اليوم على المستوى النفسي لتفادي الانفجار الاجتماعي بوجههم».
ورجحت أن ينعكس رفع الدعم عن المحروقات «ارتفاعاً إضافياً في سعر صرف الدولار؛ نظراً للطلب المرتفع الذي سيكون عليه لتأمين الاستيراد»، عادّةً «أننا نتجه عاجلاً أم آجلاً لدولرة الاقتصاد اللبناني بالكامل والاستغناء عن الليرة اللبنانية، وهذا سيتحول أمراً واقعاً باعتبار أنه لا حل آخر للأزمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.