عندما ودع أندري زوجته في أوديسا بجنوب أوكرانيا للتوجه إلى شرق البلاد الانفصالي كانت دوافعه عادية: الدفاع عن أسرته ومستقبله ضد «العدوان» الروسي لكن بفارق واضح، هو أنه يحمل جواز سفر روسيا.
وأندري (48 عاما) هو أحد الروس القلائل الذين لا يعرف عددهم بالتحديد والذين تطوعوا للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية ضد المتمردين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا والمدعومين من روسيا، بحسب كييف والغرب.
وأوضح أندري كراسيلنيكوف المولود في موسكو: «لسنا نحارب الروس، بل جيش (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». وأضاف: «لا يدعم الجميع في روسيا بوتين ونظامه، فهو نظام عسكري بوليسي يتصرف بشعبه كما يحلو له». ومع أن أندري يقيم في مرفأ أوديسا منذ عشر سنوات تقريبا وهو متزوج من أوكرانية ولهما ولد فإنه احتفظ بجواز سفره الروسي. وأضاف أن رفاقه في السلاح داخل «فرقة آيدار» للمتطوعين التي سبق وشاركت في المعارك على الجبهة في لوغانسك في فبراير (شباط) قبل دخول الهدنة الجديدة حيز التنفيذ في 15 من الشهر الماضي «لا يجدون أي غرابة في الأمر».
وفي روسيا قطع أندري كل علاقاته مع أصدقائه الذين اعتبروه «فاشيا» منذ أن شارك في المظاهرات المؤيدة لأوروبا في «ساحة ميدان» بكييف والتي أدت إلى سقوط النظام الأوكراني الموالي لروسيا. وأضاف: «اقتنعوا بأن أوكرانيا نظام فاشي» مستخدما التعابير التي يلجأ إليها الإعلام الروسي للإشارة إلى الحكومة الموالية للغرب في كييف.
وبالنسبة إلى عدد كبير من الروس الذين يتوجهون إلى شرق البلاد على أمل القتال إلى جانب قوات كييف في النزاع الذي أوقع أكثر من ستة آلاف قتيل خلال 11 شهرا، أو الحصول على الجنسية، فإن الواقع يبقى دون تطلعاتهم في كثير من الأحيان. فالسلطات المحلية تظل على حذرها منهم بينما يواجهون إمكانية الحكم عليهم بالسجن في حال عودتهم إلى روسيا. وفي ما يتعلق بأندري، فإن السلطات المحلية رفضت مؤخرا طلب تجديد إقامته. وأوضح أن أحد أسباب رغبته في التوجه إلى الجبهة هو أن موظفي الهجرة لن يبحثوا عنه هناك.
أما بيوتر ليوبتشنكوف، الناشط من المعارضة والمتحدر من كراسنودار بجنوب روسيا، فقد رفض طلبه للحصول على لجوء سياسي العام الماضي في أوديسا بينما اسمه مدرج على قائمة مطلوبين في روسيا بسبب دعمه للسلطات في كييف. وقدم ليوبتشنكوف (40 عاما) وهو عالم نفسي طلبا لاستئناف القرار. وكان عارض ضم القرم العام الماضي إلى روسيا حيث تلاحقه السلطان بتهمة السعي لتنظيم تجمع للمعارضة. وفتح تحقيق بحقه أسفر عن توقيف شخصين حتى الآن. وقال ليوبتشنكوف: «آمل ألا يتم طردي». وفي أوديسا، التحق ليوبتشنكوف بنشاطين مؤيدين لأوروبا وهو يساعدهم على معارضة المجموعات الانفصالية في هذه المدينة الناطقة بالروسية، كما شارك في تنظيم دورات مجانية لتعلم الأوكرانية في إحدى المكتبات المحلية.
البعض، على غرار إيليا بوغدانوف وهو قومي روسي من اليمين المتطرف يقاتل في أوكرانيا منذ الصيف، تمكن من تحقيق غاياته. فقد حصل إيليا الذي يقاتل إلى جانب مجموعة «برافي سيكتور» القومية وشبه العسكرية على الجنسية الأوكرانية قبل شهر. وأوضح: «كان أمرا صعبا للغاية على كل الأصعدة، فقد حاولوا عرقلة العملية، لكنني الآن مواطن أوكراني وأنا أقاتل للدفاع عن أرضي»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس. وتابع بوغدانوف المتحدر من فلاديفوستوك في أقصى شرق روسيا، أنه قطع كل علاقاته مع حياته السابقة بما في ذلك مع والدته التي يقول إنها مؤيدة لبوتين. وختم بوغدانوف الذي كان يتحدث من بلدة بيسكي القريبة من مطار دونيتسك الخاضع لسيطرة الانفصاليين منذ يناير (كانون الثاني) الماضي: «أقاتل ضد نظام بوتين من أجل أوكرانيا حرة وبيضاء وموالية لأوروبا».
روس يقاتلون بوتين.. في أوكرانيا
سلطات كييف تتعامل معهم بحذر رغم خدماتهم المفيدة لسياساتها
روس يقاتلون بوتين.. في أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة