اليمنيون يتذكرون «آلام» سبع سنوات من «نكبة» الانقلاب الحوثي

TT

اليمنيون يتذكرون «آلام» سبع سنوات من «نكبة» الانقلاب الحوثي

تحت شعار «ذكرى النكبة» أحيا اليمنيون مرور سبع سنوات على انقلاب ميليشيات الحوثي على الشرعية، مذكرين بالنتائج التي خلفها في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث تقدر الوكالات الأممية مقتل نحو 300 ألف جراء الحرب التي أشعلها الانقلابيون، إلى جانب أربعة ملايين نازح في الداخل، وأكثر من 20 مليون فقير يمثلون نسبة 80 في المائة من السكان يعيشون على المساعدات بينهم خمسة ملايين على مسافة خطوة من المجاعة، وصولا إلى طفل يموت كل عشر دقائق.
وفي إحصاءات متنوعة جمعها نشطاء مناهضون للانقلاب، أشاروا إلى الانقلاب الذي دمر الحياة السياسية الناشئة والهامش الديمقراطي المتاح، حيث اختطف الانقلابيون منذ اقتحامهم صنعاء 30 ألف مدني بينهم 450 امرأة، وفجروا 1200 منزل ومسجد وزرعوا حوالي مليوني لغم وجندوا 50 ألف طفل ودمروا نحو 2000 مدرسة ونهبوا 5 مليارات دولار احتياطي البنك المركزي، وما يعادل 20 مليار دولار إيرادات 6 سنوات، كما استولوا على 400 شركة ومنشأة خاصة، وصادروا رواتب مليون ونصف المليون موظف وموظفة.
وإلى جانب إغلاق كل وسائل الإعلام المستقلة والمعارضة فإن أخطر ما حمله الانقلاب - وفق مسؤولين ومراقبين للشأن اليمني - هو الممارسات الطائفية وسعي الحوثيين لفرض نظام طائفي يمثل نسخة من نظام الحكم في إيران، وتسخير وسائل الإعلام العامة للترويج لهذا الخطاب وتغيير المناهج الدراسية لخدمة هذا المشروع.
كما تسبب الانقلاب في حرمان الملايين من الأطفال من حق التعليم حيث لم يتمكن ثلاثة ملايين طفل من الالتحاق بالمدارس، إلى جانب تسرب نحو أربعة ملايين من مراحل التعليم لأسباب مختلفة يأتي في مقدمها الفقر وعدم وجود معلمين بعد إيقاف ميليشيات الحوثي صرف رواتب أكثر من 200 ألف معلم ومعلمة للعام الخامس على التوالي.
ومع حلول الذكرى السنوية للانقلاب ذكرت الأمم المتحدة أن 7.6 مليون شخص في البلاد يحتاجون إلى خدمات لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه، وأن من بين 7.6 مليون يمني هناك نحو 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة و1.2 مليون امرأة حامل ومرضعة يحتاجون إلى علاج من سوء التغذية الحاد. وأن قطاع الصحة لم يتلق سوى 11 في المائة من التمويل الذي يحتاجه للعام الجاري، في وقت الذي يحتاج فيه 20 مليون شخص للمساعدات الصحية.
وحسب بيانات الحالة الإنسانية فإن 51 في المائة فقط من المستشفيات تعمل بكامل طاقتها، فيما لا يوجد أطباء في 67 مديرية من أصل 333 في اليمن، حيث يموت طفل كل عشر دقائق بسبب أمراض يمكن الوقاية منها.
وطبقا لهذه البيانات فإن التصعيد العسكري في محافظة مأرب الذي بدأ في فبراير (شباط) استمر في أغسطس (آب) وأدى إلى نزوح أكثر من 24800 شخص حتى الآن.
وفي حين استهدف برنامج الأغذية العالمي 12 مليون شخص في كل أنحاء البلاد بالمساعدات الغذائية العامة خلال الشهر الماضي، لا تزال ملايين الأسر تواجه فجوات في استهلاك الغذاء. نظراً لأن نسبة متزايدة من هذه الأسر أصبحت أكثر اعتماداً على المساعدات الغذائية.
ووفق مشروع مراقبة الأثر المدني فقد ارتفع عدد الضحايا المدنيين(القتلى والجرحى) بسبب العنف المسلح في جميع أنحاء اليمن بنسبة 26 في المائة من الربع الأول إلى الربع الثاني من العام الحالي، وفي مأرب وحدها، بلغ عدد الضحايا المدنيين ضعف ما كان عليه في الربع الأول، مدفوعاً بزيادة في الحوادث التي تؤثر على المدنيين في المدينة.
ويشمل ذلك الأثر المحافظات الأخرى الأكثر تضرراً وهي الحديدة وتعز، كما رصدت المنظمة الدولية للهجرة، تهجير ما مجموعه 52 ألفا و536 فرداً في 13 محافظة من بين 24 محافظة خاضعة للمراقبة بين بداية العام وحتى منتصف الشهر الجاري.
وتوضح البيانات أن انتشار عدم كفاية استهلاك الغذاء قد ارتفع إلى حوالي 45 في المائة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية و40 في مناطق سيطرة الحوثيين في فبراير الماضي، قبل أن ينخفض إلى 34 في المائة و33 في المائة على التوالي، في أبريل (نيسان)، ثم ارتفع إلى حوالي 45 في المائة و37 في المائة على التوالي في شهر يونيو (حزيران) الماضي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.