فورنالس: الطريق لم يكن مفروشاً بالورود مع قدوم المدرب الجديد

لم يهتم نجم خط الوسط الإسباني بابلو فورنالس بطول الرحلة من الساحل الشرقي لإسبانيا إلى الطرف الشرقي للعاصمة البريطانية لندن. وعندما سُئل فورنالس عما إذا كان يعرف الكثير عن وستهام قبل الانتقال إليه في يوليو (تموز) 2019. رد قائلاً: «لكي أكون صريحاً، لم أكن أعرف الكثير عن النادي. كنت أعرف النادي بالطبع وأرى بعض مبارياته، لكنني لم أكن مشجعاً للنادي بنفس الطريقة التي أنا عليها الآن».
ويؤكد فورنالس على أنه وقع «تماماً» في حب هذا النادي، قائلاً: «لقد وقعت في حب هذا النادي، وأحببت الأغاني التي يرددها الجمهور، وتلك الإشارات التي يفعلونها عندما يرونني في الشارع، فلا يمكنك تجربة مثل هذه الأشياء في أي مكان آخر». قد يعتقد البعض أن ما يقوله فورنالس يحمل قدراً من المبالغة، لكنهم بالتأكيد سيغيرون وجهة نظرهم عندما يسمعونه وهو يغني نشيد نادي وستهام باللغتين الإنجليزية والإسبانية.
لقد غادر المدير الرياضي الذي تعاقد مع فورنالس بعد أقل من ستة أشهر من انتقال اللاعب الإسباني لوستهام. كما رحل المدير الفني الذي تعاقد معه أيضاً، تاركاً الفريق على بُعد نقطة واحدة فقط من المراكز المؤدية للهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز. وعلاوة على ذلك، كان الأمر يبدو وكأن فورنالس ليس من نوعية اللاعبين الذين يريدهم المدير الفني الجديد، ديفيد مويز، الذي يعتمد على طريقة لعب مختلفة تماماً تتطلب القوة والسرعة.
يقول فورنالس: «لقد كان الأمر بمثابة صدمة بعض الشيء، لأنني كنت أعتقد أنني لاعب جيد». ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل كان هناك الوباء الذي جعله محبوساً بمفرده في شقته بلندن. لكن فورنالس لعب دوراً أساسياً في إنقاذ وستهام من الهبوط تحت قيادة مويز، قبل أن ينهي الفريق الموسم الماضي في المركز السادس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أفضل مركز يحتله النادي خلال هذا القرن، وهو الأمر الذي أهل النادي للمشاركة في بطولة الدوري الأوروبي. وفاز وستهام على فريق دينامو زغرب بطل كرواتيا 2 - صفر، في أول مباراة أوروبية لفريق وستهام منذ عام 2016. ويحتل وستهام حالياً المركز الثامن بعد الهزيمة أمام مانشستر يونايتد في المرحلة الخامسة والتعادل مع ساوثهامبتون في المرحلة التي سبقتها. وسجل فورنالس هدفين في ثلاث مباريات في بطولة الدوري الإنجليزي، كما عاد إلى قائمة المنتخب الإسباني بعد غياب دام ثلاث سنوات وأحرز هدفاً في آخر مباراة أمام كوسوفو.
وأشاد فورنالس بقائد نادي وستهام وفضله عليه في بداية مسيرته مع الفريق، مارك نوبل، قائلاً: «لقد بدأ الأمر بأكمله بين شوطي مباراتنا أمام ليفربول على ملعب أنفيلد. لقد تعرض أحد اللاعبين لإصابة، وكانت هناك شكوك حول ما يجب القيام به لأن المدير الفني كان قد تولى مهمة الفريق للتو. سأل مويز مارك عما يتعين عليه القيام به، وكان مارك في تلك المرحلة من مسيرته الكروية هو الرابط بين المدير الفني واللاعبين. وهنا نظر مارك إلي، ثم طالب المدير الفني بأن يمنحني الفرصة. لقد سجلت هدفاً في مرمى ليفربول في ذلك اليوم، ولن أنسى هذا اليوم أبداً، لأنه ساهم بشكل كبير فيما حدث بعد ذلك».
كان ذلك في فبراير (شباط) 2020. ثم واصل فورنالس التألق وصنع هدفين في المباراة التالية أمام ساوثهامبتون. وكان فورنالس قد شارك في التشكيلة الأساسية لوستهام في مباراة واحدة فقط من المباريات الخمس السابقة التي لعبها الفريق في الدوري، لكنه شارك في التشكيلة الأساسية في المباريات الـ11 التالية. ثم شارك أساسياً في 31 مباراة في الموسم التالي. وسجل النجم الإسباني هدفين في مرمى ساوثهامبتون وقاد وستهام للمشاركة في بطولة الدوري الأوروبي.
لكن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود أمام اللاعب الإسباني، حيث تم تطبيق إجراءات الإغلاق بعد فترة وجيزة من مباراة ليفربول، رغم أن ذلك الأمر ربما صب في مصلحته أيضاً، حيث منح هذا التوقف النادي فرصة للبدء من جديد. يقول فورنالس: «لقد كانت أسابيع صعبة للغاية. لقد كان الأمر صعباً بالنسبة لي كما كان الحال بالنسبة لأي شخص آخر، لكنني كنت بمفردي طوال الوقت. ليس لدي مانع في أن أبقى في المنزل لفترات طويلة، لكنني بحاجة إلى الخروج أيضاً، حيث يمكنني أن أخرج في نزهة سيراً على الأقدام أو أن أركب الدراجة وأشاهد أشياء مختلفة. الشيء الوحيد الذي كان يمكننا القيام به في لندن هو الرياضة، فقد كان هذا هو السبيل الوحيد للخروج. لذلك، كنت أخرج لكي أركض كل صباح. لقد طالبنا النادي بالقيام ببعض الأشياء في المنزل، كما كنت أتدرب مع مدرب لياقة عبر الإنترنت. كنت أخصص 60 في المائة من يومي للتدريبات».
وكان زملاؤه يعرفون أنه كان بمفرده. يقول اللاعب الإسباني عن ذلك: «كل أسبوع، كان يتصل بي أربعة أو خمسة أو ستة من زملائي يسألونني عن حالتي ويسألونني إذا كنت بحاجة إلى أي شيء. وكان قائد الفريق يفعل ذلك دائماً. لم أفكر أبداً في الرحيل عن النادي. لقد استغليت فترة الإغلاق لتقليل الوقت الذي كنت أحتاجه للتكيف مع فريقي الجديد، لأنني كنت أتدرب كثيراً. أعتقد أن ذلك الأمر ساعدنا أيضاً من الناحية الذهنية، لأننا كنا نعاني في الدوري، وعدنا بعد ذلك ولدينا تصميم أكبر من أي وقت مضى على أننا لن نهبط إلى دوري الدرجة الأولى».
ويضيف: «لقد جعلنا مويز نلعب كرة قدم مختلفة تماماً عما كنت معتاداً عليها، بل ومختلفة حتى عما كنت ألعبها تحت قيادة مانويل بيلغريني. عندما لا تسير النتائج على ما يرام، تحدث بعض التغييرات لكن لا يمكن تغيير جميع اللاعبين، وبالتالي تفضل الأندية الإطاحة بالمدير الفني. لكنني لم أكن لاعب مانويل بيلغريني، لكنني كنت لاعب وستهام يونايتد، وكنت أدرك تماماً أنه يتعين علي أن أثبت نفسي أمام المدير الفني الجديد. أريد أن أشارك دائماً في المباريات، والطريقة التي يعتمد عليها المدير الفني الجديد تساعد على تحقيق نتائج جيدة».
يقول فورنالس: «أنا سعيد جداً لأنني تعلمت أشياء جديدة، فكلما أضفت المزيد لطريقة لعبي وطورت قدراتي وإمكانياتي كان ذلك أفضل. لقد أصبحت الآن لاعباً أكثر تكاملاً وأكثر تنوعاً. في الآونة الأخيرة، أصبحنا نبني الهجمات من الخلف بشكل أفضل، وربما أصبحنا نستحوذ على الكرة لفترات أطول، لكننا لم نتخل عن الطريقة الأساسية للعبنا، وهي قطع الكرة من المنافس في أسرع وقت ممكن وشن هجمات مرتدة سريعة، واللعب بشكل جماعي في الشق الدفاعي وتصعيب الأمور تماماً على المنافس».
لكن ماذا عن العلاقة مع المهاجم ميخائيل أنطونيو؟ يقول فورنالس مبتسماً: «هذه العلاقة واضحة للجميع، أليس كذلك؟ من الجيد أن يكون هناك تفاهم بينك وبين جميع اللاعبين، لكن هناك علاقة من نوع خاص مع أنطونيو، فهو يعرف جيداً ما الذي سأفعله وأين سأركض، كما أنني أعرف ما الذي سيفعله، وما إذا كان يريد أن ألعب له كرة طولية أو أن ألعب له الكرة في قدميه. إننا نعرف مكان بعضنا بعضاً داخل الملعب حتى من دون أن ننظر لبعضنا. المدير الفني للمنتخب الإنجليزي كان لديه أسبابه لعدم استدعاء أنطونيو، لكن يمكنه اللعب لمنتخب جامايكا الآن، وهو من نوعية اللاعبين الذين يمكنهم صناعة الفارق في أي لحظة بقوته وأهدافه».
وبعد الفوز على دينامو زغرب الكرواتي في الدوري الأوروبي يقول فورنالس: «لا يمكنك أن تشتت انتباهك بعيداً عن الدوري الإنجليزي الممتاز، لكننا - كمشجعين ومسؤولين ولاعبين - نشعر بحماس هائل للعب في بطولة الدوري الأوروبي». ويرفض مويز المدير الفني لفريق وستهام الإفراط في الحماس رغم أن فريقه أصبح أول فريق يفوز على فريق دينامو زغرب على أرضه في 14 مباراة بدور المجموعات بالدوري الأوروبي. وقال مويز: «دعونا لا نبالغ بشعورنا بالسعادة بهذا بالإنجاز، لعبنا مباراة واحدة في المجموعة وستكون هناك فرق كبيرة تدخل هذه البطولة عقب استئنافها بعد أعياد الكريسماس».