أوروبا تبحث إنشاء «وكالة للعلوم البيولوجية»

مهمتها رصد الأوبئة حول العالم ومنع ظهور الجوائح

أوروبا تبحث إنشاء «وكالة للعلوم البيولوجية»
TT

أوروبا تبحث إنشاء «وكالة للعلوم البيولوجية»

أوروبا تبحث إنشاء «وكالة للعلوم البيولوجية»

تستعد المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع للمباشرة في مناقشة الاقتراح الذي انكبّت على إعداده الأجهزة الصحية والعلمية في الاتحاد طوال الأشهر الماضية، والذي يهدف إلى إنشاء وكالة أوروبية للعلوم البيولوجية تكون مهمتها رصد التطورات الوبائية في أوروبا والعالم ومنع ظهور جوائح صحية في المستقبل.
وتستضيف العاصمة النمساوية يوم الأربعاء المقبل الاجتماع التنسيقي الأخير بين ممثلين عن الأجهزة الصحية في بلدان الاتحاد لمناقشة الخطة التي وضعتها المفوضية بالتعاون مع الوكالة الأوروبية للدواء والمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها، تمهيداً لعرضها على مجلس وزراء الصحة منتصف الأسبوع المقبل في بروكسل.
وكانت رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين قد أعلنت في خطابها أمام البرلمان الأوروبي في 15 الجاري عن خطة لإنشاء هذه الوكالة لترصّد الأزمات الصحية والحيلولة دون تحوّلها إلى جوائح على غرار ما حصل مع كوفيد 19، وقالت: «نملك القدرات العلمية والابتكارية الكافية والمعارف الواسعة في القطاعين العمومي والخاص، وما يلزمنا الآن هو توفير التمويل الكافي لكي يبدأ هذا الجهاز الحيوي نشاطه في أسرع وقت ممكن»، كاشفة أن المفوضية رصدت للوكالة مبلغ 50 مليار يورو من الآن حتى عام 2027.
وتجدر الإشارة إلى أنه مع بداية ظهور المؤشرات الأولى للجائحة أواخر خريف عام 2019 اعترفت المفوضية الأوروبية بأنها لا تملك الآليات اللازمة لمواجهة طوارئ صحية على نطاق واسع، وشرعت في اتخاذ تدابير هادفة إلى مدّ الجهاز التنفيذي للاتحاد بصلاحيات للمراقبة الدائمة والتنسيق في المجال الصحي على غرار الصلاحيات التي تملكها ضمن منطقة اليورو في المجالين الاقتصادي والمالي. وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها قد أشار غير مرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى وكالة مثل الهيئة الأميركية للبحوث الوبائية، تشرف على تنسيق السياسات والتدابير الوطنية لرصد الطوارئ الصحية ومواجهتها، وتكون المرجع الأخير لتحديد التوجيهات التي تستند إليها الدول الأعضاء في خطط المكافحة.
ويستفاد من المسودّة الأخيرة لمشروع إنشاء الوكالة التي من المقترح أن يطلق عليها «الهيئة الأوروبية للتأهب والاستجابة في الطوارئ الصحية»، أنها ستكون الجهاز الأوروبي الأساسي في التصدّي المبكر للأزمات الصحية، والمشرف على توجيه وتنسيق قطاع صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية في بلدان الاتحاد «والساهرة على ألا يتحوّل أي وباء فيروسي محلي إلى جائحة صحية عالمية». ويقول خبراء المفوضية إنهم، لدى إعداد مسودّة المشروع وتحديد صلاحيات الوكالة ووضعها القانوني، استندوا إلى الصيغة المعتمدة في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض السارية ومعهد روبرت كوخ في ألمانيا، وهي هيئات مستقلّة ترفع توجيهات وتوصيات إلى الحكومات كي تحدد على أساسها التدابير اللازمة لمواجهة الطوارئ الصحية.
وتجدر الإشارة إلى أن الجمعيات الوطنية للعلوم الوبائية في بلدان الاتحاد الأوروبي تطالب بإنشاء مثل هذه الوكالة منذ بداية الجائحة التي كشفت العجز الفاضح لدى جميع الدول الأوروبية في الاحتكام إلى مرجعية علمية واحدة تستند إلى توجيهاتها وتوصياتها لاتخاذ تدابير الوقاية من الوباء واحتوائه. ومن مواطن الضعف الرئيسية التي كشفتها الجائحة على الصعيد الأوروبي، أن الصلاحيات الصحية هي حصراً بيد الحكومات الوطنية، وأن المفوضية لا تملك أي سلطة في هذا المجال، الأمر الذي حال دون تجميع البيانات وتوحيدها وتحليلها والاستناد إليها لاتخاذ التدابير على الصعيد الأوروبي.
وتأتي هذه الخطوة للمفوضية الأوروبية بعد أن تمكّن الاتحاد من تجاوز العثرات العديدة التي مرّ بها خلال الأشهر الأولى من مكافحة الوباء وتوزيع اللقاحات، ليتصدّر الجهود الدولية في التطعيم واستئناف دورة النشاط الاجتماعي والاقتصادي. وتفاخر رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين بأن الاستراتيجية المشتركة التي وضعتها لشراء اللقاحات، والتي واجهت انتقادات شديدة في المرحلة الأولى، هي التي سمحت اليوم بتلقيح ما يزيد على 70 في المائة من سكان الاتحاد، وأن شهادة التلقيح الإلكترونية أعادت الحركة إلى المفاصل الأوروبية بعد أشهر من الشلل التام.
وقالت فون در لاين في تصريحات لها أمس الاثنين إن «التأهب لمواجهة الجوائح المقبلة التي بات الجدل العلمي يدور حول توقيتها وليس حول حدوثها، هو اليوم في صدارة اهتمام الاتحاد الأوروبي»، وكشفت أن الاحتياط الراهن من اللقاحات في الدول الأعضاء يزيد على 1800 جرعة من لقاح فايزر - بيونتك، أي ما يكفي حتى نهاية عام 2023 لمواجهة موجات وبائية جديدة أو توزيع جرعة إضافية لتعزيز الحماية المناعية.
وبعد أن نبّهت رئيسة المفوضية أن بعض بلدان الاتحاد، مثل بلغاريا ورومانيا، ما زالت متأخرة عن تحقيق أهداف التغطية اللقاحية، ودعتها إلى الإسراع في توزيع الجرعات قبل بلوغ فصل الشتاء، قالت إن البطء الذي تسير فيه حملات التطعيم على الصعيد الدولي هو مبعث قلق، وأن «جسامة الإجحاف ظاهرة للعيان» حيث إن اللقاحات الموزّعة على البلدان متدنية الدخل هي دون واحد في المائة من الموزعة عالمياً. وقالت فون در لاين إن المفوضية الأوروبية رصدت مليار يورو من أجل إنشاء مصانع لإنتاج لقاحات بتقنية الحمض النووي الريبي RNA في القارة الأفريقية، واقترحت تقديم 250 مليون جرعة لقاح إلى برنامج كوفاكس الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى 200 مليون جرعة سبق للاتحاد الأوروبي أن تبرّع بها لهذا البرنامج.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

للمرة الأولى... درجات الحرارة العالمية تتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية في 2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

للمرة الأولى... درجات الحرارة العالمية تتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية في 2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا، يوليو الماضي (أ.ف.ب)

قال علماء، الجمعة، إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وذكرت خدمة «كوبرنيكوس» لمراقبة تغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، أن تغير المناخ يدفع درجة حرارة الكوكب إلى مستويات لم يشهدها البشر من قبل في العصور الحديثة. وقال كارلو بونتيمبو، مدير الخدمة، لوكالة «رويترز»، إن «المسار لا يصدق»، ووصف كيف كان كل شهر في عام 2024 هو الأكثر دفئاً أو ثاني أكثر شهر دفئاً منذ بدء التسجيلات.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

وقالت كوبرنيكوس إن متوسط درجة حرارة الكوكب في عام 2024 كان أعلى بمقدار 1.6 درجة مئوية، عمّا كان عليه في الفترة بين 1850 و1900، وهي «فترة ما قبل الصناعة» قبل أن يبدأ البشر في حرق الوقود الأحفوري الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع. وكان العام الماضي هو الأكثر سخونةً في العالم منذ بدء التسجيلات، وكانت كل سنة من السنوات العشر الماضية من بين الأعوام العشرة الأكثر دفئاً على الإطلاق.

ورجّح مكتب الأرصاد الجوية البريطاني أن تكون درجات الحرارة قد تجاوزت عتبة 1.5 درجة مئوية في عام 2024، ومن المتوقّع أن ينشر علماء أميركيون بيانات للمناخ في عام 2024 اليوم الجمعة.

وتعهّدت الحكومات بموجب اتفاق باريس لعام 2015 بمحاولة منع متوسط درجات الحرارة من تجاوز 1.5 درجة مئوية، لتجنّب حدوث كوارث مناخية تكون أكثر حدة وأعلى تكلفة. ولا يخرق أول ارتفاع سنوي فوق مستوى 1.5 درجة مئوية هذا الهدف، إذ إنه يقيس متوسط درجات الحرارة على الأجل الأطول.

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل، سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال بونتيمبو إن ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري يعني أن العالم يتجه لتجاوز هدف باريس قريباً، لكن الأوان لم يفت بعد لتقوم البلدان بخفض الانبعاثات بسرعة لتجنب ارتفاع الاحتباس الحراري إلى مستويات كارثية. وتابع بونتيمبو: «الأمر لم ينته. فلدينا القدرة على تغيير المسار بداية من الآن».