المغرب: انتخابات رئاسة البلديات والجهات تكرّس سقوط «العدالة والتنمية»

عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية المكلف (أ.ف.ب)
عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية المكلف (أ.ف.ب)
TT

المغرب: انتخابات رئاسة البلديات والجهات تكرّس سقوط «العدالة والتنمية»

عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية المكلف (أ.ف.ب)
عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية المكلف (أ.ف.ب)

تواصلت في المغرب أمس انتخابات رؤساء المجالس الجماعية (البلديات) والجهات، بعد إجراء انتخابات 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، وتميزت بإبعاد حزب «العدالة والتنمية» (مرجعية إسلامية) من تسيير المدن الكبرى والجهات، بعد أن هيمن عليها في انتخابات 2016.
وجرى في مدينة فاس، أمس، انتخاب عبد السلام البقالي، المنتمي لحزب «التجمع الوطني للأحرار»، عمدة لفاس، ليخلف إدريس الأزمي الإدريسي، المنتمي لحزب «العدالة والتنمية».
يأتي ذلك في وقت لم يتمكن فيه حميد شباط؛ الأمين العام السابق لحزب «الاستقلال»، من الظفر بعمدية المدينة، بعدما ترشح لها باسم حزب «جبهة القوى الديمقراطية». وحصل العمدة الجديد لفاس على 59 صوتاً من أصل 91 مجموع أعضاء مجلس المدينة.
وفي مدينة الدار البيضاء، جرى أمس انتخاب نبيلة الرميلي، المنتمية لحزب «التجمع الوطني للأحرار»، عمدة لمدينة الدار البيضاء، خلفاً لعبد العزيز العمري، من «العدالة والتنمية»، وذلك إثر تحالف بين أحزاب «الأصالة والمعاصرة» و«التجمع الوطني للأحرار» و«الاستقلال». وفازت الرميلي على منافسها الوحيد عبد الصمد حيكر، من حزب «العدالة والتنمية»، متفوقة عليه بـ105 أصوات، فيما حصل حيكر على 18 صوتاً فقط هي أصوات «العدالة والتنمية» في المجلس.
وفي مدينة أصيلة، جرى انتخاب محمد بن عيسى، وزير خارجية المغرب الأسبق، وأمين عام «منتدى أصيلة»، أمس، رئيساً للمجلس البلدي لمدينة أصيلة لولاية جديدة، بعد أن فاز في الانتخابات البلدية يوم 8 سبتمبر الحالي بـ23 مقعداً من مجموع 30. وحصل بن عيسى على 25 صوتاً من مجموع 30. وترشح بن عيسى باسم حزب «الأصالة والمعاصرة»، الذي يتزعمه المحامي عبد اللطيف وهبي. وانتخب بن عيسى منذ عام 1983 رئيساً لبلدية أصيلة، كما سبق له أن انتخب نائباً للمدينة في البرلمان في عامي 1977 و1984.
وتوقف المراقبون عند انتخاب 3 نساء نائبات لرئيس بلدية أصيلة من بين 6 نواب للرئيس. وعرف عن مجالس بلدية أصيلة منذ أكثر من 3 عقود حرصها على احترام المناصفة لدى تشكيل مكاتب المجالس.
وفي مدينة الحسيمة (شمال)، جرى انتخاب نجيب الوزاني، المنتمي لحزب «الحركة الشعبية»، رئيساً جديداً لمجلس بلدية الحسيمة، بعد أن تفوق على منافسته فاطمة السعدي من حزب «الأصالة والمعاصرة».
وبخصوص انتخابات رئاسة الجهات، جرى أمس انتخاب أهرو أبرو، مرشح حزب «التجمع الوطني للأحرار» لرئاسة جهة درعة - تافيلالت، ليعوض الحبيب الشوباني، المنتمي لحزب «العدالة والتنمية». كما جرى انتخاب عمر مورو رئيساً لجهة طنجة - تطوان - الحسيمة، خلفاً لفاطمة الحساني، التي كانت منتمية إلى حزب «الأصالة والمعاصرة»، قبل أن تترشح في آخر لحظة باسم «التجمع الوطني للأحرار».
في غضون ذلك، أفاد بيان صادر عن «المجلس الوطني» لحزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، (أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر)، بأن الحزب؛ الذي حصل على 34 مقعداً في مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، يرغب في المشاركة بحكومة عزيز أخنوش «في حالة تلقيه عرضاً مقبولاً، ومنسجماً مع طموح تشكيل حكومة متضامنة ومنسجمة وقوية».
يأتي ذلك في وقت يرتقب فيه أن يعلن عزيز أخنوش، وزير الحكومة المكلف، عن الأحزاب التي سيشكل معها الأغلبية الحكومية، وهما حزبا «الأصالة والمعاصرة»، و«الاستقلال»، وهما الحزبان الوحيدان اللذان قدم لهما أخنوش عرضاً للمشاركة في الحكومة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.