«القوات» يرجح فشل الحكومة ويعتبرها «خاضعة لطهران» أكثر من حكومة دياب

TT

«القوات» يرجح فشل الحكومة ويعتبرها «خاضعة لطهران» أكثر من حكومة دياب

صحيح أن حزب «القوات اللبنانية»، وهو الحزب الوحيد في البرلمان اللبناني الذي قرر حجب الثقة عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أعلن أنه سيثني على الحكومة إذا أحسنت التصرف وسينتقدها عند كل خطأ وتقصير، إلا أنه يمكن الحديث عن قناعة «قواتية» راسخة بأن الفشل سيكون نصيبها على قاعدة أن «من أوصل البلد للانهيار لا يمكن أن يكون هو نفسه من ينقذه».
فمنذ قرار رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري طرح نفسه رئيسا مكلفا، كان القرار القواتي واضحاً بعدم تسميته كما بعدم المشاركة بحكومته. ما سرى على الحريري سرى أيضا على ميقاتي فرفضت كتلة «الجمهورية القوية» وهي كتلة «القوات» النيابية، تسميته أو تسمية أي شخصية أخرى في الاستشارات الملزمة، كما أعربت منذ البداية عن عدم استعدادها للمشاركة بحكومته. اليوم ومع قرار قيادة «القوات» المنتظر بعدم إعطائها الثقة، تكون اختارت مرة جديدة الوجود في صفوف المعارضة، وهو قرار يعتبر كثيرون أنه قد يكون مكلفا خاصة أن البلد على عتبة انتخابات نيابية يفترض أو تسعى الأحزاب بإطار استعدادها لها للوجود في السلطة لتأمين بعض الخدمات للناخبين لحثهم على التصويت لصالحها.
لكن يبدو، أن القواتيين يعولون على أن يخدمهم شعبيا الوجود في المعارضة في هذه المرحلة لاقتناعهم بأن «الناس ستحاسب في صناديق الاقتراع الممسكين بزمام الحكم وليس القوى التي اختارت طوعا ومنذ فترة المعارضة».
ويعتبر عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبة قاطيشا أن «من المستحيل أن ينجح من أوصل البلد للانهيار بانتشاله منه»، جازما بأن مصير الحكومة الجديدة سيكون الفشل. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ عامين طالبنا بتسليم الحكم ومهمة الإصلاح والإنقاذ لأشخاص مستقلين من خارج كنف القوى السياسية الحالية وقد كنا على استعداد لنكون أول من يدعم هذا المسار بوجودنا خارج السلطة لاقتناعنا بأن هناك مسؤوليات نتحملها جميعا بوصول البلد إلى ما وصل إليه، لكن أحدا لم يلاقنا في منتصف الطريق من هنا كان قرارنا القاطع برفض أن نكون شهود زور على الانهيار المتواصل».
ولعل أبرز ما يجعل قاطيشا متأكدا أن مصير حكومة ميقاتي الحالية سيكون شبيها بحكومة حسان دياب هو غياب الغطاء العربي، معتبرا أن هذه الحكومة خاضعة لإيران أكثر مما كانت حكومة دياب خاضعة لها، متسائلاً: «كيف نتوقع من الإخوة العرب أن يساعدونا و(حزب الله) يرهن البلد لمصلحة طهران؟!».
ولا يبدو أن لـ«القوات» خطة معينة للمرحلة المقبلة سوى الاستعداد للانتخابات النيابية المرتقبة في مايو (أيار) المقبل. ويشدد قاطيشا على أن «الخيار الوحيد للإنقاذ حاليا هو بالعودة إلى الناس لإنتاج سلطة جديدة، فإما تختار الأكثرية الاستمرار بتغطية (حزب الله) والانهيارات التي أوصل البلد إليها وإما تنتفض فارضة مسار الإنقاذ والإصلاح الحقيقي».
ومن المفترض أن يبدأ حزب «القوات» كما باقي الأحزاب خلال أسابيع أو أشهر معدودة بالبحث جديا بالتحالفات الانتخابية التي ستخوض على أساسها الاستحقاق النيابي. فإن دققنا بعلاقات «القوات» السياسية الحالية نرى الجفاء مسيطرا على علاقتها بمعظم الأحزاب. وإن كان يمكن استثناء العلاقة الجيدة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. أما على الساحة المسيحية، فالخصومة والعداء هما المسيطران على علاقة القواتيين بالأحزاب المسيحية الأخرى وأبرزها علاقته بـ«التيار الوطني الحر».
التي تشهد أحيانا نوعا من الهدنة ثم تندلع الحرب بينهما من جديد. وآخر فصولها محاولة «الوطني الحر» اتهام «القوات» بامتلاك كميات نيترات الأمونيوم التي وجدت مؤخرا في منطقة بدنايل شرق البلاد، ما دفع الدائرة الإعلامية في «القوات» لإصدار بيان عالي اللهجة يوم أمس، وصفت فيه «الوطني الحر» بـ«تيار الكذب بامتياز»، معتبرة أنه يحاول بالوسائل كلها إعادة تعويم نفسه في الوقت الحاضر من القعر الذي يتخبط في وسطه بفعل سياساته وانكشاف أمره أمام الرأي العام.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».