سوريا على مشارف الحل السياسي ودور المعارضة السياسية

كاتب لبناني مقيم في لندن

سوريا على مشارف الحل السياسي ودور المعارضة السياسية
TT

سوريا على مشارف الحل السياسي ودور المعارضة السياسية

سوريا على مشارف الحل السياسي ودور المعارضة السياسية

عامان وأكثر والأزمة السورية تسير في مسار واحد: تدمير لسوريا سواء كان على صعيد اللحمة الاجتماعية أو البنية التحتية ومقومات الدولة؛ رغم كل هذه العوامل والمؤشرات فإن النظام البعثي السوري لا يزال متمسكا بالسلطة. ثمة مؤشرات برزت في الآونة الأخيرة تدل على أن الإدارة الأميركية ستنشط في الأيام المقبلة لتحريك الملف السوري، ومحاولة إنقاذ الوضع قبل فوات الأوان. هذا التدخل الأميركي تفرضه شروط محلية سورية بحتة وإقليمية ودولية، وعلى ضوئها سيصاغ الحل السوري؛ فسوريا ليست دولة عادية بل هي في قلب العالم العربي، وموقعها الجيوسياسي، والمعنوي، والتاريخي، وتركيبتها السكانية تفرض على الجميع الانتباه والاحتراز من التشظيات المخيفة إذا لم تتمكن جميع الأطراف من إيجاد حل سريع وعادل للأزمة السورية.
على الصعيد المحلي السوري البحت توجد قناعة بأن النظام لم يعد قادرا على الاستمرار في المعركة، لأن قدرته في تراجع ومع تراجعها تتفكك الدولة، وتتفتت اللحمة الوطنية السورية. فالمعارضة السورية استطاعت أن تجتاز أصعب المراحل عندما كانت تقاتل عارية الصدر، والنظام فشل أكثر في تقديم حل سياسي كان من شأنه أن يجنبه الكثير من الخسارة، ولربما ضمن له موقعا في المعادلة السورية المستقبلية. فالشعب السوري، ولنكن واقعيين، لم يعد يرى في بشار رئيسا بل تحول إلى رئيس لطائفة. لقد أثبت الرئيس السوري أنه ليس سياسيا وأن منطقه في السلطة لا يختلف عن أي منطق حاكم مستبد آخر يؤمن بشعار: أنا أو الطوفان!
على الصعيد الإقليمي لا تزال إيران تصر على أن بشار خط أحمر، وتعتقد أنها قادرة على فرض الحل الذي يحقق مصالحها. وقد يتفهم المرء هذا التشدد الإيراني لأن سوريا تمثل خاصرة السياسة الخارجية الإيرانية، وقلب التمدد في العالم. وتكمن المشكلة أن القيادة الإيرانية لا تلقي بالا إلى تعقيدات الوضع السوري، وكأنها بهذا الاستخفاف تساوم على تعقيداته لإجبار القوى الأخرى الإقليمية والدولية لكنها بذلك تدفع الدول الإقليمية الأخرى للعمل بأقصى ما يمكنها لمنع تحقق المصالح الإيرانية؛ ولهذا بالإمكان رؤية المفاصلة القائمة على الأرض السورية حيث إيران تدعم النظام بكل أشكال الدعم، والدول الإقليمية الفاعلة تدعم المعارضة بقدر ما تسمح به المعادلة الدولية. الدول الإقليمية بدأت مؤخرا تتجاوز الخطوط الدولية مما انعكس تقدما ملحوظا للمعارضة المسلحة على الأرض السورية في المدة الأخيرة. ويمكن قياس هذا التقدم العسكري ليس من خلال المساحات التي احتلتها المعارضة بل من خلال لجوء النظام السوري إلى أكثر أنواع الأسلحة فتكا والتي هدفها في المقام الأول معنوي لإظهار قدرة النظام، وثانيا لإفهام المعارضين السوريين، والمدنيين بأن النظام قادر على تدمير أي منطقة تقع في يد المعارضة وبالتالي حرمانها من الحياة الطبيعية. كما أن ضعف النظام بدا واضحا لدرجة أنه بدأ يستعين بحزب الله وعناصر من ميليشيات شيعية عراقية، وأخيرا بعناصر من الحرس الثوري الإيراني. وقد وصل الأمر ذروته بإعلان المسؤول عن الدعاية الناعمة الإيراني أن سقوط النظام السوري سيكون أفظع من سقوط منطقة الأهواز الإيرانية العربية.
هذان التطوران المحليان سيترتب عليهما تطور دولي لافت وبالذات من طرف الإدارة الأميركية التي بدأت تستشعر الخطر الداهم من الأزمة السورية ليس فقط على التركيبة السورية بل على منطقة الشرق الأوسط، وعلى سمعتها في العالم؛ فعلى صعيد السمعة تشعر الإدارة الأميركية أنها تخسر يوميا الورقة الأخلاقية أمام فظاعة ما يجري في سوريا ولم تعد الإدارة الأميركية قادرة على غض الطرف لأنها إن فعلت ستخسر حتى الذين يؤيدونها في المنطقة. كما أنها لا يمكنها أن تركز على قضاياها الداخلية وعلى الدول الصاعدة في آسيا، وتترك الشرق الأوسط، لأنها إن فعلت ذلك فإن حلفاءها في آسيا سيشككون في مصداقيتها، وتتخلى عنهم في لحظة ما مثلما تخلت عن منطقة الشرق الأوسط. وكم كانت عبارة الرئيس المصري السابق معبرة عندما قال، نقلا عن وزير خارجيته السابق أحمد أبو الغيط، إن الذي يتغطى «بالأميركان عريان».
كما أثبت الغياب الأميركي عن الأزمة السورية انفراد روسيا بملفها، وعجز الاتحاد الأوروبي؛ فروسيا استفردت في الساحة السورية لاعتقادها بأن الولايات المتحدة لن تغامر كثيرا، ولقناعتها أن الاتحاد الأوروبي عاجز سياسيا وحتى عسكريا. وقد يفهم أو لا يفهم المراقب الموقف الروسي إلا أنه لا بد أن يسلم في النهاية أن السياسة الخارجية لا تحكمها فقط مصالح الدول بل أحيانا، وفي الدول الاستبدادية، شخصية القائد ورؤيته للعالم؛ فالرئيس بوتين تربطه صداقة مع القيادة السورية، ومصاب بعقدة انهيار الاتحاد السوفياتي، ويشعر بأن الفرصة سانحة لإثبات نفسه في الساحة السورية؛ لكنه كمن يحفر خندقا وكلما حفر أكثر تزايدت استحالة خروجه؛ وتشعر روسيا الآن أنها بحاجة إلى انخراط أميركي لإنقاذها من الحفرة التي أوقعت نفسها فيها، ولا يمكن فهم تصريح وزير الخارجية الروسي لافروف مؤخرا بأن استمرار الحرب سيؤدي إلى انهيار الدولة السورية إلا في هذا السياق.
وفق هذه القراءة يمكن القول إن كل الأطراف أصبحت جاهزة لإيجاد حل للأزمة وإن مقومات هذا الحل وبنوده الأساسية هي التي الآن محل تفاوض؛ فالمعارضة السورية السياسية نجحت لأول مرة، بإعلانها عن مقاطعة اجتماع أصدقاء الشعب السوري، وتعليق زيارتيها لأميركا وروسيا، في إجبار الجميع على الانتباه إلى أن وراءها شعبا يقاتل بدمه ولحمه. وقد أجبرت بالفعل المعارضة السياسية السورية أميركا على إدانة استخدام النظام السوري لصواريخ سكود وعلى تقديم وعود بريطانية وأميركية بمساعدات هامة مقابل حضورها وانخراطها في إيجاد حلول وهذا ما أثبته اجتماع روما.
وصلت الأزمة السورية إلى مفصل أساسي وهام وهذا يتطلب قدرة تفاوضية وتنسيقية متميزة بين الداخل السوري المعارض والخارج لرسم المرحلة المستقبلية لسوريا؛ فالمعارضة يجب أن تعرف أن كل الأطراف الإقليمية والدولية تريد تسوية تحقق لكل منها أكثر ما يمكن من الأهداف، ولذلك يترتب على المعارضة السياسية أن تقاوم كما قاومت المعارضة العسكرية وتعرف متى تقبل وكيف ترفض. ما هو مهم لهذه المعارضة بعد نضوج الحل الدولي أن تساهم في تحقيق الانتقال السياسي في سوريا وبأقل تكلفة ممكنة ومن دون التخلي عن ثوابت ضرورية لاستقرار سوريا، وإذا لم تحسن التفاوض فإنها إما أن تضيع هذه الفرصة الذهبية أو تحصل على تسوية لا تليق بحجم التضحيات.



البيت الأبيض يعلن عقد محادثات أميركية - روسية بشأن أوكرانيا نهاية هذا الأسبوع

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محاطاً بقادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين في برلين يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محاطاً بقادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين في برلين يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

البيت الأبيض يعلن عقد محادثات أميركية - روسية بشأن أوكرانيا نهاية هذا الأسبوع

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محاطاً بقادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين في برلين يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محاطاً بقادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين في برلين يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

يجتمع مسؤولون أميركيون وروس في ميامي نهاية هذا الأسبوع لإجراء محادثات جديدة حول خطة الرئيس دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وفق ما أفاد مسؤول في البيت الأبيض وكالة الصحافة الفرنسية، أمس (الأربعاء).

وتأتي هذه المحادثات بعدما أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالتقدم المحرز خلال يومين من الاجتماعات في برلين بين كييف ومبعوثي ترمب، محذراً في الوقت نفسه من أن موسكو تستعد لـ«عام جديد من الحرب».

وبحسب موقع «بوليتيكو»، من المتوقع أن يشارك مبعوث ترمب ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر في الجانب الأميركي، بينما من المقرر أن يكون المبعوث الاقتصادي لبوتين كيريل ديميترييف ضمن الوفد الروسي.

من جهته، لم يقدم المسؤول في البيت الأبيض أي تفاصيل عن الوفدَين الأميركي والروسي.

وشهدت الأسابيع الأخيرة جهوداً دبلوماسية مكثفة لإنهاء الغزو الروسي الذي استمر نحو 4 سنوات، مع لقاء ويتكوف وكوشنر مع بوتين في الكرملين في نوفمبر (تشرين الثاني)، والقيادات الأوكرانية والأوروبية في برلين.

لكن ما زال هناك الكثير من الاختلافات في وجهات النظر.

وتقول أوكرانيا والولايات المتحدة إنه تم إحراز تقدم في مسألة الضمانات الأمنية المستقبلية لكييف، لكن هناك خلافات حول الأراضي التي سيتعين على أوكرانيا التنازل عنها.

في الأثناء، قال بوتين، الأربعاء، إن موسكو ستحقق «بالتأكيد» أهدافها في الحرب، بما في ذلك السيطرة على الأراضي التي تقول إنها تابعة لها.


أميركا توافق على أكبر صفقة أسلحة لتايوان بقيمة 11.1 مليار دولار

نظام راجمات الصواريخ عالية الحركة «هيمارس» (أرشيفية - رويترز)
نظام راجمات الصواريخ عالية الحركة «هيمارس» (أرشيفية - رويترز)
TT

أميركا توافق على أكبر صفقة أسلحة لتايوان بقيمة 11.1 مليار دولار

نظام راجمات الصواريخ عالية الحركة «هيمارس» (أرشيفية - رويترز)
نظام راجمات الصواريخ عالية الحركة «هيمارس» (أرشيفية - رويترز)

وافقت الولايات المتحدة، أمس (الأربعاء)، على مبيعات أسلحة بقيمة 11.1 مليار دولار لتايوان، في أكبر حزمة أسلحة أميركية على الإطلاق للجزيرة التي تتعرض لضغوط عسكرية متزايدة من الصين.

وهذا الإعلان عن بيع أسلحة لتايوان هو الثاني في ظل الإدارة الحالية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويأتي في الوقت الذي تكثف فيه بكين ضغوطها العسكرية والدبلوماسية ضد تايوان التي ترفض حكومتها الاعتراف بسيادة بكين عليها.

وقالت وزارة الدفاع التايوانية، في بيان، إن صفقة الأسلحة المقترحة تشمل 8 أصناف، تتضمن أنظمة صواريخ «هيمارس» ومدافع «هاوتزر» وصواريخ «جافلين» المضادة للدبابات ومسيرات ذخيرة جوالة طراز «التيوس»، فضلاً عن قطع غيار لمعدات أخرى.

وأضاف البيان: «تواصل الولايات المتحدة مساعدة تايوان في الحفاظ على قدرات كافية للدفاع عن النفس وفي بناء قوة ردع قوية بسرعة».

وأوضحت الوزارة أن الصفقة في مرحلة إخطار الكونغرس، وهي المرحلة التي يملك فيها الكونغرس فرصة لعرقلة أو تغيير الصفقة إذا رغب في ذلك، على الرغم من أن تايوان تحظى بدعم واسع النطاق من الحزبين.

ولم ترد وزارة الخارجية الصينية على الفور على طلب للتعليق.

وتعتبر الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وهو موقف ترفضه تايبيه.


دراسة مصرية تثبت قدرة أدوية الالتهاب الكبدي على الحد من وفيات «كوفيد - 19»

فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)
فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)
TT

دراسة مصرية تثبت قدرة أدوية الالتهاب الكبدي على الحد من وفيات «كوفيد - 19»

فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)
فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)

كشفت دراسة طبية مصرية عن نجاح دواء يستخدم في علاج مرضى فيروس (التهاب الكبدي الوبائي سي) في الحد من مضاعفات الإصابة بفيروس «كوفيد - 19» المعروف بـ«كورونا»، وبالتالي إنقاذ المرضى من خطر الوفاة.

وتم إجراء الدراسة على 310 حالات مرضية من المصابين بـ«كوفيد» في مرحلة متوسطة من الإصابة، وذلك خلال عامي 2021 و2022، وهي المرحلة التي شهدت أوسع تفشٍ للوباء عالمياً وفي منطقة الشرق الأوسط، غير أن الدراسة نشرت مع نهاية العام الحالي في دورية «Scientific Reports»، وهي إحدى الدوريات الدولية المرموقة التابعة لمجموعة Nature العالمية بعد خضوعها لمراجعة علمية دامت 16 شهراً.

عقاقير فيروس الالتهاب الكبدي

وقال الدكتور محمد عبد السلام الجوهري أستاذ طب المناطق الحارة وقائد فريق البحث في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن المرضى الذين رصدتهم الدراسة كانوا جميعاً من الحالات التي تستدعي الرعاية الطبية داخل المستشفيات، وكانوا يعانون من إصابات «كوفيد - 19» المتوسطة المصحوبة بالتهاب رئوي، وكان التركيز على هذه الشريحة تحديداً هو منع تدهور حالة هؤلاء المرضى وإنقاذهم من الوصول إلى المراحل الحرجة أو الشديدة التي تؤدي للوفاة.

أفراد أمن يقفون مرتدين بدلات واقية عند بوابة مجمع سكني مغلق بسبب تفشي فيروس «كورونا» في بكين (رويترز)

وأوضح الجوهري أن المرضى محل الدراسة حصلوا على أدوية نجحت في علاج ملايين المصريين من فيروس سي مثل (سوفوسبوفير/ داكلاتاسفير وسوفوسبوفير/ليديباسفير) لتقييم مدى أمانها وفعاليتها في علاج الحالات المتوسطة من «كوفيد»، وتبين من النتائج قدرة هذه الإجراءات على وقف تدهور حالة الرئة وحمايتها بشكل كبير، وتقليل فترة المعاناة بتقليل متوسط أيام بقاء المريض في المستشفى، ما يعني سرعة التعافي وتخفيف العبء الهائل على المستشفيات، وذلك من دون زيادة في مخاطر الوفاة.

فيروسات مقاومة للفناء

وتكتسب الدراسات عن «كوفيد» أهمية خاصة بعد تفشي الأمراض الصدرية، ومن بينها الإنفلونزا، هذا الشتاء في مناطق مختلفة من العالم.

ويوضح الجوهري أن الفيروسات بطبيعتها تقاوم الفناء بطفرات مختلفة تقاوم الأدوية، وهو ما يحدث مع متحورات الإنفلونزا أو متحورات «كوفيد»، لدرجة أنها قد تعود للانتشار عن طريق طفرات أقل فتكاً بالبشر لكنها أوسع انتشاراً مثلما يحدث العام الحالي.