المعارضة السورية في الجنوب تعلن بصرى الشام منطقة عسكرية

تسعى لطرد النظام وحلفائه من المدينة الفاصلة بين السويداء ودرعا

مقاتلو الجيش الحر يجهزون قذائف لإطلاقها على القوات الحكومية في بصرى الشام (رويترز)
مقاتلو الجيش الحر يجهزون قذائف لإطلاقها على القوات الحكومية في بصرى الشام (رويترز)
TT

المعارضة السورية في الجنوب تعلن بصرى الشام منطقة عسكرية

مقاتلو الجيش الحر يجهزون قذائف لإطلاقها على القوات الحكومية في بصرى الشام (رويترز)
مقاتلو الجيش الحر يجهزون قذائف لإطلاقها على القوات الحكومية في بصرى الشام (رويترز)

أعلنت مصادر في المعارضة السورية في درعا لـ«الشرق الأوسط» أن قوات المعارضة التي تهاجم بلدة بصرى الشام منذ 3 أيام، «أعلنت مدينة بصرى الشام منطقة عسكرية بعد تحقيق تقدم محدود» في الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، مشيرة إلى أن تلك الأحياء «باتت تحت مرمى مدافع وصواريخ المعارضة»، مشيرة إلى أنها «تسعى للوصول إلى المنطقة الأثرية، مما يعني إبعاد القوات النظامية بالكامل من المدينة» التي تعد أبرز معاقل القوات الحكومية في الريف الجنوبي.
وأطلقت قوات المعارضة معركة للسيطرة على مدينة بصرى الشام التاريخية، فجر السبت الماضي، في محاولة لطرد القوات الحكومية وحلفائها من المنطقة الفاصلة بين ريف السويداء وريف درعا الجنوبي المتاخم للحدود مع الأردن. ويقول ناشطون إن السيطرة على المدينة التي تسكنها أغلبية شيعية «تفصل ريف درعا عن ريف السويداء، وتسهل حركة قوات المعارضة». وتعد المدينة من أكبر مواقع النظام في الريف الشرقي من جهة، وكونها الدرع الحامية لمحافظة السويداء من جهة أخرى.
وأعلنت قوات المعارضة في المنطقة التي تتألف من مقاتلي «الجيش السوري الحر» وكتائب إسلامية حليفة لها، عن انطلاق معركة «قادسية بصرى الشام» الهادفة إلى «طرد قوات النظام والمقاتلين الشيعة من حزب الله والإيرانيين» من المنطقة. ويقول معارضون إن المدينة «يتخذها النظام وحلفاؤه من المقاتلين الشيعة السوريين ومقاتلي حزب الله وخبراء إيرانيين معقلاً لهم».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن أهمية السيطرة على المدينة «معنوية في المقام الأول»، نظرًا إلى أنها «مدينة شيعية، تستقطب عناصر حزب الله اللبناني ومقاتلين من الشيعة، مما يعني أن سقوطها سيكون ضربة معنوية للنظام»، مشيرًا إلى أن أهميتها الاستراتيجية «تأتي من موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يتيح للقوات الحكومية الوصول إلى السويداء بسرعة والتنقل في ريف درعا الجنوبي الشرقي، القريب من الحدود الأردنية».
وقال عبد الرحمن إن المدينة «تنقسم سيطرتها بين القوات النظامية وقوات المعارضة»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «تسيطر على بعض الأحياء من مطلع عام 2013». وأشار إلى أن الهجوم الأخير «استخدم فيه المعارضون قوة نارية هائلة، مكنتهم من التقدم في بعض الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام»، لكنه أوضح أن التقدم «محدود حتى الآن، بعد أن أعاق القصف الجوي لمناطق سيطرة المعارضة، حركتهم إلى حد ما».
ونفذت القوات النظامية هجمات بسلاح الطيران وبالبراميل المتفجرة، استهدفت الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في بصرى الشام، إضافة إلى قصف مدفعي وصاروخي، كما قال عبد الرحمن، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «حشدت للمعركة جيدًا، وهاجمت مواقع النظام بعدد كبير جدًا من المقاتلين، فضلا عن استخدام مئات الصواريخ والقذائف المدفعية التي سقطت في نقطة جغرافية صغيرة، مما انعكس ارتباكاً في مناطق سيطرة النظام الذي لجأ إلى سلاح الجو لتخفيف الضغط».
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، مقتل 13 مقاتلاً معارضًا بينهم قائد لواء إسلامي ونائب قائد فرقة مقاتلة، إثر الاشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في بلدة بصرى الشام، وسط تنفيذ الطيران الحربي 9 غارات على مناطق خارجة عن سيطرة قوات النظام في البلدة، وإلقاء الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على المنطقة، بينما جددت قوات النظام قصفها مناطق في بلدة الجيزة.
وقال مصدر في المعارضة السورية في درعا لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «كثف من وتيرة القصف الجوي لأحياء في بصرى ومناطق محيطة فيها، بينها استهداف مشفى معربا الميداني، بنحو 20 غارة جوية خلال 3 أيام، بهدف إعاقة تقدم قوات المعارضة»، لكنه أشار إلى أن قدرة المعارضة على القصف «لا تزال قائمة، وهو بمثابة قصف تمهيدي للتقدم إلى أحياء بصرى».
وتتحفظ قوات المعارضة عن نشر تفاصيل عن المعركة «منعًا لأن يستخدمه النظام في المعركة ضدنا»، كما ذكرت صفحة «ألوية العمري» المعارضة في «فيسبوك»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «أعنف الاشتباكات تقع في الأجزاء الشمالية والجنوبية داخل البلدة، بعد السيطرة على حاجزين لقوات النظام».
بموازاة ذلك، تواصل القصف الجوي الذي حصد، بحسب ناشطين أمس، 5 أطفال أشقاء في بلدة طفس، بحسب «رابطة أبناء حوران»، إضافة إلى قصف الكحيل وكفرناسج وصيدا وجمرين بالبراميل، بينما تعرضت مناطق أخرى لقصف مدفعي مثل عتمان والكرك والحراك.
وفي المقابل، قالت وكالة «سانا» السورية الرسمية للأنباء، إن القوات الحكومية قتلت «أعدادا كبيرة من أفراد التنظيمات الإرهابية خلال الاشتباكات المتواصلة بين وحدات الجيش والتنظيمات الإرهابية في محيط مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي»، بينهم أحمد عبد الله الحريري أحد متزعمي ما يسمى «لواء عمر بن عبد العزيز» وعلي المسالمة متزعم «حركة المثنى الإسلامية» التابعة لـ«جبهة النصرة». ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري قوله إن وحدة من الجيش «دمرت في عملية مركزة، منصة لإطلاق الصواريخ بين معربة ومدينة بصرى الشام وعربة مدرعة وآلية مزودة برشاش ثقيل ومنصة إطلاق صواريخ في الحي الغربي من المدينة».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.