تفاقم أزمة قطع طريق ميناء بورتسودان

ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (شاترستوك)
ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (شاترستوك)
TT

تفاقم أزمة قطع طريق ميناء بورتسودان

ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (شاترستوك)
ميناء بورتسودان على البحر الأحمر (شاترستوك)

أعلن وزير شؤون مجلس الوزراء في السودان، خالد عمر يوسف، أن حل قضية الإقليم الشرقي وميناء بورتسودان، لا يتم بطريق العنف، وإنما عبر الحوار والنقاش، مؤكداً أن الحل سياسي في المقام الأول، وأن الحلول الأمنية لن تشفع في معالجة قضايا الشرق، مشيراً إلى وجود بعض الأجندات تستخدم مثل هذه القضايا لتقويض الانتقال في البلاد.
ويعد حديث المسؤول السوداني، أول رد فعل رسمي من الحكومة المدنية إزاء الخطوة التصعيدية لعدد من زعماء القبائل والإدارات الأهلية بعزل الإقليم الشرقي وقطع الطريق القومي الذي يربط ولايات الإقليم الثلاث (البحر الأحمر وكسلا والقضارف) بالعاصمة القومية الخرطوم لليوم الثاني على التوالي، بما في ذلك إغلاق ميناء بورتسودان الرئيسي بالبلاد.
ويطالب عدد من زعماء القبائل والإدارات الأهلية بإلغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا للسلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية وعدد من الفصائل المسلحة والمدنية في عدد من ولايات البلاد، فيما تتزايد المخاوف من أن يؤدي التصعيد الحالي الذي يقوده ناظر قومية البجا محمد الأمين ترك إلى مواجهة حادة بين المكونات القبلية والاجتماعية تنسف الأمن والاستقرار بشرق البلاد.
وأضاف يوسف، في فيديو مسجل نشر على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك» أن الحكومة الانتقالية متمسكة بأن حل قضية الشرق يتم بالنقاش والحوار بين المكونات القبلية والاجتماعية، وليس بالتنافر الذي يمكن أن يحدث داخل هذه المكونات.
وأضاف أن الحكومة الانتقالية ستتواصل مع جميع الأطراف للوصول إلى الحل الشامل. وأشار إلى أن الحكومة تدرك أن هناك الكثير من الأجندات التي تسعى لتقويض التغيير والانتقال في البلاد، وتستخدم قضايا مختلفة، في إشارة إلى ما يحدث بشرق البلاد.
وقال وزير شؤون مجلس الوزراء: «سنعالج الأزمة في شرق السودان بمنهج شامل وعادل دون استثناء أو إقصاء أي طرف، ويجب على كل مكونات الإقليم إنهاء المواجهة والجلوس مع الحكومة للوصول لحل عبر الوسائل السلمية والنقاش والحوار». وأكد يوسف أن الحكومة ليس لديها أي مصلحة فيما يحدث الآن، ولن تعمل بنهج النظام المعزول، بالاستثمار في الانقسامات الداخلية لتقوية طرف ضد الآخر.
وأقر وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني بأن اتفاق مسار شرق السودان ناقص لأنه لم يشمل كل الأطراف في الإقليم، مشيراً إلى أن «الحكومة الانتقالية سبق وأن اقترحت عقد مؤتمر جامع لأهل الشرق لتجاوز الخلافات، وحتى عندما رفضت بعض الأطراف، وافقنا على أن يكون هناك منبراً منفصلاً للمكونات الأخرى التي لم تشارك في اتفاق مسار الشرق».
وأغلق أنصار ناظر قومية البجا الطريق الرئيسي عند حدود ولايات الشرق الثلاث بإقامة المتاريس وحرق إطارات السيارات. وأعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة بشرق السودان، أول من أمس، بدء عملية إغلاق عدد من المناطق الشرقية للبلاد، على خلفية عدم استجابة الحكومة الانتقالية لمطالبهم الداعية إلى إلغاء مسار الشرق في اتفاقية السلام الموقعة في جوبا العام الماضي. وسبق أن مارس زعيم البجا ضغوطاً كثيفة على الحكومة الانتقالية وحشد أنصاره ولوّح بالدخول في مواجهات مع الحكومة الانتقالية بسبب تعيين حاكم لولاية كسلا ينتمي لإحدى القبائل بالإقليم، ما أجبرها على التراجع عن قرارها.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.