الجزائريون يطوون صفحة مهمة من تاريخ بلادهم بوفاة بوتفليقة

تنكيس الأعلام وإعلان الحداد 3 أيام

تنكيس الأعلام الجزائرية أمس وسط العاصمة حزناً على رحيل الرئيس بوتفليقة (أ.ف.ب)
تنكيس الأعلام الجزائرية أمس وسط العاصمة حزناً على رحيل الرئيس بوتفليقة (أ.ف.ب)
TT

الجزائريون يطوون صفحة مهمة من تاريخ بلادهم بوفاة بوتفليقة

تنكيس الأعلام الجزائرية أمس وسط العاصمة حزناً على رحيل الرئيس بوتفليقة (أ.ف.ب)
تنكيس الأعلام الجزائرية أمس وسط العاصمة حزناً على رحيل الرئيس بوتفليقة (أ.ف.ب)

نكست الجزائر أمس الأعلام، وأعلنت الحداد ثلاثة أيام حزناً على رئيسها السابع عبد العزيز بوتفليقة، الذي توفي ليل الجمعة عن عمر 84 سنة بإقامته العائلية في العاصمة، وسط أفراد أسرته.
وغادر بوتفليقة الحكم عام 2019 تحت ضغط شعبي كبير، حينما كان متجهاً للحصول على ولاية خامسة، وهو مقعد على كرسي متحرك منذ 2013.
وأفاد مهتمون بوفاة بوتفليقة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مفاوضات» جرت أمس بين رئاسة البلاد وعائلة الرئيس السابق بخصوص مكان دفنه، ذلك أن السلطات تفضل أن يشيع في «مقبرة العالية» في الضاحية الشرقية للعاصمة، حيث يرقد كبار الشخصيات الوطنية، وأن تقام له جنازة رسمية، بينما عبر شقيقه عبد الرحيم وشقيقته زهور عن رغبتهما في أن تجري المراسيم عائلياً، وأن يدفن في مقبرة حي بن عكنون حيث قبر والدته وشقيقيه مصطفى وعبد الغني. ويرتقب أن تتم الجنازة اليوم عصراً أو غداً على أقصى تقدير.
وتدهورت صحة الرئيس بشكل لافت في السنتين الأخيرتين، حسب مقربين من عائلته، إلى درجة أنه أصبح عاجزاً عن أي حركة. وكان منذ استقالته في الثاني أبريل (نيسان) 2019، يتابع فحوصات وحصص تدليك ببيته على أيدي فريق متخصص، دأب على متابعة حالته الصحية منذ سنين طويلة.
وضجت وسائط التواصل الاجتماعي أمس بردود الأفعال على وفاة بوتفليقة، الذي قضى 20 عاماً في السلطة، وهي أطول فترة لرئيس في الحكم، فقطاع من الجزائريين يعتبره «زعيماً»، يعود له الفضل في طي صفحة الدم والدموع، التي عاشتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي بسبب إرهاب مدمر، وذلك بإقرار قوانين وإجراءات لملمة الجراح. كما يرى أصحاب هذا الموقف أن الفساد الذي استشرى في عهده، سببه «بطانة سوء» من رجال أعمال وسياسيين، سيطروا على السلطة، واتخذوا قرارات كبيرة باسمه، مستغلين ضعفه بسبب إصابته بجلطة دماغية في 27 أبريل 2013 أفقدته التحكم في أغلب حواسه.
فيما يرى قطاع آخر أنه جاء إلى الحكم عام 1999 بغرض الانتقام من الجيش، و«جبهة التحرير الوطني» (الحزب الواحد سابقاً)، اللذين فضلا عليه الشاذلي بن جديد كرئيس، خلفاً للرئيس الراحل هواري بومدين. وكان بوتفليقة، وزير الخارجية آنذاك والابن المدلل للنظام، يرى نفسه «الوريث الشرعي» في الحكم.
كما يقول أصحاب هذا الرأي إن الخطأ الكبير الذي ارتكبه هو عندما مدد حكمه بتعديل الدستور عام 2008، ليضيف لنفسه ولاية ثالثة. ومنذ العام الثاني لهذه الولاية، انتقل الحكم بشكل غير علني إلى شقيقه الأصغر وكبير مستشاريه، سعيد بوتفليقة (في السجن بتهم فساد)، الذي مكن لرجال أعمال ضالعين في الفساد (يوجدون في السجن حالياً)، من مفاتيح الاقتصاد والاستثمار.
وظل الرئيس محمياً من الجيش والمخابرات العسكرية معظم فترة حكمه. وعندما اختلف مع رئيس أركان الجيش، الفريق محمد العماري عام 2004 حول ترشحه لولاية ثانية، استعان بقائد المخابرات الفريق محمد مدين للتغلب عليه، ثم أزاحه من الجيش. وفي وقت لاحق، تحالف مع قائد القوات البرية السابق، الفريق أحمد قايد صالح، فعينه رئيساً لأركان الجيش، ثم منحه منصب نائب وزير الدفاع، واستعان به لعزل مدين من قيادة المخابرات عام 2015، وظل صالح سنده القوي حتى عندما انفجر الشارع ضد ترشحه لولاية خامسة في 22 من فبراير (شباط) 2019، حيث وقف ضد المتظاهرين في البداية، لكنه ضغط لاحقاً على بوتفليقة للتنحي.
التحق بوتفليقة بعد نهاية دراسته الثانوية بصفوف جيش التحرير الوطني الجزائري وهو في 19 من عمره عام 1956، وبعد الاستقلال في عام 1962 تقلد العضوية في أول مجلس تأسيسي وطني، ثم تولى وزارة الشباب والرياضة والسياحة، وهو في سن الخامسة والعشرين. وفي سنة 1963 عين وزيراً للخارجية، وبعد ذلك بعام واحد انتخبه مؤتمر حزب «جبهة التحرير الوطني» عضواً في «اللجنة المركزية» وفي «المكتب السياسي، وهما هيكلان أمدا هيئات الدولة بغالبية الكوادر والمسؤولين.
وشارك بوتفليقة بصفة فعالة في انقلاب 19 يونيو (حزيران) 1965 الذي قاده هواري بومدين على الرئيس أحمد بن بلة، وصار لاحقاً عضواً لمجلس الثورة. وبعد وفاة بومدين، غادر بوتفليقة الجزائر عام 1981، وقضى سنوات طويلة متنقلاً بين سويسرا والإمارات العربية المتحدة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».