مستقبل الإنفاق الاستهلاكي البريطاني في خطر

مع أطول سلسلة تراجع للمبيعات بربع قرن

مستقبل الإنفاق الاستهلاكي البريطاني في خطر
TT

مستقبل الإنفاق الاستهلاكي البريطاني في خطر

مستقبل الإنفاق الاستهلاكي البريطاني في خطر

أظهرت بيانات رسمية، الجمعة، أن أحجام مبيعات التجزئة البريطانية تراجعت بشكل غير متوقع الشهر الماضي في أطول سلسلة من الانخفاضات منذ بدء تسجيل البيانات منذ نحو ربع قرن، رغم أن أحجام المبيعات لا تزال أعلى من مستويات ما قبل جائحة «كورونا».
وقال مكتب الإحصاء الوطني إن المبيعات تقلصت بنسبة 0.9 في المائة على أساس شهري في أغسطس (آب)، مقارنة بمتوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز» بزيادة قدرها 0.5 في المائة، لتتراجع للشهر الرابع على التوالي بعد تعديل بيانات الشهور السابقة بالخفض.
وذكر مكتب الإحصاء أن التراجع في أغسطس يعكس في جانب منه انخفاض مبيعات متاجر السلع الغذائية مع إقبال المزيد من الناس على تناول الطعام خارج المنزل بعد تخفيف قيود مكافحة «كوفيد - 19». ولا تزال أحجام المبيعات أعلى 4.6 في المائة عن مستواها في فبراير (شباط) 2020، قبل أن تتأثر لأول مرة بالجائحة.
وانخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 2.8 في المائة على أساس شهري في يوليو (تموز)، وهو ما عزته المتاجر إلى سوء الأحوال الجوية وتفضيل بعض المتسوقين متابعة مباريات إنجلترا في بطولة أوروبا لكرة القدم 2020 التي جرت خلال ذلك الشهر، حسب ما أعلنه مكتب الإحصاءات الوطني.
وتتزايد الشكوك حالياً بشأن مستقبل الإنفاق الاستهلاكي الذي يغذي الاقتصاد البريطاني. وتواجه ملايين الأسر البريطانية حالياً خطر ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا، فضلاً عن تراجع حاد في مستويات المعيشة بعد الارتفاع الكبير في معدلات التضخم.
ونقلت «بلومبرغ» عن ستيوارت كول، كبير خبراء الاقتصاد الكلي بمؤسسة «إيكويتي كابيتال» للخدمات المالية، قوله إن «هذه الأرقام تثير مزيداً من المخاوف بشأن تباطؤ وتيرة تعافي الاقتصاد البريطاني، وأن انتعاش الطلب الاستهلاكي في البلاد قد وصل بالفعل إلى ذروته».
من جهة أخرى، أظهر استطلاع للرأي أن المستهلكين في بريطانيا يتوقعون أن يبقى التضخم أعلى من المستوى الذي يستهدفه بنك إنجلترا المركزي خلال السنوات الخمس المقبلة، على أقل تقدير، وذلك في مؤشر على ترسخ الآراء بشأن ارتفاع الأسعار.
وتوقع المشاركون في الاستطلاع الذي أجرته شركة أبحاث السوق «كانتار» بشأن معدل التضخم الربع السنوي لدى بنك إنجلترا المركزي، ارتفاع الأسعار بنسبة 2.7 في المائة خلال العام المقبل، مقارنة بـ2.4 في المائة عن التوقعات لشهر مايو (أيار) الماضي. كما يتوقع المستهلكون المشاركون في الاستطلاع ارتفاع الأسعار بنسبة 3 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وجاءت جميع آراء المستهلكين بشأن معدل التضخم أعلى من 2 في المائة الذي يستهدفه البنك المركزي. ويرصد البنك المركزي الآراء بشأن التضخم بعناية، ويسعى للحفاظ على تصورات بأن المستوى الإجمالي للأسعار سيظل مستقراً لمنع حدوث دوامة من التوقعات التي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع التكاليف والأجور في مختلف قطاعات الاقتصاد.
وسعى صناع السياسة في بريطانيا خلال الأسابيع الأخيرة إلى التقليل من المخاوف بشأن كيفية منع فرط في النشاط الاقتصادي. وتشير «بلومبرغ» إلى أن الحكومة البريطانية بدأت تقييم الكيفية التي ستعمل بها على تقليص الحوافز المالية التي قامت بضخها في الاقتصاد منذ بداية تفشي وباء فيروس كورونا.
ويقول أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، إنه من المسؤولين الذين يعتقدون أنه تم استيفاء الحد الأدنى من المعايير لتشديد السياسة النقدية. ويتوقع بنك إنجلترا أن تصل ارتفاعات الأسعار إلى الذروة عند 4 في المائة بنهاية العام - وهو ضعف المستوى المستهدف - ثم تنخفض في عامي 2022 و2023. ويظهر الاستطلاع أن 43 في المائة من المشاركين يتوقعون ارتفاع أسعار الفائدة خلال الـ12 شهراً المقبلة، مقارنة بـ39 في المائة خلال شهر مايو الماضي.



تراجع آمال تعافي سوق السندات الأميركية مع توقع سياسات توسعية لترمب

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

تراجع آمال تعافي سوق السندات الأميركية مع توقع سياسات توسعية لترمب

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

تتراجع الآمال في تعافٍ قريب لسوق السندات الأميركية التي تبلغ قيمتها 28 تريليون دولار، حيث من المتوقع أن يؤدي فوز دونالد ترمب في الانتخابات إلى سياسات مالية توسعية قد تحدّ من حجم تخفيضات الفائدة المستقبلية من قِبل الاحتياطي الفيدرالي.

وخفض «الفيدرالي» أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه للسياسة النقدية، الخميس، بعد تخفيض كبير بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر (أيلول)، والذي أطلق دورة التيسير الحالية، وفق «رويترز».

لكن آفاق المزيد من خفض الفائدة أصبحت غامضة بسبب التوقعات بأن بعض العناصر الرئيسية لبرنامج ترمب الاقتصادي مثل تخفيضات الضرائب والرسوم الجمركية ستؤدي إلى نمو أسرع وارتفاع في أسعار المستهلكين. وقد يجعل هذا بنك الاحتياطي الفيدرالي حذراً من خطر المزيد من التضخم إذا خفض أسعار الفائدة بشكل حاد في العام المقبل؛ مما يخفف التوقعات بأن انخفاض تكاليف الاقتراض قد يحفز تعافي السندات بعد فترة طويلة من عمليات البيع.

وقال رئيس استراتيجية الدخل الثابت في شركة «نوفين»، توني رودريغيز: «أحد التأثيرات الرئيسية (للانتخابات) هو أنها ستدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي أكثر مما كان ليفعل لولا ذلك». وأضاف: «نحن نعتقد الآن أن التخفيضات المتوقعة في عام 2025 ستكون أقل وأبعد عن بعضها بعضاً».

وشهدت عائدات سندات الخزانة - التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات الحكومية وتتابع عادةً توقعات أسعار الفائدة - ارتفاعاً بأكثر من 70 نقطة أساس منذ منتصف سبتمبر (أيلول)، وسجلت مؤخراً أكبر زيادة شهرية لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وفقاً لشركة «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية. وتزامن هذا التحرك مع تحسن وضع ترمب في استطلاعات الرأي وأسواق الرهانات خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول).

وتُظهر العقود المستقبلية للفائدة الفيدرالية أن المستثمرين يتوقعون الآن أن تنخفض الفائدة إلى نحو 3.7 في المائة بحلول نهاية العام المقبل، من النطاق الحالي الذي يتراوح بين 4.5 في المائة و4.75 في المائة. وهذا أعلى بنحو 100 نقطة أساس مما كان متوقعاً في سبتمبر (أيلول).

وقام استراتيجيون في «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش» مؤخراً بتعديل هدفهم قصير الأجل لعائدات سندات الخزانة إلى نطاق 4.25 - 4.75 في المائة، بدلاً من النطاق السابق 3.5 - 4.25 في المائة.

ورفض رئيس «الفيدرالي» جيروم باول، الخميس، التكهن بتأثير الإدارة الأميركية الجديدة على السياسة النقدية، وقال إن الارتفاع في العائدات من المرجح أن يعكس تحسناً في آفاق الاقتصاد أكثر من كونه زيادة في توقعات التضخم. وسجلت أسعار المستهلكين أصغر زيادة لها في أكثر من 3 سنوات ونصف السنة في سبتمبر.

ومع ذلك، ارتفعت توقعات التضخم كما تقيسها أوراق الخزانة المحمية من التضخم (TIPS)، مع ارتفاع معدل التضخم المتوقع لمدة عشر سنوات إلى 2.4 في المائة، الأربعاء، وهو أعلى مستوى له في أكثر من 6 أشهر.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «بِمكو»، دان إيفاسيين، إنه يشعر بالقلق من أن ارتفاع التضخم قد يجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي على إبطاء أو إيقاف تخفيضات أسعار الفائدة. وأضاف: «أعتقد أن السيناريو الأسوأ للسوق على المدى القصير سيكون إذا بدأ التضخم في التسارع مرة أخرى».

وفي حال حدوث سيناريو «المد الأحمر»، حيث يسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس، فقد يسهل ذلك على ترمب تنفيذ التخفيضات الضريبية ومنح الجمهوريين مزيداً من الحرية في أجندتهم الاقتصادية.

وبينما كان من المتوقع أن يحتفظ الجمهوريون بأغلبية لا تقل عن 52 - 48 في مجلس الشيوخ الأميركي، كان من غير الواضح من سيرأس مجلس النواب، حيث كانت عمليات فرز الأصوات لا تزال جارية حتى مساء الخميس.

وقال رئيس قسم الدخل الثابت في «بلو باي» لدى «آر بي سي غلوبال أسيت مانجمنت»، أندريه سكيبا: «أنا أستعد لمزيد من تراجع السندات طويلة الأجل». وأضاف: «إذا تم تنفيذ الرسوم الجمركية بالقدر الذي نعتقد أنه سيحدث، فإن ذلك قد يمنع (الفيدرالي) من خفض الفائدة».

وكتب كبير مسؤولي الاستثمار في السندات العالمية في «بلاك روك»، ريك ريدر، الخميس، إنه سيكون «من المبكر للغاية» افتراض تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة في عام 2025، وقال إن السندات أكثر جاذبية بصفتها أصلاً مدراً للدخل من كونها رهاناً على أسعار فائدة أقل.

وشهدت عائدات سندات الخزانة ارتفاعاً ملحوظاً، إلا أن هذا لم يؤثر كثيراً على سوق الأسهم التي ارتفعت مع وضوح حالة الانتخابات، حيث حضَّر المستثمرون لإمكانية نمو اقتصادي أقوى؛ مما دفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى تسجيل أعلى مستوى قياسي له.

لكن العائدات قد تصبح مصدر قلق للأسواق إذا ارتفعت بسرعة كبيرة أو بشكل مفرط. وتوفر العائدات المرتفعة قدراً أكبر من المنافسة على استثمارات الأسهم في حين ترفع تكلفة رأس المال بالنسبة للشركات والمستهلكين.

وقال كبير استراتيجيي الاستثمار في «إدوارد جونز»، أنجيلو كوركافاس: «عندما اقتربت عائدات السندات لأجل 10 سنوات من 4.5 في المائة أو تجاوزتها العام الماضي، أدى ذلك إلى تراجعات في أسواق الأسهم». وأضاف: «قد يكون هذا هو المستوى الذي يراقبه الناس».

وبلغ العائد على السندات لأجل 10 سنوات 4.34 في المائة في أواخر يوم الخميس.

ويخشى البعض من عودة ما يُسمى «حراس السندات»، وهم المستثمرون الذين يعاقبون الحكومات التي تنفق بشكل مفرط عن طريق بيع سنداتها؛ مما قد يؤدي إلى تشديد الظروف المالية بشكل مفرط، حيث تعمل عائدات السندات الحكومية على زيادة تكلفة الاقتراض لكل شيء بدءاً من الرهن العقاري إلى بطاقات الائتمان.

وقد تؤدي خطط ترمب الضريبية والإنفاقية إلى زيادة الدين بمقدار 7.75 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وفقاً لتقدير حديث من «لجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة».

وقال بيل كامبل، مدير المحفظة في «دبلن»، إنه يشعر بالقلق إزاء التوقعات المالية الأميركية بعد انتخاب ترمب، ويراهن على المزيد من الارتفاعات في العائدات طويلة الأجل. وقال إن «الطوفان الأحمر يزيد الأمور تعقيداً».