«فيتش» تُبقي على توقعات متشائمة للتضخم التركي

ضغوط على إردوغان لكبح انفلات الأسعار

يواجه الرئيس التركي ضغوطاً هائلة لمواجهة انفلات الأسعار (أ.ف.ب)
يواجه الرئيس التركي ضغوطاً هائلة لمواجهة انفلات الأسعار (أ.ف.ب)
TT

«فيتش» تُبقي على توقعات متشائمة للتضخم التركي

يواجه الرئيس التركي ضغوطاً هائلة لمواجهة انفلات الأسعار (أ.ف.ب)
يواجه الرئيس التركي ضغوطاً هائلة لمواجهة انفلات الأسعار (أ.ف.ب)

عدّلت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «فيتش» توقعاتها لنمو اقتصاد تركيا العام الحالي من 7.9 إلى 9.2% لتحقق أعلى المعدلات في العقد الأخير، إلا أنها أبقت على توقعاتها المرتفعة للتضخم.
وفي تقريرها حول «آفاق الاقتصاد العالمي»، الذي نشرته أمس (الجمعة)، ذكرت الوكالة أن تركيا من المرجح أن تشهد في 2021 أعلى نمو اقتصادي في العقد الأخير. لكنها قدمت توقعاً متشائماً للعام المقبل، مشيرة إلى أن النمو سيتراجع إلى نحو 3.5%، قبل أن يعاود الصعود بدرجة أقل إلى 4.5% في عام 2023.
وبشأن التضخم، توقعت الوكالة الدولية أن يبلغ المعدل السنوي للتضخم في تركيا 17.2% للعام الحالي، و13.4% للعام 2022، و10.5% للعام 2023. وهي نسب بعيدة تماماً عن توقعات البنك المركزي التركي، الذي كان يتوقع انخفاض التضخم إلى 5% بحلول نهاية العام الحالي.
ويقف التضخم السنوي حالياً عند 19.25%، ويشكل ضغطاً كبيراً على البنك المركزي للاستمرار في تشديد سياساته النقدية، بعدما تجاوز معدل التضخم سعر الفائدة الرئيس البالغ 19%، ليواجه البنك ضغوطاً مزدوجة ما بين استمرار انعدام القدرة على كبح جماح التضخم وضغوط الرئيس رجب طيب إردوغان من أجل خفض سعر الفائدة الذي يصفه بأنه «السبب في كل الشرور» ويخالف جميع النظريات التقليدية للاقتصاد بتأكيده أن خفض الفائدة، التي أعلن نفسه «عدواً لها» من شأنه خفض التضخم وكذلك إنعاش الليرة التركية المتدهورة في مواجهة العملات الأجنبية.
ويواجه إردوغان ضغطاً حقيقياً بسبب ارتفاع التضخم، وبخاصة التضخم في أسعار المواد الغذائية، الذي فاق 30%، وتعهد منذ أيام بالتصدي لانفلات الأسعار، وذلك مع بدء تحضيراته المبكرة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) 2023.
وأعلنت تركيا أن اقتصادها حقق نمواً في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 21.7% على أساس سنوي، وهو ما شككت فيه المعارضة استناداً إلى الوضع الاقتصادي ومعاناة المواطنين. بينما واصل العجز التجاري تراجعه القوي محققاً زيادة بنسبة أكبر من 51% على أساس سنوي، كما واصل العجز في الحساب الجاري ارتفاعه.
وعدّلت وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز»، مطلع الشهر الحالي، توقعاتها لنمو الاقتصاد التركي للعام الحالي من 5 إلى 6%. وأشارت، في تقرير حول التوقعات الاقتصادية العالمية، إلى أن الانتعاش العالمي ترسخ بشكل كبير، لافتةً في الوقت نفسه، إلى أن انتشار متحور «دلتا» بات يشكل خطراً على ذلك الانتعاش.
كما رفع التقرير توقعه لنمو الاقتصاد التركي عام 2022 من 3.5 إلى 3.6%، مشدداً على أن الانتعاش في قطاع السياحة الذي تحقق بفضل الانتعاش الاقتصادي العالمي المستمر، والتقدم في تطعيمات «كورونا»، دعم النمو في اقتصاد البلاد.
وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي، زيادة عجز التجارة الخارجية للبلاد بنسبة 51.3% على أساس سنوي في يوليو (تموز) الماضي، إلى 4.278 مليار دولار وفقاً لنظام التجارة العام. ولفت المعهد إلى أنه بعد الأضرار التي لحقت بالتجارة قبل عام، جراء الجائحة، ارتفعت صادرات تركيا 10.2% وزادت الواردات 16.8% بالمقارنة مع يوليو 2020. وأوضحت البيانات أنه في الأشهر السبعة الأولى من العام، تقلص العجز التجاري لتركيا بنسبة 4.7%، إلى 26.72 مليار دولار.
كما كشف البنك المركزي التركي عن عجز كبير في الحساب الجاري خلال شهر يوليو، حيث سجل ملياراً و306 ملايين دولار بعجز قدره 683 مليون دولار. وبهذا بلغ عجز الحساب الجاري خلال 12 شهراً نحو 27 ملياراً و832 مليون دولار.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».