سفراء «الدول الخمس» يدعون للتعامل مع غروندبرغ «بلا شروط مسبقة»

وسط سعي أممي وأميركي لإيجاد سلام يطوي الصراع في اليمن

وزير الخارجية اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
وزير الخارجية اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
TT
20

سفراء «الدول الخمس» يدعون للتعامل مع غروندبرغ «بلا شروط مسبقة»

وزير الخارجية اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
وزير الخارجية اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)

ضمن الزخم الدبلوماسي الذي تشهده الرياض في سياق السعي لإيجاد حل للأزمة اليمنية، شدد سفراء الدول الخمس لدى اليمن أمس (الجمعة) على أهمية التعامل مع جهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بشكل مباشر، ودون شروط مسبقة، بحسب ما جاء في بيان لسفارة الولايات المتحدة لدى اليمن.
جاء ذلك غداة بدء المبعوث أول لقاءاته مع الشرعية اليمنية منذ تعيينه، حيث من المقرر أن يجري لقاءات أخرى في الرياض وغيرها من العواصم وصولاً إلى صنعاء لبلورة خطة أممية جديدة تهدف إلى طي صفحة الصراع المحتدم بسبب الانقلاب الحوثي.
وفي الوقت الذي تتمسك فيه الحكومة الشرعية بالمرجعيات الثلاث للحل، يسود الأوساط السياسية اليمنية حالة من عدم التفاؤل في ظل إصرار الميليشيات الحوثية على التصعيد العسكري، إلى جانب ما تشهده البلاد من أزمة اقتصادية واضطرابات في المناطق المحررة وعدم تمكن الحكومة الشرعية من العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن لممارسة مهامها.
وذكرت السفارة الأميركية في اليمن على موقعها الرسمي أن رؤساء بعثات الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى الجمهورية اليمنية إلى جانب المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم لندركينغ عقدوا في الرياض لقاءً مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ.
وبحسب البيان، أكد السفراء على دعمهم الكامل لجهود المبعوث الأممي لإيجاد نهاية للصراع في اليمن، داعين «جميع الأطراف إلى التعامل معه بشكل مباشر وبنّاء ودون شروط مسبقة».
وأضاف البيان «بعد سبع سنوات من الحرب، يحتاج الشعب اليمني إلى التزام حقيقي بالسلام من جميع الأطراف».
في السياق نفسه، جددت الحكومة اليمنية رؤيتها للحل خلال تصريحات لوزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك خلال لقاءين منفصلين جمعاه في الرياض مع المبعوثين الأممي والأميركي.
ونقلت المصادر الرسمية عن بن مبارك أنه أكد دعم الحكومة للمبعوث الأممي «وتسهيل مهامه بما يخدم تحقيق السلام وإنهاء الانقلاب والحرب واستعادة الدولة» وأنه «تطرق إلى آفاق الحل السياسي والنهج الذي يجب أن يتبع للوصول إلى سلام دائم وعادل، وسلط الضوء على الدور الإيراني التخريبي في اليمن والمنطقة».
وأوردت وكالة «سبأ» أن الوزير بن مبارك «أكد أن المرجعيات الثلاث المتفق عليها وعلى رأسها القرار 2216 ستظل أساساً لتحقيق سلام عادل وشامل يضمن تحقيق المساواة بين جميع اليمنيين، ونبذ العنف والاستقواء بالقوة، واحتكار السلاح بيد الدولة، والاحتكام لخيارات الشعب اليمني من خلال العودة إلى المسار الديمقراطي».
ونسبت المصادر اليمنية للمبعوث الأممي غروندبرغ تأكيده «أنه سيعمل على إيجاد أفضل السبل لتقييم الجهود السابقة والتغلب على التحديات القائمة وسيسعى للاستماع إلى الجميع بما يضمن المضي قدماً لتحقيق السلام في اليمن ودعم تطلعات الشعب اليمني التواق إلى الأمن والسلام والاستقرار».
إلى ذلك أفادت المصادر نفسها بأن الوزير بن مبارك بحث مع مبعوث الولايات المتحدة الأميركية الخاص إلى اليمن تيم لندركينغ، مستجدات الأوضاع وسبل تحقيق السلام في اليمن.
وطبقاً لما نقلته المصادر، قال الوزير اليمني إن الطريق لاستعادة عملية السلام في بلاده يبدأ «بالضغط على الميليشيات الحوثية لوقف عدوانها العسكري المستمر والقبول بوقف إطلاق نار شامل وهو الأمر الذي سينعكس بإيجابية على مختلف الجوانب وخصوصاً تلك المرتبطة بتخفيف الآثار الاقتصادية والإنسانية الكارثية للحرب المدمرة التي تستمر الميليشيات الحوثية بإشعالها في مختلف المناطق والجبهات».
وأوضح وزير الخارجية اليمني للمبعوث الأميركي «أن أفعال الميليشيات الحوثية على الأرض تعكس بصورة واضحة رفضها لكافة المبادرات والجهود الدولية الرامية للوصول لحل سياسي شامل ومستدام ينهي الحرب»، مشيراً إلى الهجوم الذي شنته الميليشيات قبل أيام على ميناء المخا الذي وصفه بأنه «يمثل منفذاً هاماً للمساعدات الإنسانية تستفيد منه عدة محافظات».
وأضاف أن «الهجمات التي تستهدف إعاقة وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية، بالإضافة إلى العدوان العسكري المستمر على مأرب وعلى النازحين لا تعكس أية رغبة صادقة وحقيقية من قبل الميليشيات للعودة لطاولة المفاوضات وإحلال السلام في اليمن».
وأشار بن مبارك إلى أن الحكومة في بلاده تتطلع من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي «لممارسة المزيد من الضغوطات على الميليشيات الحوثية لوقف عدوانها وانتهاكاتها خصوصاً ضد المدنيين والأعيان المدنية، مجدداً التزام الحكومة بالسعي نحو إحلال السلام الشامل والدائم في اليمن وفقاً للمرجعيات الثلاث».
ونسبت وكالة «سبأ» إلى المبعوث الأميركي أنه «أكد موقف بلاده الداعي إلى ضرورة إنهاء الحرب وإحلال السلام الشامل في اليمن». إضافة إلى «ضرورة بذل كافة الجهود والعمل مع كل الأطراف لتخفيف آثار الأزمة الإنسانية وضمان تدفق المساعدات الإنسانية لكافة المناطق».
وفي وقت سابق كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي التقى المبعوث الأممي الجديد كما التقى المبعوث الأميركي الذي عاد هو الآخر إلى المنطقة لدعم المساعي الأممية.
ومن غير الواضح حتى الآن تفاصيل المسار الذي سيسلكه المبعوث الأممي في التعاطي مع تعنت الميليشيات الحوثية، خصوصاً مع تصريحات قادتها الأخيرة التي توعدوا فيها باستمرار القتال ومهاجمة المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، بما فيها محافظة مأرب.
وكان غرودنبرغ أشار في إحاطته الأولى أمام مجلس الأمن إلى توقف عملية السلام «حيث لم تناقش أطراف النزاع تسوية شاملة منذ عام 2016». وقال: «يتحتم على أطراف النزاع أن تنخرط في حوار سلمي مع بعضها البعض بتيسير من الأمم المتحدة بشأن بنود تسوية شاملة، بحسن نية ودون شروط مسبقة».
وأضاف في معرض شرح خطته «لا بد أن يشمل نهج الأمم المتحدة في إنهاء النزاع الجميع. ولتحديد أفضل السبل للمضي قدماً، فإنني أعتزم تقييم الجهود السابقة وتحديد ما نجح منها وما لم ينجح والاستماع إلى أكبر عدد ممكن من الرجال والنساء اليمنيين. لا بد أن يسترشد الطريق الذي سيتم اتباعه بتطلعات الشعب اليمني».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.