اللبنانيون يتلمسون أثر تحسن الليرة على الغلاء

لبنانيات يفحصن أسعار سلع في متجر ببيروت (رويترز)
لبنانيات يفحصن أسعار سلع في متجر ببيروت (رويترز)
TT

اللبنانيون يتلمسون أثر تحسن الليرة على الغلاء

لبنانيات يفحصن أسعار سلع في متجر ببيروت (رويترز)
لبنانيات يفحصن أسعار سلع في متجر ببيروت (رويترز)

تبحث دنيا ضاهر (50 عاماً) مطولاً داخل متجر البقالة الصغير في بلدتها الكائنة شرق لبنان عن سلع انخفض سعرها مع انخفاض سعر صرف الدولار منذ تشكيل الحكومة الأسبوع الماضي، لكنها لا تجد صدى لما يردده التجار عن خفض أسعارهم.
لا تجيد دنيا إجراء عمليات حسابية تجدها معقدة لتحديد الأسعار الجديدة الواجب اعتمادها. كل ما تعرفه وسمعته من أولادها أن سعر صرف الدولار تراجع من 19 ألف ليرة إلى أقل من 14 ألفاً، ما يفترض أن ينعكس على أسعار السلع. وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «قبل الأزمة كانت الـ100 ألف ليرة تكفيني أحياناً أسبوعاً كاملاً. اليوم لم تعد تكفي ولو يومين. بتنا نستغني حتى عن السلع الأساسية. لم نعد نشتري الأجبان واللحوم واستغنينا عنها منذ أشهر طويلة».
وتشير إلى أنها أملت خيراً بأن تشكيل الحكومة وانخفاض سعر الصرف سيؤدي إلى تراجع الأسعار، «لكن للأسف تأملنا كالعادة من دون نتيجة. سعر كيلو اللحم كان قبل الحكومة 160 ألفاً وهو لا يزال بعد التشكيل كما هو، إضافة إلى العدد الأكبر من السلع الغذائية الأخرى. من دون أن نتطرق لأسعار الخضراوات التي تبدو خيالية. اشتريت ملفوفة منذ يومين بـ30 ألف ليرة بعد أن كنا ندفع ثمنها ألفي ليرة».
وكما كان متوقعاً، تراجع سعر صرف الدولار الأسبوع الماضي فور الإعلان عن تشكيل حكومة وانخفض من 19 ألف ليرة للدولار إلى حدود 16 ألف ليرة. إلا أن أصوات اللبنانيين ارتفعت في الساعات الماضية لمطالبة المعنيين بالتدقيق في خفض التجار أسعارهم، ولسان حالهم يقول إن لا شيء يرتفع سعره في البلد، يعود لينخفض من جديد.
وعُقد اجتماع في وزارة الاقتصاد ضم الوزير أمين سلام، والمدير العام للوزارة محمد أبو حيدر، ورئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي، ونقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد، أول من أمس، أُعلنت خلاله آلية تنفيذ خفض أسعار السلع الأساسية. وأكد سلام بعده أن الوزارة «لن تتهاون وستتشدد في مراقبة الأسعار لتكون منسجمة مع الانخفاض الحاصل في سعر صرف الدولار».
وسريعاً، انطلقت بلدية الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت لإقفال المحال التي لم تخفض أسعارها. وأعلن رئيس البلدية معن خليل، أن شرطة البلدية مع فريق الرقابة على الأسعار أقفلوا مؤقتاً مجموعة من المحال التجارية بسبب غلاء الأسعار وعدم التزامها بقرار الوزارة والبلدية بتخفيض الأسعار بسبب انخفاض سعر صرف الدولار.
ويوضح نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، أن أي انخفاض في سعر الصرف يليه تلقائياً انخفاض بالأسعار «يمكن التماسه بعد 3 أيام أو أسبوع على أبعد تقدير»، لافتاً إلى أنه يسمع شكاوى لجهة أن الأسعار ترتفع مباشرة مع ارتفاع سعر الصرف وتتأخر في الانخفاض مع انخفاضه، «علماً بأن الآلية التي نعتمدها هي نفسها في الحالتين بحيث يقدم المستورد لوائح أسعار للتاجر ليغير أسعاره، لكن بعض التجار قد يرفعون أسعارهم من دون انتظار اللائحة مع ارتفاع سعر الصرف، وفي حال العكس فهم يترقبون وصول اللائحة إليهم قبل الإقدام على أي تغيير للأسعار».
ويضيف بحصلي لـ«الشرق الأوسط»، «في نهاية المطاف ليس من مصلحة المتاجر عدم خفض أسعارها لأن عامل المنافسة أساسي. نحن نحاول أن نبث التفاؤل مع تشكيل الحكومة لأنها خطوة منتظرة وإيجابية، ولأن ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف عامل نفسي لا اقتصادي». وشرح أنه «بعدما كان سعر الصرف هو الأساس في تحديد الأسعار، اليوم بات هناك عامل إضافي هو رفع الدعم عن المحروقات» الذي سيؤثر على وتيرة خفض الأسعار.
من جهته، يؤكد رئيس نقابة أصحاب السوبرماركت نبيل فهد، أن كل المحال أقدمت على خفض أسعارها تناسباً مع تراجع سعر الصرف، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل ما يُشاع خلاف ذلك غير صحيح». وقال «نحن نعدّل الأسعار بناءً على اللوائح التي يوزعها علينا المستوردون، بحيث إن كل ما يعنينا أن نكون قادرين على استيراد السلع مجدداً بعد نفادها من دون خسائر». وأشار إلى «تراجع دراماتيكي في المبيعات مقارنة بعام 2018، (الأزمة الفعلية بدأت في 2019) بحيث انخفضت بنسبة 80 في المائة».
وبعكس الكثير من أصحاب المحال التجارية الصغيرة الذين يؤكدون خفض أسعارهم من دون التماس ذلك عملياً، لا يخفي كامل البيطار، وهو مالك متجر صغير في منطقة الدكوانة شرق بيروت، أن هناك «تخبطاً» يطبع المشهد العام. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «لم نغير أسعار السلع فالدولار لم يستقر على سعر معين. صحيح أن التجار سلمونا أمس البضاعة على سعر 16000 ليرة، لكنهم قاموا مسبقاً برفع الأسعار بالدولار، خصوصاً أسعار الحبوب والدجاج». وأضاف «على كل حال نحن نعيش في لبنان. لا شيء يرتفع سعره ويعود وينخفض».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.