اتساع الجدل حول ضرورة توزيع الجرعة الثالثة أوروبياً

موظفة تظهر جوازها الصحي في مكتب بروما (رويترز)
موظفة تظهر جوازها الصحي في مكتب بروما (رويترز)
TT

اتساع الجدل حول ضرورة توزيع الجرعة الثالثة أوروبياً

موظفة تظهر جوازها الصحي في مكتب بروما (رويترز)
موظفة تظهر جوازها الصحي في مكتب بروما (رويترز)

هل يحتاج البالغون الذين تناولوا اللقاح إلى جرعة ثالثة ضد (كوفيد - 19) كي لا يخسروا المناعة المكتسبة بفعل الجرعتين الأوليين؟ هذا هو السؤال الرئيسي الذي تسعى السلطات الصحية للإجابة عنه بشكل قاطع من الآن حتى نهاية السنة الجارية.
الرأي السائد حالياً في الأوساط العلمية يقول إنه لا حاجة للجرعة الثالثة في الوقت الحاضر، لكن باب النقاش ما زال مفتوحاً على مصراعيه، خصوصاً أن الحكومات تريد الظهور أمام مواطنيها بأنها على أتم الاستعداد لمواجهة الجائحة، فيما شركات الأدوية من جهتها تسعى إلى إقناع الهيئات الناظمة للدواء بمحاسن الجرعة الثالثة التي تشكل مصدراً إضافياً للأرباح الطائلة التي حققتها وينتظر أن تحققها من الجائحة.
ولا تزال الوكالة الأوروبية للأدوية لم تحدد موقفاً نهائياً بعد من الجرعة الإضافية التي قررت عدة دول المباشرة بإعطائها لبعض الفئات الضعيفة والأكثر تعرضاً للإصابة. وتعكف الوكالة حالياً على دراسة الطلب الذي تقدمت به شركة «فايزر» للموافقة على إعطاء الجرعة الثالثة للذين تجاوزوا السادسة عشرة من العمر في بلدان الاتحاد الأوروبي، استناداً إلى دراسة أجريت على 306 أشخاص ولم تنشر في أي دورية علمية معروفة.
لكن شركات الأدوية ليست هي وحدها التي تروج للجرعة الثالثة، إذ إن بعض الحكومات تتجه هي أيضاً إلى توزيعها بالتدرج على فئات معينة تمهيداً لتعميمها في مرحلة لاحقة، علماً بأن منظمة الصحة العالمية تكرر منذ أشهر اعتراضها على هذا التوجه في المرحلة الراهنة وتدعو إلى تخصيص الجرعات الفائضة عند الدول الغنية لتوزيعها على الدول الفقيرة. وكانت إسرائيل، التي تحولت منذ بداية الجائحة إلى مختبر واسع لتجربة لقاح «فايزر»، قررت إعطاء الجرعة الثالثة منذ مطلع هذا الشهر، وتبعتها الولايات المتحدة عندما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن بداية حملة توزيع الجرعة الثالثة اعتباراً من الاثنين المقبل.
وقد أثارت خطوة بايدن موجة من الانتقادات في الأوساط العلمية، خصوصاً أنها جاءت قبل معرفة موقف الوكالة الأميركية للأدوية التي سارعت إلى عقد اجتماع لخبرائها أمس (الجمعة)، لبت الموضوع قبل الموعد الذي حدده بايدن لإطلاق الحملة. وتقول مصادر إعلامية أميركية إن القرار جاء نتيجة الضغوط التي تعرضت لها الإدارة من بعض حكام الولايات والهيئات النافذة أمام ارتفاع عدد الإصابات الجديدة والوفيات بسبب من متحور دلتا، وخشية التأخر عن ركب الدول التي بدأت بتوزيع الجرعة الثالثة. ويذكر أن بريطانيا اتخذت موقفاً وسطاً بإعلانها أنها ستوزع الجرعة الثالثة على الذين تجاوزوا الخمسين من العمر وعلى الطواقم الصحية، إضافة إلى الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
وبينت دراسة أجريت مؤخراً في إسرائيل أن احتمال تعرض الذين تجاوزوا الستين من العمر لإصابة خطرة بـ(كوفيد - 19) بعد تناول الجرعة الثالثة من اللقاح أقل عشرين مرة بالمقارنة مع الذين تناولوا جرعتين فحسب.
وكانت الوكالة الأميركية للأدوية دعت مدير الصحة العامة في إسرائيل، الذي شارك في الدراسة، إلى عرض استنتاجاتها أمام خبراء الوكالة لدى مناقشة طلب فايزر للموافقة على إعطاء الجرعة الثالثة، لكن الأوساط العلمية حذرت أن هذه الدراسات يجب أن تقارب نتائجها بحذر شديد، خصوصاً أنها أجريت في بلد مثل إسرائيل لم يتناول 25 في المائة من سكانها اللقاح لكونهم دون الثانية عشرة من العمر، إضافة إلى 12 في المائة رفضوا تناوله لأسباب دينية.
ويذكر أن الدراسة الواسعة التي نشرتها مؤخراً مجلة «لانسيت» المرموقة، وشارك فيها خبراء من منظمة الصحة العالمية ومن الوكالة الأميركية للأدوية، خلصت إلى عدم وجود أدلة راسخة حول ضرورة إعطاء الجرعة الثالثة من اللقاح في الوقت الراهن.
وبعد أن كانت الوكالة الأميركية وافقت منتصف الشهر الماضي على إعطاء اللقاح لمن يعانون من ضعف في جهاز المناعة، قال أحد خبرائها إن «بعض المرضى الذين يعانون من انخفاض الحماية المناعية، والمسنين الذين يضعف جهاز مناعتهم مع مرور الزمن، يحتاجون إلى جرعة ثالثة من اللقاح كي يكتسبوا حماية تعادل تلك التي تنشأ عند بقية الناس بعد تناول الجرعتين. لكن لا توجد حتى الآن أي قرائن علمية على تراجع الاستجابة المناعية عموماً بعد الجرعة الثانية من اللقاح والحاجة إلى جرعة إضافية».
إلى جانب ذلك، أصبحت إيطاليا أمس الدولة الغربية الأولى التي تفرض اللقاح الإجباري على جميع العمال والموظفين في القطاعين العمومي والخاص، رافعة بذلك منسوب الضغط على الجهات الممانعة لتناول اللقاح، والتي كانت صعدت احتجاجاتها في الفترة الأخيرة. وينص المرسوم الحكومي الذي صدر أمس ويدخل حيز التنفيذ منتصف الشهر المقبل، على فرض غرامة تصل إلى ألف يورو على من يرفض إبراز شهادة التلقيح لدى دخوله مكان العمل، وإعطائه مهلة لا تتجاوز خمسة أيام لإبرازها وإلا تعرض لوقف راتبه. وكانت الحكومة تراجعت عن فرض عقوبة الطرد من الوظيفة في حال رفض الامتثال، وذلك لاعتبارها مخالفة للدستور. ويذكر أن إيطاليا التي كانت فرضت إبراز «الجواز الأخضر» لدخول المطاعم والمقاهي وارتياد دور السينما والمسارح والمتاحف، تفكر في فرض التلقيح الإجباري على جميع السكان، لكنها قررت التريث والتجاوب مع التوصية التي صدرت يوم الثلاثاء الماضي عن المجلس الأوروبي لوزراء الداخلية والعدل بالتدرج في تطبيق هذا الإجراء.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.