قادة النقابات التونسية... «سلطة مضادة» ومنافسون لكل السياسيين

قادة النقابات التونسية... «سلطة مضادة» ومنافسون لكل السياسيين
TT

قادة النقابات التونسية... «سلطة مضادة» ومنافسون لكل السياسيين

قادة النقابات التونسية... «سلطة مضادة» ومنافسون لكل السياسيين

أُسس الاتحاد العام التونسي للشغل، أحد أكبر النقابات العمالية التونسية والعربية عام 1946، أي قبل 75 سنة، وذلك بعدما انشق زعماء نقابيون تونسيون عن النقابات الفرنسية ونجحوا في استقطاب مثقفين وشخصيات وطنية وعلمية من جامعة الزيتونة، من بينها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور.
ولقد أسفر المؤتمر الأول للاتحاد عن انتخاب محمد الفاضل بن عاشور رئيساً للنقابة، بينما فاز بالأمانة العامة الزعيم النقابي الوطني والتاريخي فرحات حشاد. ومن ثم، شاركت قيادة اتحاد الشغل في مرحلة الكفاح الوطني ضد الاحتلال الفرنسي في تنظيم الكفاح المسلح، وفي النضال الاجتماعي والسياسي، ما تسبب في اغتيال زعيمها فرحات حشاد من قبل الاستخبارات الفرنسية عام 1952.
غير أن اغتيال فرحات حشاد لم يفتّ في عضد النقابة، بل على العكس، ساهم في تفجير المقاومة المسلحة للاستعمار الفرنسي في تونس وعموم شمال أفريقيا، وفي إعطاء القيادة النقابية دوراً سياسياً إلى جانب دورها الاجتماعي. ومنذ 1952، بعد غياب حشاد، تعاقب على رئاسة اتحاد الشغل النقابي الاشتراكي الشاب أحمد بن صالح، الذي عيّن لاحقاً وزيراً ثم مسؤولاً أول عن 5 وزارات حتى عام 1969. وبعد بن صالح، خلفه صديق بورقيبة النقابي الحبيب عاشور، ثم النقابي والمناضل الوطني أحمد التليلي... الذي غادر تونس أواخر الستينات ووجّه رسالة من منفاه إلى الرئيس بورقيبة يطالبه فيها بالاعتراف بالتعددية السياسية والحزبية. ومنذ أواخر الستينات تزعم اتحاد الشغل النقابي الحبيب عاشور، الذي تراوحت علاقته بصديقه القديم بورقيبة بين التحالف والصراع والصدام حتى خروج بورقيبة من الحكم عام 1987.

عهد بن علي
وبعد نهاية عهد بورقيبة بوصول زين العابدين بن علي إلى السلطة في أواخر 1987، دخل الرئيس الجديد في مفاوضات مع النقابات، أسفرت عن «اتفاق على زيادات كل 3 سنوات في الرواتب والمنح، مقابل تعهد النقابات بالتهدئة الاجتماعية».
وفي هذه المرحلة، تولى رئاسة اتحاد الشغل طوال 20 سنة قياديان فقط، هما إسماعيل السحباني، ثم عبد السلام جراد.
وبعد «ثورة يناير» 2011، استفادت القيادة النقابية من الفراغ السياسي وضعف الحكومات، فضاعفت صلاحياتها وتدخلها في الشأن العام السياسي وفي اختيار كبار المسؤولين في الدولة وتحديد أولوياتها. ولعبت النقابات في الوقت نفسه دوري «القوة الوسطية» و«القوة مضادة للسلطة» التي تتزعم المعارضة الاجتماعية والسياسية للحكومة. وترأس النقابة بين 2011 و2017 حسين العباسي النقابي السابق في جهة القيروان وقطاع التربية، ثم منذ 2017 نور الدين الطبوبي.
هذا، وحسب تصريحات عدد من الرؤساء ورؤساء الحكومات السابقين، بينهم الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي، نظمت النقابات خلال العقد الماضي أكثر من 30 ألف إضراب. وهو ما زاد من إرباك الدولة والقطاع العام، لذلك تدخل الطبوبي أخيراً لمنع تنظيم عدة إضرابات... بينها تلك التي دعت إليها نقابات التعليم بمناسبة افتتاح السنة الدراسية والجامعية.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»