ليس برونالدو وحده تُحصد البطولات

لا يوجد شك في مهارات اللاعب وقدراته لكن ربما كان من الأفضل أن يدعم يونايتد خط وسطه المفكك

رونالدو وفرحة التهديف في أول مباراة بعد عودته إلى يونايتد (الغارديان)
رونالدو وفرحة التهديف في أول مباراة بعد عودته إلى يونايتد (الغارديان)
TT

ليس برونالدو وحده تُحصد البطولات

رونالدو وفرحة التهديف في أول مباراة بعد عودته إلى يونايتد (الغارديان)
رونالدو وفرحة التهديف في أول مباراة بعد عودته إلى يونايتد (الغارديان)

أفسد فريق يانغ بويز السويسري احتفال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو بالعودة للتسجيل بقميص مانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا، حيث تغلب الفريق السويسري على يونايتد بهدفين مقابل هدف في افتتاح منافسات دور المجموعات بالبطولة الأوروبية. وعلى ملعب «سويس وانكدورف» بمدينة بيرن السويسرية، أحرز رونالدو أول أهداف الموسم الجديد للبطولة حيث افتتح التسجيل لمانشستر يونايتد.
وكانت جماهير مانشستر يونايتد احتشدت، في أول مشاركة لرونالدو مع النادي في حقبته الثانية، في ملعب «أولد ترافورد» للاحتفال بعودة النجم البرتغالي إلى مسرح الأحلام، وقد حصلت على ما أرادت واحتفلت بحماس شديد، ليس مرة واحدة، لكن مرتين عندما نجح صاروخ ماديرا في إحراز هدفين في المباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على نيوكاسل بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، ببطولة الدوري المحلي، في إعلان صريح بأن الملك قد عاد إلى عرينه من جديد.
وأثناء الإعلان عن تشكيلة الفريقين في حوالي الساعة 2.25 مساءً، حدث ضجيج هائل عندما ذكر المذيع الداخلي اسم رونالدو. وعندما نزل النجم البرتغالي إلى أرض الملعب لإجراء عمليات الإحماء، نال تشجيعا أكبر وتصفيقا حادا من الجماهير، التي رفع لها إبهامه تعبيرا عن احترامه لها. وقبل انطلاق المباراة، كان رونالدو آخر لاعب من فريق مانشستر يونايتد يخرج من النفق، لذلك ازداد الحماس الجماهيري لحظة تلو الأخرى حتى خرج النجم البرتغالي خلف بول بوغبا.
كان الضجيج في البداية غير عادي، وكان أعلى بكثير من أي مباراة لعبها مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز على ملعب «أولد ترافورد» خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن هذه المباراة كانت مباراة عادية ضد منافس متوسط المستوى في منتصف جدول الترتيب. ومن المفترض أن التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي قد تجاوز كل الحدود. وحتى الرئيس التنفيذي للنادي، أفرام غليزر، عاود نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي بعد توقف دام عامين، من أجل الاحتفال بعودة رونالدو.
ومع ذلك، هناك شيء غريب للغاية في هذا الأمر، يتمثل في هذا القدر الكبير من الامتنان لرونالدو لأنه قرر العودة إلى مانشستر يونايتد بعدما كان مستعدا تماما للانتقال إلى الغريم التقليدي مانشستر سيتي! وفي المنطقة المخصصة للمسؤولين، تلفت المدير التنفيذي لمانشستر يونايتد إد وودوارد حواليه وكأنه يهنئ نفسه على العمل الجيد الذي قام به بإعادة رونالدو إلى النادي مرة أخرى، وكأن يمكن تأجيل أي أسئلة لبضعة أشهر أخرى حول أسباب فشل مانشستر يونايتد في الحصول على أي لقب للدوري الإنجليزي الممتاز لمدة ثمانية مواسم رغم إنفاق نصف مليار جنيه إسترليني خلال السنوات الخمس الماضية، وهي نفس الفكرة التي تجعل معظم جماهير مانشستر يونايتد تتجنب انتقاد أولي غونار سولسكاير رغم أنه المدير الفني الأطول بقاء في منصبه في «أولد ترافورد» دون أن يحقق أي بطولة منذ ديف سيكستون.
لكن عودة رونالدو غطت على كل هذه الأمور، ونسيت جماهير مانشستر يونايتد أي شيء آخر من أجل الاحتفال بالنجم البرتغالي. لقد تباهى رونالدو بين جماهيره، التي استجابت بدورها بكل حماس وسعادة، بشكل جعلها تبدو وكأنها غير قادرة على التعامل مع أبطالها بأي طريقة أخرى سوى الإعجاب الشديد والخنوع المطلق! وبخلاف لافتة مرسومة خلف طائرة، لم تكن هناك أسئلة محرجة هنا حول ما حدث بالضبط في تلك الليلة في لاس فيغاس قبل 12 عاماً عندما اتهم رونالدو بالاغتصاب، رغم أن النجم البرتغالي ينفي كل هذه الاتهامات! كما لم تكن هناك تساؤلات حول الحكمة من دفع راتب أسبوعي خرافي مقداره 500 ألف جنيه إسترليني للاعب يبلغ من العمر 36 عاماً، في ظل عدم وجود أموال كافية لتدعيم خط الوسط الذي يبدو مفككا ومهلهلا! وهل سيؤدي التعاقد مع رونالدو إلى تعطيل وتأخير تطوير لاعب واعد للغاية مثل ماسون غرينوود؟
وهل يؤثر وجود رونالدو على إبداع وتألق برونو فرنانديز، الذي كان يقوم بدور مهم للغاية مع مانشستر يونايتد في الفترة الأخيرة، لكنه لم يكن يقدم نفس المستويات مع منتخب البرتغال بسبب وجود رونالدو؟ وهل يمكن أن يؤدي عدم قيام رونالدو بواجبه الدفاعي وعدم الضغط على المنافسين إلى زيادة إضعاف خط وسط مانشستر يونايتد أمام الأندية الأقوى؟
لقد ظهر رونالدو بشكل جيد في أول مباراة له مع مانشستر يونايتد بعد العودة، أو بالأحرى كان جيداً في الأشياء التي يجيدها! لقد كان النجم البرتغالي متيقظا عندما سقطت تسديدة غرينوود من بين أيدي حارس نيوكاسل يونايتد، فريدي وودمان، ليضعها في الشباك محرزا الهدف الأول للشياطين الحمر في الوقت المحتسب بدل الضائع في الشوط الأول. كما تصرف رونالدو بشكل رائع فيما يتعلق بتسلم الكرة وتجاوز إزاك هايدن قبل أن يسدد الكرة بين قدمي وودمان محرزا الهدف الثاني، كما افتتح النجم البرتغالي التسجيل لمانشستر يونايتد حيث تلقى عرضية وصوب الكرة ببراعة بين ساقي حارس مرمى يانغ بويز ديفيد فون بالموس إلى داخل الشباك، وهو ما يدل على أن رونالدو لا يزال هدافا من الطراز الرفيع.
لكن مشكلة مانشستر يونايتد الموسم الماضي لم تكن تكمن في تسجيل الأهداف، حيث تشير الأرقام والإحصاءات إلى أن مانشستر يونايتد جاء في المركز الثاني من حيث إحراز أكبر عدد من الأهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما خرج بطريقة ما من دوري أبطال أوروبا رغم إحرازه 15 هدفا في دور المجموعات. لكن مشكلة الفريق كانت تكمن في ضعف خط الوسط، والافتقار إلى التماسك الذي يعني أنه كان يمكن للفريق أن يسقط أمام أندية متوسطة المستوى مثل كريستال بالاس ووست بروميتش ألبيون وشيفيلد يونايتد وفياريال، وغيرها.
وكانت هناك مؤشرات مقلقة في الشوط الأول أمام نيوكاسل على أن رونالدو قد يؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة. صحيح أن رونالدو لا يزال في أيامه الأولى مع الفريق، وقد يزداد التفاهم بينه وبين زملائه بمرور الوقت، لكن عندما انطلق رونالدو، على سبيل المثال، على يسار منطقة الجزاء بعد مرور 20 دقيقة في مواجهة نيوكاسل، وسدد الكرة في الشباك الجانبية من زاوية ضيقة، لم يكن هناك أحد في منتصف الملعب للحصول على تمريرة عرضية: كان غرينوود وجادون سانشو وفرنانديز يقفون في الخلف ويتفرجون على ما يحدث!
وإذا كانت مشاركة رونالدو والحاجة إلى استيعاب عدد أكبر من النجوم تعني أن يلعب بوغبا المزيد من المباريات في الجزء الخلفي من خط الوسط، فإن مانشستر يونايتد سيكون معرضا بشدة للهجمات المرتدة الخطيرة. لقد أحرز نيوكاسل يونايتد هدف التعادل من هجمة مرتدة سريعة، ويمكن لأي فريق أكثر قوة أن يقوم بهذا الأمر أكثر من مرة أمام خط وسط مانشستر يونايتد الذي يواجه صعوبات كثيرة. وليس هناك شك في أن يونايتد عانى أمام يانغ بويز أصحاب الأرض بعدما خاض الشوط الثاني بعشرة لاعبين إثر طرد مدافعه آرون وان - بيساكا.
لكن جمهور مانشستر يونايتد لم يكن يرغب في أن يشعر بالقلق في ذلك اليوم، فقد كان هذا يوما للاستمتاع وتذكر أمجاد الماضي التي يأمل جمهور النادي أن تعود مرة أخرى بعودة رونالدو. ومع ذلك، من الصعب أن نرى كيف سيحل رونالدو أكبر مشكلة تواجه مانشستر يونايتد والتي تمنعه من المنافسة بقوة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وهي تنظيم خط الوسط!



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».