مجلس الأمن يحض على «اتفاق ملزم» بشأن سد النهضة

مشاورات مجلس الأمن حول «سد النهضة» أول من أمس (الأمم المتحدة)
مشاورات مجلس الأمن حول «سد النهضة» أول من أمس (الأمم المتحدة)
TT

مجلس الأمن يحض على «اتفاق ملزم» بشأن سد النهضة

مشاورات مجلس الأمن حول «سد النهضة» أول من أمس (الأمم المتحدة)
مشاورات مجلس الأمن حول «سد النهضة» أول من أمس (الأمم المتحدة)

حضّ مجلس الأمن كلاً من مصر والسودان وإثيوبيا على معاودة المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي من أجل التوصل إلى «اتفاق ملزم» للدول الثلاث بشأن ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير، ضمن إطار زمني معقول. وفي موقف رسمي هو الأول له على هذا المستوى منذ بدء الأزمة المتعلقة بسد النهضة بين القاهرة والخرطوم من جهة، وأديس أبابا من جهة أخرى، أصدر مجلس الأمن بياناً رئاسياً بإجماع أعضائه الـ15 بعدما اضطلعت تونس بدور محوري لهذه الغاية «من منطلق تمسكها بانتمائها العربي - الأفريقي» وفقاً لوصف أحد الدبلوماسيين الذي أشار أيضاً إلى أن البعثة التونسية لدى المنظمة الدولية «قادت مفاوضات طويلة بالتشاور مع مختلف الأطراف، آخذة في الاعتبار «مشاغل ومصالح الدول الثلاث وتعزيز مسار المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي». وأفاد دبلوماسي أن المفاوضات بشأن البيان الرئاسي «كانت صعبة»، علماً أن تونس اقترحت في البداية مشروع قرار «لم يتوافق عليه أعضاء المجلس». ووزعت المسودة الأولى للبيان الرئاسي في أوائل أغسطس (آب) وعقدت عدة جولات من المفاوضات، وأجريت 4 تعديلات على النص توصلاً إلى صيغته النهائية. ومنذ بدء إثيوبيا عملية بناء السد عام 2011. ظهرت خلافات حول تقاسم مياه النيل الأزرق، علماً أن تفاصيل أخرى متعلقة بإنتاج الطاقة الكهرومائية بقدرة 6 آلاف ميغاوات من السد الذي تصل تكاليفه إلى 4 مليارات دولار. وبينما تجادل إثيوبيا بأن السد حيوي لتنميتها، عبّرت دولتا المصب عن قلقهما من أنه يهدد إمدادات المياه الخاصة بهما. وعلى رغم توقيع مصر والسودان وإثيوبيا إعلان مبادئ بشأن السد عام 2015، استمرت الخلافات بين الدول الثلاث حول ملء وتشغيل السد خلال فترات الجفاف وآلية تسوية المنازعات. ولم تؤدِ المفاوضات حول القضايا العالقة، بما في ذلك تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، إلى أي تقدم. وناقش مجلس الأمن الخلاف للمرة الأولى في 29 يونيو (حزيران) 2020. بعد بدء عملية الملء الأولى للسد. وتفاقم الخلاف بعدما شرعت أديس أبابا في الملء الثاني من دون موافقة مصر والسودان. وتبنت جامعة الدول العربية قراراً دعا مجلس الأمن إلى مناقشة النزاع. وبالفعل، عُقد اجتماع المجلس بطلب من تونس، العضو العربي، في 8 يوليو (تموز) الماضي. وعلى رغم المحاولات المتكررة، أخفقت الجهود لإصدار قرار. وبالتالي، عمدت تونس إلى توزيع مسودة للبيان الرئاسي خلال الشهر الماضي. وجاء هذا البيان الرئاسي، عقب جلسة لمجلس الأمن، أول من أمس، بعنوان «السلام والأمن في أفريقيا». وأشار البيان الرئاسي إلى اتفاق إعلان المبادئ بشأن سد النهضة، في 23 مارس (آذار) 2015. وذكر أنه أحاط علماً بالمفاوضات التي أجريت حول السد برعاية الاتحاد الأفريقي. وشجع المراقبين الذين تمت دعوتهم لحضور المفاوضات، وأي مراقبين آخرين يمكن أن تقرر مصر والسودان وإثيوبيا دعوتهم، بشكل توافقي ومشترك - على مواصلة دعم المفاوضات، بهدف تيسير حل المشكلات الفنية والقانونية العالقة. ودعا الدول الثلاث إلى «المضي قدماً، بطريقة بناءة وتعاونية، في عملية المفاوضات».
وأكد مجلس الأمن أن هذا البيان «لا يحدد أي مبادئ أو سابقة في أي منازعات بشأن المياه العابرة للحدود». وصار التوافق على هذا البيان الرئاسي ممكناً بعد تسويات وتقليص في محتواه، وبعد إدخال عبارة «تؤكد» أن «البيان لا يحدد أي مبادئ أو سابقة في أي منازعات للمياه العابرة للحدود»، وهذه واحدة من الشروط التي وضعتها الصين ودول أخرى تخشى من حصول سابقة تتيح تدخل مجلس الأمن في النزاعات المائية عبر العالم. وكان عدد من الأعضاء نبهوا إلى أن «هذه الأنواع من الخلافات يجري حلها بشكل أفضل على المستوى الإقليمي ومن خلال الحوار بين الأطراف المعنية». ودعت كينيا الأطراف إلى «إعادة التزام التفاوض بحسن نية في إطار العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي»، معبرة عن «ثقتها الكاملة في أن أشقاءنا وإخوتنا المصريين والإثيوبيين والسودانيين سيجعلون مبدأ الحلول الأفريقية للتحديات الأفريقية حقيقة واقعة». فيما دعت النيجر «كل الأطراف إلى إعطاء الأولوية للتوصل إلى حل إقليمي وأفريقي لقضية سد النهضة». وأشارت سانت فنسنت وجزر غرينادين إلى الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشجع على الحل السلمي للنزاعات المحلية من خلال الترتيبات أو المنظمات الإقليمية.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: الهجمات التي تستهدف الجيش اللبناني «انتهاك صارخ» للقرار 1701

المشرق العربي جنود لبنانيون يتجمعون في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعاً للجيش في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الهجمات التي تستهدف الجيش اللبناني «انتهاك صارخ» للقرار 1701

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أنها «تشعر بالقلق» إزاء تصاعد الأعمال القتالية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، والهجمات التي تعرض لها الجيش اللبناني.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
المشرق العربي صورة تظهر لحظة قصف إسرائيلي لمبنى في منطقة الشياح بالضاحية الجنوبية لبيروت... 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

الأمم المتحدة تدعو «الأطراف» إلى «الموافقة على وقف إطلاق النار» في لبنان

دعا مسؤول في الأمم المتحدة، الاثنين، الأطراف المعنية إلى «الموافقة على وقف إطلاق النار» في لبنان حيث تتواصل الحرب بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.