تشهد محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية حالة من الانفلات الأمني والتوتر المتصاعد، منذ أيام بعد حالات خطف متبادلة بين مجموعات محلية من أبناء السويداء التابعة للأجهزة الأمنية وقوة مكافحة الإرهاب التابعة لحزب اللواء السوري، وعلى أثرها قُتل شخص من بلدة القريا وجُرح آخرون، في وقت يواصل الجيش الروسي «التسويات» في ريف درعا المجاورة.
ورغم توصل الأطراف في السويداء إلى اتفاق أول من أمس (الأربعاء)، يقضي بإطلاق سراح المخطوفين، كلٌّ من طرفه، وإنهاء الحالة المتوترة بينهم، إلا أن حركة رجال الكرامة لا تزال تحاصر وتطالب الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري في السويداء بتطبيق شروطها بسحب السلاح من هذه المجموعات المحلية من السويداء، ومحاسبتهم قضائياً، أو ترحيلهم خارج السويداء.
وشنت «حركة رجال الكرامة» في مدينة السويداء حملة مداهمة أمس، استهدفت أشخاصاً متهمين بالانتماء لعصابات خطف واعتقال، وسط انتشار كثيف لعناصر الحركة في محيط بلدة «عتيل» شمال مدينة السويداء، ومناطق متفرقة من المحافظة.
وقال الناشط ريان معروف، مسؤول تحرير «شبكة السويداء 24» المعارضة، لـ«الشرق الأوسط»: «طوّقت حركةُ رجال الكرامة فرعَ الأمن العسكري في السويداء يوم الأربعاء، بعد اتهامه بالتستر على وتغطية أفعال المنتسبين لهذه الأفرع من أبناء السويداء الذين يمارسون أفعالاً وانتهاكات بحق المدنيين بغطاء من الفرع».
وجاء ذلك بعد أن أنذرت الحركة في بيان لها يوم الثلاثاء جميع فروع الأجهزة الأمنية في السويداء، لرفع الغطاء عن جميع من سمّتهم المسلحين وأفراد العصابات المنتسبين إليها داخل المحافظة، وطالبت بمحاسبتهم قضائياً، وسحب بطاقاتهم الأمنية والأسلحة التي تم تزويدهم بها «التي يحملونها للاعتداء على المدنيين وارتكاب الانتهاكات ضدهم»، أو ترحيلهم خارج محافظة السويداء، حسب تعبيرهم.
وجاء هذا التصعيد رداً على استمرار انتهاكات واعتداءات جماعة راجي فلحوط التابع لفرع الأمن العسكري على المدنيين والأهالي خصوصاً على الطريق الرئيسي دمشق - السويداء، ورداً على الاعتداء الذي تعرض له أفراد من الحركة في أثناء مرورهم على طريق دمشق - السويداء قبل يومين، حيث سيّرت الحركة دوريات مسلحة في معظم مناطق مدينة السويداء، وأمّنت طريقاً بديلاً إلى دمشق يمر عبر بلدتي «قنوات وسليم»، بعدما قطعت جماعات محلية مسلحة تابعة للأمن العسكري طريق دمشق - السويداء عند بلدة «عتيل»، التي يتخذ منها راجي فلحوط مقر له ولجماعته، حسب معارضين.
وأكد الناشط أن تحرك رجال الكرامة يأتي بشكل منفصل وغير متحيز لأي طرف للخلاف بين قوة مكافحة الإرهاب التابعة لحزب اللواء السوري، وبين جماعة راجي فلحوط التابعة للأمن العسكري، وإنما تحركها الأخير جاء نتيجة تمادي وتطاول تصرفات هذه الجماعات على المدنيين والعبث بأمن المحافظة.
ورفضت الحركة مساعي في السويداء لإبعادها عن شروطها التي وضعتها بحق هذه المجموعات، في حين لا تزال الحركة متمسكة بشروطها، وتفرض طوقاً أمنياً على منطقة «عتيل»، وسط تأكيد وجهاء عتيل رفضهم لانتهاكات جماعة راجي فلحوط، وضرورة تجنب المدنيين في البلدة الصراعات والنزاعات بين الأطراف.
وكشف مصدر خاص أن «رجال الكرامة» ورجال دين من الطائفة الدرزية في السويداء تلقوا اتصالاً من مسؤول عسكري في النظام السوري أبدى استعداد قوات النظام لتدخل بالقضاء والسيطرة على هذه الجماعات، وعدّ هذه المجموعات المنتشرة في السويداء غير تابعة للأفرع الأمنية، في حين أن عناصر هذه المجموعات تحمل بطاقات تدّعي انتسابهم لفرع المخابرات العسكرية التابع للنظام السوري.
وأصدرت الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية ممثلةً بالشيخ حكمت الهجري، بياناً أمس، حذّرت فيه من الاقتتال الداخلي، ودعت إلى وحدة الصف، وأن «جميع أبناء الجبل كالعنقود الواحد، والجيش الواحد، وأنهم لا يريدون لأحد أن يكون قاتلاً لأهله، وأن الأرض بحاجة إلى وجود الجميع ضد الغرباء المعتدين والمفسدين أياً كانوا». وأكد شيخ العقل يوسف جربوع ضرورة فرض سلطة الدولة السورية في السويداء، وأن تأخذ دورها بالكامل، بعد الأحداث والنزاعات الأخيرة التي شهدتها المدينة، والأجندة الخارجية التي تحاك للمحافظة، حسب تعبيره.
وتعد «حركة رجال الكرامة» أكبر الفصائل المسلحة في السويداء، وتحظى بتأييد شعبي، وينضوي ضمن صفوفها معظم أبناء الطائفة، ولا تتبع لأي جهة خارجية، حسب تعبيرها، وتشكلت منذ اندلاع الحرب في سوريا بقيادة الشيخ وحيد البلعوس عام 2013 وتحمل شعارات الدفاع عن «الأرض والعرض، وحماية أبناء الطائفة»، ولم تشارك مع أو ضد قوات النظام السوري في أي عمليات عسكرية في السويداء منذ تأسيسها، ولم يسجل لقواتها الخروج من السويداء، وتتلقى دعماً من الطائفة الدرزية في فلسطين، حسبما قال أحد قياداتها في شريط مصور عبر صفحتها الرسمية.
وفي درعا المجاورة دخل وفد عسكري روسي واللجنة الأمنية التابعة للنظام إلى بلدة المزيريب غرب درعا يوم الأربعاء؛ بعد الاتفاق على تنفيذ بنود خريطة الطريق الروسية، وفتحت مركزاً لإجراء التسويات في مركز البلدية في البلدة، للراغبين من المدنيين والعسكريين الفارين، وتسليم عدد من السلاح الخفيف والمتوسط، ورفع العلمين الروسي والسوري على الدوائر الحكومية في البلدة، كما حصل في بلدة اليادودة مؤخراً.
وقال ناشطون إن الفرقة الرابعة طالبت المتطوعين لديها من عناصر وقادة التسويات في ريف درعا الغربي، الذين رفضوا المشاركة في الأعمال العسكرية الأخيرة، بضرورة تسليمهم السلاح الذي منحتهم إياه مع البطاقات الأمنية، وإجرائهم التسوية في المراكز التي فُتحت مؤخراً في بلدتي اليادودة والمزيريب، ويكثر وجود هذه العناصر في مناطق حوض اليرموك، ورجح ناشطون أن تنتقل روسيا والنظام السوري في تطبيق خريطة الطريق الروسية بعد بلدة طفس إلى مناطق الجيدور التي تشمل مناطق حوض اليرموك ومدينة جاسم وأنخل بريف درعا الغربي والشمالي الغربي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية: «مع الدور الأساسي لروسيا الاتحادية، يستمر التطبيع السلمي في جنوب غربي محافظة درعا... حيث غادر المسلحون الرافضون للتسوية، وتوجهوا مع عائلاتهم إلى المناطق تحت سيطرة المعارضة. والباقون يسلمون أسلحتهم ويخضعون لتسوية أوضاعهم في مراكز رسمية تم نشرها لهذا الغرض تحديداً». وتابع البيان أن المسلحين «بالتالي يستعيدون حقوقهم المدنية في الجمهورية العربية السورية ويحصلون على فرصة ممارسة العمل السلمي. ويتمتع الجميع بحق العفو الذي منحته لهم الحكومة السورية، باستثناء مرتكبي الجرائم الخطيرة».
وأشار البيان إلى تسيير دوريات للشرطة العسكرية الروسية والعسكريين السوريين في الشوارع، وتم نصب الحواجز للتفتيش على الطرق، حيث يتخذ العسكريون الروس والسوريون مع المسلحين السابقين الإجراءات اللازمة لوقف أعمال التخريب ومنع الصدامات.
تفاقم التوتر في السويداء... وتوسع التسويات بدرعا
دمشق تعرض التدخل لبسط الاستقرار في المدينة ذات الغالبية الدرزية
تفاقم التوتر في السويداء... وتوسع التسويات بدرعا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة