احتجاج سوداني على معلومات إثيوبية «مغلوطة» عن سد النهضة

النيل الأزرق قرب الحدود الإثيوبية - السودانية حيث موقع السد (رويترز)
النيل الأزرق قرب الحدود الإثيوبية - السودانية حيث موقع السد (رويترز)
TT

احتجاج سوداني على معلومات إثيوبية «مغلوطة» عن سد النهضة

النيل الأزرق قرب الحدود الإثيوبية - السودانية حيث موقع السد (رويترز)
النيل الأزرق قرب الحدود الإثيوبية - السودانية حيث موقع السد (رويترز)

احتج السودان في خطاب رسمي على معلومات «غير دقيقة وغير مكتملة» زوّدته بها إثيوبيا بشأن ملء «سد النهضة»، مؤكداً أنها «ألحقت أضراراً كبيرة بالسودان في غياب التنسيق حول عملية الملء»، فيما وصل إلى الخرطوم، أمس، وزير خارجية الكونغو الديمقراطية كريستوف لوتوندول، لبحث استئناف مفاوضات السد.
وقالت وزارة الري والموارد المائية في السودان إن الوزير ياسر عباس بعث برسالة لوزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيلشي بيكلي، أبلغه فيها باحتجاج بلاده على البيانات الفنية التي زودت بها أديس أبابا الخرطوم في يوليو (تموز) الماضي حول ملء السد. وأضاف أن «المعلومات الإثيوبية غير دقيقة وغير مكتملة وتخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي».
وأشارت الوزارة إلى أن الخطاب أرسل الاثنين الماضي، وبعثت صورة منه إلى رئيس الاتحاد الأفريقي ورئيس مفوضية الاتحاد «تضمنت الأضرار التي لحقت بالسودان جراء المعلومات الخاطئة وعدم التنسيق في الملء».
وحثّ الوزير السوداني نظيره الإثيوبي على قبول عملية الوساطة المعززة بقيادة الاتحاد الأفريقي لمساعدة الأطراف في الوصول لاتفاق مرضٍ حول «سد النهضة». وشدد على ضرورة توصل السودان ومصر وإثيوبيا إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء السد، مؤكداً أنه بينما لا يزال السودان يحافظ على الموقف من فوائد السد، فإنه يحذر من أن «عدم وجود معلومات محددة وموثقة حول ملء وتشغيل السد، سيهدد حياة نصف سكان السودان».
وسيعقد وزير خارجية الكونغو محادثات مع وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي. وتأتي الزيارة في إطار جولة تقوم بها الكونغو، بصفتها رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، تشمل إثيوبيا والسودان ومصر، للتباحث حول التدابير الخاصة باستئناف عملية التفاوض حول السد.
ويرافق الوزير وفد رفيع المستوى من الرئاسة والخارجية الكونغولية وخبير من الاتحاد الأفريقي. وقال وزير الري السوداني، في تصريحات سابقة، إن المعلومات التي قدمتها إثيوبيا بشأن ملء السد الثاني، ليست لها قيمة، وصنعت «أمراً واقعاً» يهدد سد الروصيرص السوداني، الذي يقع على بعد 20 كيلومتراً من «سد النهضة».
وظل السودان يطالب بإعطائه المعلومات كافة حول الدراسات البيئية وسلامة السد، وتبادلها عبر آلية ووفق اتفاق. وأعلنت إثيوبيا في 19 يوليو الماضي اكتمال عملية الملء الثاني للسد، بتخزين 4.9 مليار متر مكعب، بدلاً عن هدف 13.5 مليار متر مكعب المعلن سابقاً.
وعقد مجلس الأمن الدولي في يوليو الماضي جلسة خاصة لتسوية النزاع حول السد، حثّ فيها الدول الثلاث على مواصلة الحوار برعاية الاتحاد الأفريقي. وتطالب السودان ومصر بتدعيم وساطة الاتحاد الأفريقي في الملف بالآلية الرباعية المكونة من الأمم المتحدة وأميركا والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، وفق منهج جديد يمكّن الدول الثلاث من التوصل لاتفاق قانوني ملزم في مدى زمني لا يتجاوز 6 أشهر.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم