اتهام يمني لفريق خبراء مجلس حقوق الإنسان بـ«التضليل والانحياز»

TT

اتهام يمني لفريق خبراء مجلس حقوق الإنسان بـ«التضليل والانحياز»

هاجمت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أمس (الأربعاء)، التقرير السنوي الجديد لفريق الخبراء التابعين لمجلس حقوق الإنسان بشأن الأوضاع في البلاد، وذلك غداة رفضها التقرير واعتراضها على التجديد للفريق وتأييد موقفها من دول أخرى بينها السعودية والصين ودول المجموعة العربية.
اعتراض الحكومة اليمنية على التقرير تزامن مع استمرار التصعيد الحوثي عسكرياً في مناطق مأرب والبيضاء وعلى تخوم المحافظات الجنوبية، وفي وقت يعتزم فيه المبعوث الأممي الجديد هانس غرندبيرغ إجراء أولى محادثاته في المنطقة سعياً لإنعاش مساعي السلام المتعثرة.
ووصف وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، موقف الحكومة من تقرير فريق الخبراء بالصائب، متهماً الفريق بالتضليل والانحياز وعدم المهنية، حسبما جاء في سلسلة تغريدات له على «تويتر».
وكان اليمن قد أعلن رسمياً (الثلاثاء) رفضه التقرير جملةً وتفصيلاً عقب تقديمه في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، كما أعلن رفضه التجديد لفريق الخبراء للعام المقبل، وهو الرفض الذي لقي تأييداً من الصين والسعودية والإمارات ودول أخرى إلى جانب دول المجموعة العربية.
وقال الإرياني: «إن تقرير فريق الخبراء الصادر مؤخراً أثبت صوابية موقف الحكومة في رفض قبول تجديد ولايته وعدم الاعتراف بتقاريره، وأكد من جديد انحياز الفريق وعدم مهنيته، وافتقاره لمصادر ميدانية، واعتماده على معلومات مضللة مصدرها تناولات صحافية وتقارير صادرة عن منظمات تدور في فلك ميليشيا الحوثي المدعوم من إيران».
وأوضح الوزير اليمني أن التقرير «انساق خلف الرواية الحوثية التي حاولت التنصل من الهجوم الإرهابي على مطار عدن الدولي لدى وصول رئيس وأعضاء الحكومة، رغم الأدلة والبراهين التي عرضتها لجنة التحقيق وأكدت وقوف ميليشيا الحوثي خلف الهجوم الذي راح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، وحظي بإدانات واسعة من مختلف دول العالم». وحسب الإرياني فإن «التقرير الذي ردد ادعاءات ومزاعم ميليشيا الحوثي لتبرير هجماتها الإرهابية التي طالت السعودية بحجة أنها (أهداف ذات طبيعة عسكرية) يكشف الانحياز الفاضح لفريق الخبراء، ومحاولاته تبرير تلك الهجمات التي طالت مصادر الطاقة والمطارات والموانئ المدنية والأحياء السكنية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي».
وأشار الوزير الإرياني إلى أن التقرير «أشاد بتقويض ميليشيا الحوثي الإرهابية جهود التهدئة وإحلال السلام في اليمن ورفضها الإعلان المشترك الذي قدمه المبعوث الأممي السابق مارتن غريفيث، واشتراطها اتفاقاً منفصلاً بشأن ميناء الحديدة ومطار صنعاء قبل الدخول في أي مفاوضات لوقف إطلاق النار، وعدّها تطوراً إيجابياً».
وكان وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، قد التقى (الثلاثاء) في جنيف المفوض السامي لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، حيث أفادت المصادر الرسمية بأنه ناقش حالة حقوق الإنسان في بلاده والانتهاكات المستمرة من ميليشيا الحوثي بحق المواطنين، وجهود الحكومة لحماية المدنيين من ويلات الحرب.
ونقلت وكالة «سبأ» عن ابن مبارك قوله: «إن الانقلاب الحوثي في أساسه يجب أن يصنَّف كانتهاك خطير لحقوق الإنسان، لأنه يلغي حق المواطن في اختيار مًن يحكمه فضلاً عن الادعاء بالحق الإلهي في الحكم، ولأنه اتّخذ من القمع والاختطاف والإخفاء القسري وتفجير منازل المعارضين والمساجد والمدارس والاعتقال والتعذيب وحرمان المواطنين من حرية التعبير والتظاهر وتجنيد الأطفال، وسيلةً لإرهاب المجتمع وفرض سلطة شمولية وعنصرية».
وجدد وزير الخارجية اليمني للمفوض السامي لحقوق الإنسان «تأكيد التزام الحكومة بالقانون الإنساني الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ إن اليمن من بين الدول القلائل التي تستضيف مكتباً لممثل المفوضية السامية إيماناً منها بتلك القيم والمبادئ العالمية الإنسانية».
وأشار ابن مبارك إلى أن الحكومة في بلاده تسعى بنيات صادقة لمعالجة جميع القضايا الإنسانية من خلال التوصل لوقف شامل لإطلاق النار كأهم إجراء إنساني يجب اتخاذه دون تأخير، لافتاً إلى تعنت ميليشيا الحوثي ورفضها الاستجابة للمبادرات والمقترحات الهادفة لإنهاء الحرب.
وتطرق الوزير اليمني -الذي حطّ رحاله أخيراً في سويسرا ضمن جولة أوروبية له بحثاً عن ضغوط غربية على الميليشيات الحوثية لوقف التصعيد العسكري- إلى انتهاكات الميليشيات في استهداف مخيمات النازحين في محافظة مأرب وحصار مدينة تعز، والتي كان آخرها استهداف ميناء المخاء بالصواريخ الباليستية وتدمير مخازن ومستودعات مواد الإغاثة.
وذكرت وكالة «سبأ» أن الوزير ابن مبارك «شدد على أهمية دعم الآلية الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان من أجل حماية تلك الحقوق وترسيخ مبدأ المسؤولية وعدم الإفلات من العقاب».
في السياق الميداني أفادت مصادر عسكرية يمنية، بأن الميليشيات الحوثية واصلت تصعيد هجماتها أمس (الأربعاء)، في مأرب والبيضاء وعلى أطراف المحافظات الجنوبية المحررة بالتزامن مع الاستمرار في خرق الهدنة الأممية في محافظة الحديدة.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية عن مصادر عسكرية، قولها إن «الجيش والمقاومة الشعبية كسروا هجوماً لميليشيا الحوثي في جبهة ناطع بمحافظة البيضاء، وإن المعارك انتهت بفرار الميليشيا بعد سقوط كثير من عناصرها بين قتيل وجريح وإحراق عدد من آلياتها».
وأشار المركز العسكري إلى «أن مدفعية الجيش شنّت قصفاً مكثّفاً استهدف تجمعات وتحركات الميليشيا الحوثية في مواقع متفرقة من الجبهة وكبّدها خسائر بشرية ومادية كبيرة».
على الصعيد نفسه، كان الإعلام العسكري قد أفاد بأن قوات الجيش تصدت لهجمات حوثية في اليومين الأخيرين غرب مأرب، في وقت كثفت فيه الميليشيات من عملياتها العسكرية في البيضاء سعياً منها للتقدم نحو محافظات شبوة وأبين ولحج المجاورة.
إلى ذلك كان الإعلام العسكري للقوات المشتركة في الساحل الغربي لليمن حيث محافظة الحديدة، قد أكد اندلاع مواجهات مع الميليشيات الحوثية في جبهة حيس انتهت بفشل هجمات الميليشيات.
وأوضحت المصادر العسكرية أن الميليشيات الحوثية «دفعت بتعزيزات من جهة مديرية الجراحي وحاولت إعادة ترتيب دفاعاتها في جبهة حيس من محورين وباءت بالفشل الذريع فضلاً عن خسائر بشرية في صفوفها».
وفيما تأمل الحكومة الشرعية أن تنجح الجهود الدولية والأممية في الضغط على الميليشيات الحوثية لوقف النار والانصياع لخيار السلام وفق المرجعيات الثلاث، يرجّح مراقبون للشأن اليمني أن الميليشيات ستستمر في الرهان على خيار العنف لا سيما في مأرب، حيث تسعى لإخضاع المحافظة النفطية بالتزامن مع سعيها للتمدد إلى بقية المحافظات المحررة في الجنوب.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».