«الخريطة الروسية» تمتد جنوب غربي سوريا

بدء تنفيذها في بلدة اليادودة

عربة عسكرية روسية في بلدة اليادودة (تجمع أحرار حوران)
عربة عسكرية روسية في بلدة اليادودة (تجمع أحرار حوران)
TT

«الخريطة الروسية» تمتد جنوب غربي سوريا

عربة عسكرية روسية في بلدة اليادودة (تجمع أحرار حوران)
عربة عسكرية روسية في بلدة اليادودة (تجمع أحرار حوران)

تواصل روسيا تنفيذ خريطة الطريق التي قدمتها إلى مناطق التسويات جنوب سوريا مؤخراً، فبعد الإعلان عن تطبيق بنودها في درعا البلد قبل أيام، انتقلت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا والجانب الروسي بنفس المطالب إلى مناطق ريف درعا الغربي.
وقالت مصادر من اللجنة المركزية للتفاوض الممثلة للمنطقة الغربية إن اللجنة الأمنية التابعة للنظام والجانب الروسي أجروا مباحثات مع اللجنة المركزية قبل أيام، واتفقت الأطراف على دخول بلدة اليادودة بريف درعا الغربي وتسليم سلاح فردي خفيف ومتوسط وتسوية أوضاع الراغبين من المدنيين والعسكرين الفارين (المنشقين عن الجيش السوري).
وحضرت لجنة التسوية ولجنة النظام الأمنية والجانب الروسي إلى بلدة اليادودة صباح يوم الاثنين واتخذت من إحدى مدارس البلدة مركزاً لإجراء التسويات وتسليم الأسلحة، وأجرى نحو 150 شخصاً عملية التسوية لأوضاعهم من أبناء بلدة اليادودة، منهم أسماء كانت مقدمة من لجنة النظام السوري لأشخاص من البلدة على ضرورة تسليمهم السلاح الخفيف والمتوسط وخضوعهم للتسوية أو التهجير، كما نص الاتفاق على إجراء عمليات تفتيش لمنازل محددة في البلدة في يوم الثلاثاء بحضور اللجان المفاوضة والجانب الروسي وقوات من الفيلق الخامس المدعوم من حميميم ووجهاء من البلدة، وانسحاب التعزيزات العسكرية التابعة للنظام التي تركزت مؤخراً على أطراف بلدة اليادودة الغربية، وذلك إثر اتفاق بين الجانب الروسي واللجنة المركزية في الريف الغربي.
وأشار المصدر إلى أن هذا الاتفاق أو الخريطة الروسية الجديدة سوف تطرح على معظم مناطق وبلدات الريف الغربي خلال الأيام القادمة وخصوصاً المعروفة باستمرار الأعمال والحراك المناهض للنظام السوري، مثل مدن «جاسم وطفس المزيريب» وغيرها، مع التلويح باستخدام الخيار العسكري في المنطقة الرافضة لتطبيقه كما حصل في مدينة درعا البلد مؤخراً.
ويرى الباحث السوري محمد العويد لـ« الشرق الأوسط» أنه لم يحقق أي طرف من الأطراف مبتغاه الكامل، ولكن الأحداث جنوب سوريا راحت لصالح الجانب الروسي الذي بدا منفرداً بالمنطقة وصاحب اليد الطولى بقراراتها، لتعزيز دوره الدولي بالمسألة السورية سواء جنوب سوريا أو شمالها أو شرقها، وخصوصاً مع تغيرات المناخ الدولي من القوى المسيطرة على الأرض وأحداث أفغانستان والانسحاب الأميركي، فوكلاء الدول في سوريا بدأوا يسعون لتعدد الحلفاء والاقتراب منهم أكثر خشية أي انسحابات أميركية أو تركية على سبيل المثال، ومن خلال ما حدث جنوب سوريا وهيمنة روسيا على رغبات النظام والمعارضة والأهالي وحتى إيران سيدفع المناطق الأخرى لتتعامل معها بالمخلص والدولة الحليفة الثانية.
وزاد حتى المشاركة الإيرانية العلنية التي كانت برغبة الروس وحجم الآلة العسكرية التي استقدمت واستخدمت، كانت كلها خطة روسية، لاستكمال دورها في سوريا حتى على حساب إيران ودورها في سوريا، وخصوصاً أمام دول إقليمية للجنوب السوري مثل إسرائيل ورغبة روسيا كسب أوراق ضغط على إسرائيل تستخدمها بأي مفاوضات دولية تخدم مصالحها حتى في قضايا خارج سوريا.
واعتبر الناشط محمود الحوراني من ريف درعا الغربي أن «النظام السوري يبحث عن انتصار يعلنه أمام مؤيديه، خصوصاً بعد الانتخابات وبعد خطاب القسم المليء بالانتصارات على الشعب، ولجأ إلى تحقيق ذلك جنوب سورية وإحراز (انتصار في مهد الثورة)، باعتبارها الخاصرة الأضعف للمقاومة بعد تجريدها من السلاح الثقيل باتفاق التسوية عام 2018 وتهجير وقتل معظم قادة وعناصر المعارضة الفاعلين فيها خلال السنوات الماضية».
وقال الكاتب والباحث بالشأن السوري جمال الشوفي لـ« الشرق الأوسط» إن المعركة التي حدثت جنوب سوريا لا تخلو من أبعاد سياسية وعسكرية، من عودة الحضور السوري إقليمياً أمام الأردن، مع الإعلان عن توافق على خط الغاز العربي لإنارة بيروت، وإحضار الدور الروسي في الملف من خلال السيطرة على الطريق الدولي المار من درعا البلد، منفردة لها على هذا الخط الدولي الحيوي، مستفيدة من رفض أهالي درعا سيطرة الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية عليها، ومن حصار درعا من ذات القوات، فأنهت الحالة العشوائية في درعا البلد والسيطرة الجزئية الشكلية للنظام وأدخلت قواتها التي تريدها هي إلى المدينة التي كانت قد تعهدت لها روسيا بعدم دخول الجيش وقوات الأمن إليها في اتفاق 2018، وأحكمت سيطرتها بالتشارك بين بعض القوى والأجهزة الأمنية المفترض أنها تدين بالولاء لها (كالأمن العسكري والفيلق الخامس)، وأخلت درعا من المظاهر المسلحة من كافة الجهات، وأبعدت الدول التي حاولت أن تشاركها في السيطرة عن المنطقة بعد فشلها في السيطرة العسكرية عليها بمقاومة أبناء المدينة، وتطبيق الحل الروسي بقبول الأهالي باعتباره أبعد الميليشيات الإيرانية عن المدينة.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.