روسيا تتنازل بـ«الدستور السوري» لإغراء أميركا

وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن في دمشق يوم السبت (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن في دمشق يوم السبت (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتنازل بـ«الدستور السوري» لإغراء أميركا

وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن في دمشق يوم السبت (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن في دمشق يوم السبت (أ.ف.ب)

تتجه الأنظار إلى لقاء مبعوثي الرئيسين فلاديمير بوتين، وجو بايدن، في جنيف، غداً، لتلمس التفاهمات الروسية - الأميركية حول سوريا للمرحلة المقبلة، بعدما نجحت موسكو في انتزاع «تنازلات سياسية» ولو شكلية، من دمشق وفرض «وقائع عسكرية» في سوريا بين التهدئة في درعا والتصعيد بإدلب، ستعرضها على وفد واشنطن للمطالبة بـ«ثمن سياسي» لها.
«التنازل» السياسي يمثل بداية بموافقة دمشق على استقبال المبعوث الأممي غير بيدرسن، بعد تمنع سوري لشهرين. اللقاء جاء بناءً على تدخل روسي مباشر ونصيحة من طهران عبر اتصالات مباشرة مع الجانب السوري. الاختراق الثاني، تمثل بموافقة رئيس «الوفد المسمى من الحكومة» أحمد الكزبري، على بدء عملية الاتفاق على «آلية أممية» اقترحها بيدرسن لإطلاق الكزبري ورئيس وفد «هيئة التفاوض» هادي البحرة، مسار «صوغ» الدستور السوري، على أمل عقد الجولة السادسة المقبلة في جنيف في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
كانت دمشق أعربت سابقاً عن «انزعاجها» من بيدرسن لسببين: الأول، لقاء وفد يمثل درعا خلال عملية المفاوضات والتصعيد العسكري قبل أسابيع. الثاني، عدم انخراطه مع الكزبري لمناقشة مسودة الورقة التي اقترحها لعمل لجنة الدستور. هذان الشرطان، طويا بمجرد ما «نصحت» موسكو دمشق باستقبال بيدرسن. لكن في المقابل، حصلت دمشق على «صمت» أممي من البيان الذي أصدرته الخارجية السورية خلال زيارة بيدرسن، وشرح وزير الخارجية فيصل المقداد، «حقيقة التطورات التي جرت مؤخراً في درعا وارتياح الدولة السورية للحلول التي تم التوصل إليها، وبدء عودة الحياة الطبيعية إلى درعا البلد»، إضافة إلى «ضغوطات» على الأمم المتحدة لإعلان موقف أوضح ضد «العقوبات الأحادية» وضد «الاحتلالين التركي والأميركي» و«التدخل الخارجي».
أما الوقائع العسكرية الجديدة، فتمثلت بعودة دمشق إلى درعا «مهد الثورة» لأول مرة منذ عشر سنوات، التي حصلت بموجب تفاهمات روسية - أميركية - أردنية. وحسب مسؤول غربي، فإن «الدول الثلاث رعت اتفاق عودة الحكومة إلى الجنوب في 2018 مقابل إبعاد إيران، واليوم رعت استكمال الاتفاق بالعودة الكاملة للحكومة إلى الجنوب مع وعود بتخفيف نفوذ إيران هناك».
وأشار إلى أن مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغوركن، الذي سيلتقي نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فريشنين، والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنييف، كان «عراب» اتفاق 2018، وأنه أحد الداعمين الأساسين للاقتراح الأردني الجديد الخاص بجنوب سوريا، ويتضمن اقتصادية على مقايضات تشمل مرور الغاز العربي عبر سوريا، واستثنائها من العقوبات الأميركية، وعودة دمشق إلى درعا، وإضعاف إيران.
وبالتوازي مع «التهدئة» في درعا، بدأت روسيا بالتصعيد في إدلب، إذ إنه بالتزامن مع قول وزير الخارجية سيرغي لافروف إن تركيا «لم تنفذ التزاماتها» في شمال غربي سوريا، صعدت طائرات روسية من قصفها على جنوب إدلب، الأمر الذي رد عليه وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، بالقول إنه على روسيا أن تلزم بتعهداتها. طبعاً، موسكو تريد فصل الإرهابيين عن المعتدلين في شمال غربي سوريا، وإعادة تشغيل طريق حلب - اللاذقية. أنقرة، تريد ثبات وقف النار ووقف القصف هناك، وتسعى إلى «تذويب» المتطرفين.
وطالما أن روسيا وتركيا تسيران دوريات مشتركة شرق الفرات، فأغلب الظن أن الأمور تسير باتجاه ترتيبات جديدة بينهما وصفقة، ربما تكون جنوب طريق حلب - اللاذقية مقابل توغل تركي ضد الأكراد شرق الفرات. لكن التصعيد الروسي في إدلب، هو استدراج لعروض أميركية ضد «هيئة تحرير الشام» التي تصنفها تنظيماً إرهابياً، ولا يميز بعض مسؤولي واشنطن، خصوصاً ماكغورك، بينها وبين «القاعدة».
ستكون هذه التفاصيل من دمشق إلى درعا وإدلب والحسكة والرقة وحلب، على طاولة ماكغورك - فريشينين. لكن كل المؤشرات تدل إلى أن كفة المحادثات تسير باتجاه اقتراب أميركي أكثر من القراءة الروسية، ذلك أن الهم الأساسي لماكغورك، هو البحث عن تحالف الراغبين لمحاربة الإرهاب ومنع عودة «داعش»، خصوصاً بعد الانسحاب من أفغانستان، بحيث إنه لن يعترض بل يشجع ترتيبات بين دمشق والقامشلي بضمانات روسية وخفض الضلع التركي شرق الفرات، وعلى تقديم «حوافز» لمحاوريه الروس، بتمويل «الانعاش المبكر» واختراق «قانون قيصر»... ومحاربة الإرهاب.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.