المغرب: أخنوش للتحالف مع «الأصالة والمعاصرة» و«الاستقلال» لتشكيل الحكومة

زعيم «الاستقلاليين» مرشحاً لرئاسة مجلس النواب

رئيس الحكومة المغربية المكلف لدى استقباله عبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري أمس (الشرق الأوسط)
رئيس الحكومة المغربية المكلف لدى استقباله عبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري أمس (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: أخنوش للتحالف مع «الأصالة والمعاصرة» و«الاستقلال» لتشكيل الحكومة

رئيس الحكومة المغربية المكلف لدى استقباله عبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري أمس (الشرق الأوسط)
رئيس الحكومة المغربية المكلف لدى استقباله عبد اللطيف وهبي وفاطمة الزهراء المنصوري أمس (الشرق الأوسط)

شرع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية المعين، أمس، في مشاوراته مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، من أجل تشكيل حكومته، وسط أنباء عن اقتصارها على الأحزاب الثلاثة الأولى، المتصدرة لنتائج اقتراع الثامن من سبتمبر (أيلول) الجاري. ويتعلق الأمر بـ«التجمع الوطني للأحرار» وحزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال.
وبدأ أخنوش مشاوراته باستقبال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، باعتبار أن «الأصالة والمعاصرة» حل ثانياً من حيث عدد المقاعد في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، إذ حصل على 87 مقعداً، بينما نال حزب التجمع الوطني للأحرار 102 مقعد.
وخلال تصريح صحافي من مقر حزب الأحرار، عقب انتهاء اللقاء، بدا وهبي مرتاحاً، وقال إنه تلقى «إشارات جد إيجابية» من أخنوش. لكنه لم يكشف طبيعة هذه الإشارات، بيد أن مصادر من الحزب أبلغت «الشرق الأوسط» بأنه تلقى عرضاً بالمشاركة في الحكومة، وربما عرض عليه حتى عدد المقاعد الحكومية ونوعيتها.
وأشار وهبي، الذي كان إلى جانب فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب (أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر)، إلى أنه سوف يعمل على «استمرار الحوار لبناء تصور مشترك في المستقبل». وعبر عن تفاؤله قائلاً: «لدينا شعور بأن الأمور ستسير بشكل أفضل». كما تقدم بالشكر لرئيس الحكومة المكلف على «إشاراته الإيجابية».
وكان المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة قد أعلن أنه لا يضع أي «خطوط حمراء» بخصوص التحالفات، مبرزاً أن الأهم بالنسبة له هو «احترام برنامجه الانتخابي، وتوجهاته الكبرى، ومبادئه الديمقراطية الحداثية التي لا تنازل عنها».
من جهة أخرى، استقبل عزيز أخنوش، الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، الذي قال عقب اللقاء، إنه تلقى عرضاً للمشاركة في الحكومة، موضحاً أن العرض «ستتم مناقشته في المؤسسات التقريرية لحزب الاستقلال، وأساساً المجلس الوطني للحزب».
وأشار بركة، الذي حل حزبه ثالثاً من حيث عدد مقاعد البرلمان (81 مقعداً)، إلى أنه ناقش مع أخنوش موضوع «البرنامج الحكومي المقبل»، لكي يتم «إدراج عدة التزامات أخذناها على عاتقنا في إطار البرنامج الانتخابي».
في غضون ذلك، رجحت مصادر حسنة الاطلاع أن يكون منصب رئاسة مجلس النواب من نصيب حزب الاستقلال، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن نزار بركة هو المرشح الأقوى لهذا المنصب.
كما استقبل أخنوش أمس أيضاً الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي حصل على 35 مقعداً في مجلس النواب، وقال في تصريح صحافي إنه أكد لرئيس الحكومة المكلف أن ما بذله الحزبان معاً «في سبيل خدمة البلاد مستعدون لبذله في سبيل إنجاح مشروع النموذج التنموي»، في إشارة إلى استعداد الحزب للمشاركة في الحكومة.
وتشير مصادر إلى أن أخنوش يستعد لتشكيل الحكومة من الأحزاب الأولى من حيث مقاعد مجلس النواب، وهي أساساً حزبا «الأصالة والمعاصرة» و«الاستقلال»، لكونهما يوفران له غالبية مريحة (271 مقعداً من أصل 395 التي يتشكل منها مجلس النواب).
إلى ذلك، أفاد عزيز أخنوش بأنه اتخذ إجراءات بالانسحاب «بشكل كلي من جميع أنشطة التسيير في القطاع الخاص»، معلناً تفرغه «بشكل كامل للمسؤوليات الجديدة، التي كلفني بها جلالة الملك محمد السادس»، بما فيها «تلك المتعلقة حصرياً باقتناء مساهمات في الرأسمال، وتسيير القيم المنقولة، وذلك رغم غياب أي مانع قانوني».

ويأتي هذا القرار انسجاماً مع القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة، والوضع القانوني لأعضائها، الذي ينص على أنه يتعين على أعضاء الحكومة أن يتوقفوا طوال مدة مزاولة مهامهم عن ممارسة أي نشاط مهني أو تجاري في القطاع الخاص، لا سيما مشاركتهم في أجهزة تسيير وتدبير أو إدارة المنشآت الخاصة، الهادفة إلى الحصول على ربح، وبصفة عامة كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، باستثناء الأنشطة التي ينحصر غرضها في اقتناء مساهمات في رأس المال، وتسيير القيم المنقولة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم