إعلان وشيك للحكومة التونسية الجديدة المرتقبة

تونسيون يحيون الرئيس سعيد وسط «شارع الحبيب بورقيبة» بالعاصمة أول من أمس (أ.ف.ب)
تونسيون يحيون الرئيس سعيد وسط «شارع الحبيب بورقيبة» بالعاصمة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إعلان وشيك للحكومة التونسية الجديدة المرتقبة

تونسيون يحيون الرئيس سعيد وسط «شارع الحبيب بورقيبة» بالعاصمة أول من أمس (أ.ف.ب)
تونسيون يحيون الرئيس سعيد وسط «شارع الحبيب بورقيبة» بالعاصمة أول من أمس (أ.ف.ب)

أكدت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية التونسية أن مسار تشكيل «حكومة الرئيس» دخل مرحلة العد التنازلي، مشيرين إلى أن الإعلان عن تركيبتها سيكون في أجل قريب جداً، بعد أن عقد الرئيس قيس سعيد مساء السبت جلسة عمل خصصت للحسم في أعضاء الحكومة الجديدة, والذي أصدر أمس قراراً بإعفاء وزيرة الرياضة بالنيابة سهام العيادي.
ورجحت أطراف سياسية عدة على اطلاع على ما يجري في كواليس «قصر قرطاج»، أن تركيبة الحكومة الجديدة «باتت جاهزة بنسبة 90 في المائة، ولم يتبق سوى القليل للإعلان عنها».
ويعزو مراقبون أسباب تأخر الإعلان عن تركيبة الحكومة، التي ستحل محل حكومة هشام المشيشي المقالة، إلى أن رئيس الجمهورية لا يزال يبحث عن «أشخاص يشعرون بثقل الأمانة التي سيتحملونها، والذين لا يمكن أن يخونوا العهد» الذي سيعاهدونه عليه، بحسب ما جاء في أحد تصريحات سعيد الإعلامية، التي أكد فيها أنه سيختار أشخاصاً لا تشوبهم أي شائبة.
وتتنافس شخصيات عدة سياسية واقتصادية على الفوز بمنصب رئيس وزراء الحكومة الجديدة؛ أبرزهم: مروان العباسي محافظ البنك المركزي، وحكيم بن حمودة، ونزار يعيش اللذين شغلا منصب وزير مالية في حكومات سابقة. غير أن العباسي اشترط وفق متابعين لتطورات الوضع السياسي في تونس أن يكون مستقلاً في قرارته، وهو ما قد يجعل حظوظه تتضاءل أمام منافسيه. وعلى مستوى الشخصيات السياسية، يحظى توفيق شرف الدين، وزير الداخلية السابق الذي أقاله هشام المشيشي بداية السنة الحالية، بحظوظ وافرة، خصوصاً أنه يحظى بثقة الرئيس سعيد، وكان مقرباً منه حين قاد حملته الانتخابية سنة 2019 في منطقة سوسة (وسط شرقي).
لكن بعض المراقبين يرون أن المؤسسات المانحة، ومؤسسات التمويل الدولية، قد لا ترضى بشخصية لا تملك خلفية اقتصادية، ولا تتمتع بقدرة على معالجة الملفات المتراكمة والوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، خصوصاً أن الحكومة الجديدة ستواجه منذ البداية ملفات من الوزن الثقيل؛ في مقدمتها الوضع الأمني المتوتر، وضرورة عودة الاستقرار السياسي، والابتعاد عن تجييش الشارع، وتقسيم التونسيين إلى مؤيدين للرئيس ومناهضين له، إضافة إلى تقديم حلول لتجاوز الأزمة الاقتصادية الحادة، علاوة على مواجهة مخاطر انهيار المنظومة الصحية مجدداً، في حال عودة تفشي فيروس «كورونا».
على صعيد آخر، شرع عدد من نواب البرلمان المجمد، وأساتذة جامعيون ومحامون ونشطاء بالمجتمع المدني، في توقيع عريضة إلكترونية، عبروا من خلالها عن تمسكهم بدستور 2014، ورفضهم كل ما عدّوه «محاولة الالتفاف عليه والخروج عنه، والانقلاب على مضامينه». ومن ضمن الموقعين على هذه العريضة النائب البرلماني عياض اللومي (مستقيل من حزب «قلب تونس»)، ويمينة الزغلامي (النهضة)، وأسامة الخليفي رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «قلب تونس»، وجوهر بن مبارك أستاذ القانون الدستوري، والناشط السياسي عبد الحميد الجلاصي (قيادي مستقيل من «النهضة»).
ومن شأن هذه العريضة المناهضة لخيارات الرئيس سعيد أن تسلط ضغوطاً داخلية إضافية على رئاسة الجمهورية، خصوصاً أنها تتزامن مع دعوة عدد من الأحزاب السياسية إلى ضرورة الإسراع بإنهاء التدابير الاستثنائية، والعودة إلى المسار السياسي الطبيعي.
وفي هذا الشأن؛ قالت سامية عبو، القيادية في حزب «التيار الديمقراطي»، إن الطريق الذي يسلكه رئيس الجمهورية «خاطئ وسيحكم على تونس والأجيال المقبلة بأن تعيش نفس منظومة الخراب والفساد طيلة عقود».
وأضافت سامية عبو أنه لم يعد للتونسيين «فرصة أخرى لإصلاح أوضاعهم الداخلية في ظل تعدد التدخلات الأجنبية»، وعدّت أن «المشكل ليس في النظام السياسي؛ بل في عدم احترام الدستور وتطبيق القوانين في ظل انتشار الفساد والمحسوبية، والإفلات من العقاب. وأكبر المستفيدين من هذا التوجه هم اللوبيات والمافيا» على حد قولها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».