الطريق إلى التطرف.. من مينابوليس إلى قلب «داعش»

عبدي نور مثال نادر لمقاتل أميركي في الرقة.. والتجنيد عبر كتيب إرشادات يحمل اسم «الهجرة إلى الدولة الإسلامية»

عبدي نور يمسك بكلاشنيكوف في الرقة.. وصورة زميله عبد الله يوسف ومقطع لصور جوازات سفر غربية التحق أصحابها بـ«داعش» (نيويورك تايمز)
عبدي نور يمسك بكلاشنيكوف في الرقة.. وصورة زميله عبد الله يوسف ومقطع لصور جوازات سفر غربية التحق أصحابها بـ«داعش» (نيويورك تايمز)
TT

الطريق إلى التطرف.. من مينابوليس إلى قلب «داعش»

عبدي نور يمسك بكلاشنيكوف في الرقة.. وصورة زميله عبد الله يوسف ومقطع لصور جوازات سفر غربية التحق أصحابها بـ«داعش» (نيويورك تايمز)
عبدي نور يمسك بكلاشنيكوف في الرقة.. وصورة زميله عبد الله يوسف ومقطع لصور جوازات سفر غربية التحق أصحابها بـ«داعش» (نيويورك تايمز)

عند قراءة رسائل عبدي نور على موقع «تويتر» مرة أخرى سيتضح كيف انتقل من ملاعب كرة السلة في جنوب مينابوليس إلى ساحة المعركة في سوريا. وفي بداية العام الماضي، بدأ عبدي نشر رسائل تعبر عن آراء دينية متشددة وآيات قرآنية. وفي الثاني من أبريل (نيسان)، بعد يوم من عيد ميلاده العشرين، أثنى على مقاتلي تنظيم داعش قائلا «إذا كانت السماء تفخر بنجومها، فالأرض ينبغي أن تفخر بوجود هؤلاء الإخوة عليها».
وفي 29 مايو (أيار)، وهو اليوم الذي اختفي فيه، نشر رسالة مفادها «أشكر الله على كل شيء». وسرعان ما ذهب إلى تركيا، ضاربا بتوسلات والدته وشقيقته ليعود إلى أرض الوطن عرض الحائط. وفي نهاية يوليو (تموز)، كتب «يا له من يوم جميل في الرقة» وهي المدينة التي اتخذها تنظيم داعش عاصمة له في سوريا. وفي السابع من شهر أغسطس (آب) الماضي، نشر على الإنترنت صورة له وهو يضغط بإصبعه على زناد بندقية كلاشنيكوف. وأصبح نور واحدا من مجموعة محدودة من الأميركيين، الذين وقعوا في غواية الوعد الديني لتنظيم داعش، الذي سيطر على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق زاعما أنه يؤسس لـ«خلافة إسلامية».
وتم توزيع دليل مكون من 50 صفحة على المتطوعين لتنظيم داعش من خلال الإنترنت خلال شهر فبراير (شباط)، ليقدم لهم إرشادات تتعلق بالسفر، وبالأشياء التي يحتاجونها، وكيف يتجنبون توقيف السلطات لهم.
إنه رجل متوسط البنية على وجهه ابتسامة مرحبة، ويعد مثالا نادرا لمقاتل أميركي لدى تنظيم داعش. ويمكن تجميع أجزاء قصته من خلال الرسائل، التي نشرها على الإنترنت، والمقابلات، والسجلات الحكومية. وتشير حالته إلى احتمال اعتماد تنظيم داعش على مسؤولي تجنيد داخل الولايات المتحدة، وتسلط الضوء على مدى صعوبة توقع الأشخاص الذي من الممكن أن ينجذبوا إلى هذا الخطاب الفكري الحماسي.
كان نور يشارك في الأنشطة بكليته على أطراف مينابوليس، وكان يعرب عن رغبته في أن يعمل محاميا. وبدأ بعد ذلك في زيارة مسجد جديد وارتداء ملابس عربية تقليدية. وخطط للهروب مع صديقه عبد الله يوسف (18 عاما)، لكن تباعد مصيرهما بشكل كبير، حيث تم توقيف يوسف وهو يحاول مغادرة البلاد، ويقيم حاليا في مقر لإعادة التأهيل في مينابوليس في إطار تجربة تتم مراقبته فيها حتى لا يقضي مدة عقوبة طويلة في السجن، ويقوم في تلك التجربة بإقناع الآخرين بعدم الانجراف وراء الإرهاب. مع ذلك لا يزال عدد الأميركيين، الذين انجذبوا إلى تنظيم داعش، قليلا، خاصة مقارنة بـ3 آلاف أوروبي انضموا إلى التنظيم. ومنع مكتب التحقيقات الفيدرالي عددا من الرجال والنساء من الانضمام إلى التنظيم، وتم توجيه اتهامات إليهم قبل أن يتمكنوا من مغادرة البلاد. وتوضح الرسائل، التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن هناك عددا آخر من الأميركيين تمكنوا من الانضمام إلى التنظيم في سوريا، رغم أنه لا يوجد رقم دقيق لدى أجهزة الاستخبارات. وتم قتل أربعة أميركيين على الأقل أثناء القتال في صفوف تنظيم داعش.
وفي ظل عدم اكتشاف طريقة تجنيد محددة، يواجه مسؤولون في سلطات تطبيق القانون صعوبة في تحديد هوية الأشخاص، الذين ينجذبون إلى ذلك التنظيم الإرهابي، في الوقت المناسب حتى يتمكنوا من التدخل ومنعهم من السفر، أو ربما عرقلة تنفيذ مخطط في الداخل. وتظهر على أكثر الأميركيين المتطوعين لدى تنظيم داعش حماسة دينية مفاجئة، حيث توجه أكثرهم إلى مراكز تجارية لشراء أجهزة رياضية قبل توجههم إلى القتال؛ فعلى سبيل المثال ذهب نور لشراء ملابس رياضية بحسب ما اكتشفه مكتب التحقيقات الفيدرالي. وأغلب الذين يتم تجنيدهم في التنظيم من الرجال، لكن هناك أيضا بعض النساء. ومن المتطوعين مراهقون لم يصلوا إلى سن استخراج رخصة قيادة، وبالغون في منتصف العمر لهم أسر ووظائف، ومجرمون، وطلبة مجتهدون. وفي الوقت الذي يمثل فيه الذين دخلوا الإسلام حديثا أقلية، هناك عدد كبير من أبناء المهاجرين تعود أصولهم إلى عشرة بلاد إسلامية.
وتتركز تلك المجموعة الصغيرة في البلاد في مينابوليس، التي تركها عدد من الشباب من ذوي الأصول الصومالية على مدى السنوات القليلة الماضية من أجل الانضمام إلى صفوف «حركة الشباب»، التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال. وما أثار حزن الصوماليين كبار السن هو مغادرة عدد من الشباب للانضمام إلى تنظيم داعش، أو محاولتهم القيام بذلك. مع ذلك أتى متطوعون من مختلف أنحاء البلاد. وتم اتهام أحد الضباط القدامى في القوات الجوية، يبلغ من العمر 47 عاما، يوم الثلاثاء في بروكلين بمحاولة الانضمام إلى التنظيم. وقبل أسبوعين من ذلك اليوم تم اتهام شاب، يبلغ من العمر 17 عاما، ويجيد علوم الحاسب في ولاية فيرجينيا، بمساعدة شاب أكبر منه ببضع سنوات في الاتصال بالتنظيم الإرهابي والذهاب إلى سوريا.
وتطرح تلك الحالات سؤالا ملحا: هل الحملة الدعائية لتنظيم داعش على الإنترنت نجحت في تجنيد المتطوعين إلى هذا الحد، أم أن السبب هو النجاح في إقناعهم من خلال المحادثات المباشرة؟ وتحقق هيئة فيدرالية من المحلفين في مينابوليس فيما إذا كان أحد مسؤولي التجنيد في تنظيم داعش قد أعطى نور ويوسف أموالا لشراء تذاكر الطيران أم لا. وقال عبد الرزاق بيهي، ناشط صومال يبلغ من العمر 50 عاما، عمل ضد التوجيه نحو التطرف منذ مغادرة ابن أخيه مينابوليس عام 2008 ليلقى مصرعه أثناء قتاله في صفوف «حركة الشباب»: «لا يمكن أن يستيقظ شاب في يوم من الأيام ويقول إنه متوجه للانضمام إلى تنظيم داعش. لا بد أن يكون هناك أحد ما على الأرض ينصت إلى مشاكل المرء، ويوجه مشاعر الغضب التي تموج داخل نفسه».
على الجانب الآخر، تعد قصص الذين تم القبض عليهم في المطارات وهم يحاولون مغادرة الولايات المتحدة، هي الأكثر وضوحا واكتمالا. اعتنق مايكل تود، البالغ من العمر 23 عاما من تكساس، الإسلام، ولديه سجل حافل بجرائم المهاجمة والسرقة، وقد تم توقيفه في مطار هيوستن. وكان محتارا بين الانضمام إلى تنظيم داعش وجبهة النصرة.
وكان عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي ينتظرون شانون كونلي، البالغة من العمر 19 عاما، في مطار دنفر. وكانت شانون تعتقد أنها قادرة على توظيف مهاراتها كممرضة في مساعدة مقاتلي تنظيم داعش. وكانت كذلك تأمل أن تتزوج بمسؤول تجنيد تونسي لدى «داعش» كانت قد تعرفت عليه عن طريق الإنترنت.
واصطحب محمد حمزة خان، البالغ من العمر 19 عاما، شقيقه الأصغر وشقيقته الصغرى معه إلى مطار أوهير في شيكاغو، حيث تمكن عملاء مكتب التحقيق الفيدرالي من عرقلتهم. وكان قد ترك لأبويه خطابا طويلا يخبرهم فيه بأنه لم يعد قادرا على البقاء في الولايات المتحدة لأن الضرائب التي يدفعها قد تستخدم في قتل مسلمين في الخارج.
وهناك كتيب إرشادات يعتمد عليه المتطوعون لتنظيم داعش ويحمل اسم «الهجرة إلى الدولة الإسلامية». وينتشر الكتيب على الإنترنت منذ فبراير (شباط). ويخبر الكتيب المتطوعين بما ينبغي عليهم قوله للمسؤولين، الذين يرتابون في أمرهم في تركيا، وهي الدولة التي يمرون عليها في العادة في طريقهم للانضمام إلى تنظيم داعش.
* خدمة «نيويورك تايمز»



مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
TT

مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)

تجمّع آلاف البوذيين، أول من أمس الأحد، في وسط بورما؛ للمشاركة في إحياء طقوس دينية شعبية شكّل الاحتفال بها فاصلاً ملوّناً، وسط النزاع الدامي الذي تشهده الدولة الآسيوية.
وحالت جائحة «كوفيد-19» وانقلاب فبراير (شباط) 2021 لعامين متتاليين دون أن تشهد بيين أو لوين، هذا الاحتفال باكتمال القمر الذي يصادف نهاية موسم الأمطار المعروف بـ«تازونغداينغ» أو مهرجان الأضواء. وارتفعت مناطيد الهواء الساخن في الليل البارد وعليها صور لبوذا وأنماط ملونة تقليدية؛ ومنها الدب الأبيض.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، تتولى لجنة تحكيم اختيارَ الأجمل منها، الذي يصل إلى أكبر علو ويطير أطول وقت بين 76 منطاداً تشارك في الأيام الخمسة للاحتفالات.
ويترافق هذا الحدث مع كرنفال وعرض رقص تقليدي يوفّر جواً من البهجة بعيداً من أخبار النزاع الأهلي، الذي أودى بحياة ما بين 2400 و4000 شخص في نحو عامين.
وإذا كان الاحتفال بـ«تازونغداينغ» راسخاً في التقاليد البوذية، فإن البريطانيين الذين كانوا يستعمرون بورما هم الذين كانوا وراء مسابقة المناطيد في نهاية القرن الـ19.
ودرَجَ عشرات الآلاف من البورميين والأجانب الفضوليين في السنوات الأخيرة، على حضور هذه الاحتفالات المعروفة على السواء بألوانها وبالخطر الذي تنطوي عليه، إذ تُحمَّل المناطيد بالألعاب النارية التي قد تسبب كارثة إذا انفجرت قبل الأوان.
ويعود الحادث الأخطر إلى عام 2014 عندما قُتل 3 متفرجين بفعل سقوط منطاد على الحشد في تونغي، وسط بورما.