الحكومة اللبنانية تنطلق من أرضية «لزجة»... ونضوب للاحتياطي الأجنبي

خبير استثماري: الأولوية لبرنامج {النقد الدولي} والتواصل مع الخليج

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
TT

الحكومة اللبنانية تنطلق من أرضية «لزجة»... ونضوب للاحتياطي الأجنبي

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)

تنطلق الحكومة اللبنانية، برئاسة نجيب ميقاتي، رسمياً، اليوم (الاثنين)، في اجتماعها (البروتوكولي) الأول، بعد مخاض طويل دام 13 شهراً، خرجت خلاله الأزمة المعيشية الحادة عن السيطرة جراء التدهور المتسارع للأوضاع النقدية والمالية والاقتصادية، وتعميم أجواء الإحباط وعدم اليقين بإمكانية الخروج من النفق الذي تسبب بانكماش حاد غير مسبوق للناتج المحلي، ونضوب شبه تام للاحتياطات الحرة من العملات الصعبة.
وبمعزل عن برنامج العمل الذي يرتقب أن تحدده الحكومة في بيانها الوزاري، والذي ستتقدم به لنيل الثقة «المضمونة» من مجلس النواب تمهيداً لتسلم مهامها التنفيذية، فإن الأرضية اللزجة التي تقلع منها على خط البداية، والمناخات العاصفة التي قوّضت معظم الركائز الاقتصادية للبلاد وأطاحت بمزاياها التنافسية، تشي -بحسب المحللين والخبراء- برحلة محفوفة بمخاطر الفشل والتزحلق بين المصاعب والعقبات الكبيرة، ما لم يواكبها دعم خارجي متين سريع.
ويجمع اقتصاديون تواصلت معهم «الشرق الأوسط» على ضرورة تسريع إعادة تشكيل فريق العمل الوزاري والإداري المفوض بإعداد خطة الإنقاذ والتعافي، بالمشاركة والتنسيق المسبقين مع لجنة المال النيابية، ومكونات القطاعين النقدي والمصرفي، واستئناف المفاوضات مع إدارة صندوق النقد الدولي، بصفتها مقدمة شرطية لإثبات خيار الحكومة وجديتها، بدعم صريح من الأطراف الداخلية الفاعلة في اعتماد خيار الإصلاحات الهيكلية الكفيلة بإخراج لبنان من محنه المتفشية على كل الأصعدة، ثم المباشرة بتصحيح الانحراف المالي، والخروج القسري للبلد من الأسواق المالية الدولية، اللذين نتجا عن قرار الحكومة السابقة، في أوائل مارس (آذار) من العام الماضي، التوقف عن دفع مستحقات الديون القائمة على الدولة بالعملات الأجنبية، من دون أي تفاوض جدي مع الدائنين.
ويؤكد المسؤول الخبير في الصيرفة الاستثمارية فوزي فرح أن «إعادة تصويب علاقات لبنان الخارجية هي المهمة العاجلة التي يجب على الحكومة العتيدة إعدادها، بصفتها أولوية ضامنة لكبح الانهيار في المجالات كافة. ويجب أن تكون المهمة مزدوجة متزامنة، في حال توفرت الأجواء المناسبة، بداية مع المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمها صندوق النقد والبنك الدوليين، وإعادة التواصل مع الدول الخليجية من جهة موازية، مع مراعاة إشراك القطاع الخاص، وبالأخص القطاعات الحيوية، في تحديد معالم خريطة الطريق لإعادة بناء المظلة الإقليمية والدولية للبنان».
ويرى فرح، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن التخبط في إدارة الخيارات والأزمات «لم يقتصر في أضراره الكارثية على نزف كامل الاحتياطات الحرة من العملات الصعبة لدى البنك المركزي فحسب، واقتصاره حالياً على التوظيفات الإلزامية البالغة نحو 14.5 مليار دولار، بل الأخطر أنه كاد يستنفد كامل منظومة الثقة المحلية والخارجية التي راكمها الاقتصاد الوطني على مدار 3 عقود متتالية بعد الحرب، وهو مخزون لا يقدر بثمن، نظراً لما منحه للبلاد من نمو قوي أوصل الناتج المحلي إلى نحو 55 مليار دولار، ودفع بقطاعه المصرفي إلى إدارة أصول بلغت نحو 250 مليار دولار، معززة بانتشار للوحدات والفروع التابعة في 33 دولة، إضافة إلى التميز التاريخي لقطاعات التعليم والاستشفاء والخدمات والسياحة والوساطة المالية وسواها».
وبالفعل، فقد تراجع إجمالي الناتج المحلي من نحو 55 مليار دولار في نهاية عام 2018 (قبل انفجار الأزمة) إلى نحو 33 مليار دولار في نهاية عام 2020، مع توقع انكماش إضافي بنسبة 10 في المائة هذا العام. كما تصاعدت نسبة الفقر بشكل مريع لتقارب نسبة 75 في المائة من إجمالي السكان، وهو ما دفع بالبنك الدولي إلى تصنيف أزمة لبنان من بين الأزمات العشر، وربما من بين الأزمات الثلاث، الأكثر حدة عالمياً منذ أواسط القرن التاسع عشر.
وفي سياق متصل، تم تصنيف الديون الحكومية بالعملات الصعبة، وبحكمها الأصول المصرفية في الدرجة الأدنى والأقرب إلى التعثر (حالة التخلف عن الدفع المقيّدة)، على لوائح مؤسسات التصنيف الدولية. وهذه الوضعية المتردية غير قابلة للتحسين قبل التوصل إلى اتفاق حول إعادة هيكلة الدين العام، البالغ رقميا نحو 100 مليار دولار، ومنه نحو 35 مليار دولار لمحفظة سندات الدين الدولية (يوروبوندز)، وذلك ضمن برامج مالية واقتصادية إصلاحية، وإعادة هيكلة ميزانيات المصارف التجارية ومصرف لبنان، التي تعد ضرورية من أجل إطلاق برنامج صندوق النقد الدولي، وبالتالي يسهل توصل لبنان إلى اتفاقيّات إصلاحية متعددة الأطراف ودولية، إضافة إلى فتح باب المناقشات مع مساهمين دوليين.
وفقاً لهذه الوقائع، وضرورات الإقلاع عن إنكار كارثيتها وتداعياتها، يوضح فرح أن «المعطيات المتوفرة بشأن الدعم الخارجي المتوخى تشترط حصول تحول صريح في السياسات المعتمدة للإنقاذ، ضمن خطة متكاملة تستجيب أساساً للمتطلبات التي تحددها المؤسسات الدولية، والتي ورد أغلبها أيضاً كالتزامات في ورقة العمل التي سبق أن قدمتها الحكومة اللبنانية إلى (مؤتمر سيدر) في ربيع عام 2018، واستحصلت بموجبها على وعود بدعم ائتماني وتسهيلات بنحو 11 مليار دولار، ثم تنصلت منها حتى قبل انفجار الأزمة»، مضيفاً: «ليس من داعٍ لابتكارات جديدة في هذا المضمار، فالشروط محددة واضحة، وما من مبرر للعودة إلى أساليب المماطلة والتسويف».
ويشير إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص في إعادة هيكلة منظومة العلاقات مع دول الخليج، والاستفادة من شبكة علاقاته المتميزة فيها، وأيضاً من واقع استضافة دول مجلس التعاون لمئات آلاف اللبنانيين المقيمين في ربوعها المشاركين في نهوضها ونمو اقتصاداتها، إنما ينبغي التنبه أيضاً إلى طمأنة هذه الدول وسواها من المانحين الإقليميين والدوليين بأن أي مساعدة على سبيل الدعم أو الإقراض سيجري إنفاقها حصراً ضمن الأهداف المحددة لها، وتحت سقف أعلى معايير الشفافية والرقابة والمساءلة. فما أظهرته الدولة من فساد وهدر في إدارة المال العام دفع جميع المانحين إلى توخي الحذر والتدقيق قبل التجاوب مع طلب أي معونة أو تسهيلات، وربطها باتفاقية البرنامج مع صندوق النقد.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.