حكومة ميقاتي تعقد أول اجتماعاتها اليوم وسط تفاؤل بإنجاز المهام

الاتحاد الأوروبي دعاها إلى تنفيذ الإصلاحات وإبرام اتفاق مع «النقد الدولي»

قرداحي لدى وصوله إلى مطار بيروت عشية تسلمه مهامه الوزراية (الوكالة الوطنية)
قرداحي لدى وصوله إلى مطار بيروت عشية تسلمه مهامه الوزراية (الوكالة الوطنية)
TT

حكومة ميقاتي تعقد أول اجتماعاتها اليوم وسط تفاؤل بإنجاز المهام

قرداحي لدى وصوله إلى مطار بيروت عشية تسلمه مهامه الوزراية (الوكالة الوطنية)
قرداحي لدى وصوله إلى مطار بيروت عشية تسلمه مهامه الوزراية (الوكالة الوطنية)

تعقد الحكومة اللبنانية الجديدة، اليوم (الاثنين)، أول اجتماعاتها لتشكيل لجنة إعداد البيان الوزاري والتقاط الصورة التذكارية في بعبدا، فيما يبدأ الوزراء التسليم والتسلم، وسط ارتياح عكسه تشكيلها، وتفاؤل بإنجاز مهامها، وفي مقدمها كبح الانهيار الاقتصادي في البلاد، وتحقيق استقرار العملة الوطنية، ومكافحة التضخم المفرط والشحّ الذي يطال مواد رئيسية، ومعالجة النقص الخطير في الأدوية والوقود والكهرباء، والتفاوض مع «صندوق النقد الدولي»، والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة.
ورحَّب الاتحاد الأوروبي بإعلان الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي توقيعهما مرسوم تشكيل حكومة في لبنان، الجمعة الماضي. وأشار الاتحاد، في بيان أصدره أمس (الأحد)، إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد بشكل ملحوظ خلال الأشهر والأسابيع الماضية، فضلاً عن تفاقم الصعوبات الكبيرة الحالية التي واجهها الشعب اللبناني بسبب النقص الحاد في الطاقة الكهربائية والوقود. وأكد أنه «من الملحّ تنفيذ الإجراءات والإصلاحات الضرورية لمعالجة مختلف الأزمات التي تؤثر على لبنان، بما في ذلك إبرام اتفاق مع (صندوق النقد الدولي)».
وقال الاتحاد إن «هذا ما يتعين على الحكومة الجديدة التركيز عليه، بدعم فعال من مجلس النواب ومؤسسات الدولة الأخرى»، مضيفاً أنه «يتعين على جميع الأطراف المعنية التحلي بالحزم عينه والقدرة على التسوية، لاعتماد الإجراءات الضرورية بلا تأخير بما يضمن تلبية الاحتياجات الفورية والتوقعات المشروعة المستقبلية للشعب اللبناني». ودعا الاتحاد الأوروبي إلى «وجوب أن تبدأ التحضيرات للانتخابات البلدية والنيابية والرئاسية في السنة المقبلة بجدية، مع ضمان أن تكون حرة وعادلة وشفافة»، مرحّباً بإعلان الرئيس ميقاتي وجوب إجراء الانتخابات في موعدها. وقال إنه «يقف إلى جانب الشعب اللبناني في جهوده لتجاوز التحديات التي يواجهها لبنان في الوقت الراهن».
وينسحب الترحيب الدولي على ترحيب محلي، إذ أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري ارتياحه لتشكيل الحكومة وقال في تصريح إنه «ابتداء من الغد (اليوم) ستنطلق إلى العمل، ونأمل أن توفق لما فيه خير اللبنانيين». وأشار إلى أنه متفائل بما ستحمله المرحلة المقبلة.
من جهته، أمل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة أن «يشكل أعضاء الحكومة فريقاً واحداً متجانساً يتطلع إلى هدف واحد هو العمل بنزاهة وإخلاص وتواضع وزهد ونكران للذات، ودون تردد أو إضاعة للوقت، من أجل وقف التدهور وبدء مسيرة الإنقاذ، مقدمين المصلحة العامة على كل مصلحة».
وقال عوده في عظة الأحد إن «الطريق شاق وصعب ويتطلب جهوداً كبيرة، لكن مَن قرر القيام بعمل، وهو مقتنع بجدواه، لا بد سينجح». وقال: «بلدان المنطقة تحاول تسوية أوضاعها وتحسين حياة شعوبها، وتتطلع إلى المستقبل، فيما لبنان يحتضر بانتظار تحالفات وتسويات».
ودعا رئيس وأعضاء الحكومة الجديدة «للقيام بكل عمل صالح لخير لبنان وبنيه، بمحبة وصدق وتفانٍ وتضحية، بعيداً من المحاصصات والنكايات والكيديات، وبعيداً من كل عامل خارجي يؤثر سلباً على وطننا».
وتعقد الحكومة اليوم أولى اجتماعاتها برئاسة الرئيس اللبناني ميشال عون في القصر الجمهوري، لالتقاط الصورة التذكارية وتشكيل اللجنة الوزارية لإعداد بيانها الوزاري. كما يبدأ بعد ظهر اليوم التسليم والتسلم بين الوزراء الجدد والسابقين، ويُستهل ذلك من وزارة الطاقة حيث يجري تسلم وتسليم بين وزير الطاقة والمياه السابق ريمون غجر، والوزير الجديد وليد فياض، في الوزارة، كما يجري تسلم وتسليم في وزارة السياحة بين الوزير السابق رمزي المشرفية، والوزير الجديد وليد نصار. أما غداً (الثلاثاء)، فيجري تسليم وتسلم في وزارة الداخلية والبلديات بين الوزير السابق العميد محمد فهمي والوزير الجديد القاضي بسام مولوي.
ويأمل وزراء في الحكومة التعاون للخروج من الأزمات. وكرر وزير الإعلام جورج قرداحي بعد وصوله إلى بيروت، أمس، ما قاله الرئيس نجيب ميقاتي: «إننا في طائرة تهبط اضطرارياً»، مضيفاً: «علينا جميعا التعاون حتى نبعث نفحة من الأمل إلى الناس الذين أقول لهم إننا سنحاول القيام بكل ما هو إيجابي». وتابع: «ليهدأ الذين يريدون الذهاب بنا إلى الجحيم، لأننا لا نريد ذلك، ومن يرِد ذلك فليذهب وحده».
بدوره، أكد وزير الشباب والرياضة جورج كلاس «أننا أمام مرحلة مأزومة لم تمر على لبنان من قبل»، مشدداً على أنه «لا يجب أن يطرح أي موضوع للتصويت، لأننا فريق واحد، وكل القرارات يجب أن تكون بالإجماع».
واعتبر وزير البيئة ناصر ياسين أن هناك تحديات يجب أن نتخطاها، مضيفاً: «يجب العمل بشكل سريع في الأيام المقبل». وقال ياسين في تصريح إذاعي إن «الإصلاحات تأخرت ولم يعد بإمكاننا تأجيلها»، مشدداً على وجوب «أن تؤخذ الإصلاحات بطريقة جدية وشفافة»، لافتاً إلى أنها «لم تعد ترفاً».
وتطرق الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان إلى السياسة الخارجية، مطالباً بإعلان الحياد. وأكد أن السياسة الخارجية للبنان يجب أن تعيده إلى الدول التي ارتبط بها عبر التاريخ بعلاقات الصداقة والمصلحة»، مضيفاً: «هذه الدول هي التي ينتشر فيها أولادنا أو أحفادنا ويعملون ويستثمرون ويتخصصون في ربوعها ويقصدونها للاستشفاء، وهي التي ساعدت لبنان على الدوام ودعمت جيشه وقواه الأمنية واستثمر أولادها وصناديقها في وطننا، وانتدبت ضباطها وجنودها إلى قوات الطوارئ الدولية منذ أكثر من 40 عاماً، واستشهد وجرح منهم المئات». وقال: «هذه الدول هي التي جلّ ما تطلبه منا هو الحياد فقط».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.