تباين ليبي بشأن قرارات الإفراج عن رموز نظام القذافي

بعضهم عزاها إلى «صفقة انتخابية»... وآخرون يرونها خدمة لـ«المصالحة»

الساعدي القذافي خلال محاكمته في طرابلس عام 2016 (رويترز)
الساعدي القذافي خلال محاكمته في طرابلس عام 2016 (رويترز)
TT

تباين ليبي بشأن قرارات الإفراج عن رموز نظام القذافي

الساعدي القذافي خلال محاكمته في طرابلس عام 2016 (رويترز)
الساعدي القذافي خلال محاكمته في طرابلس عام 2016 (رويترز)

انقسم سياسيون ليبيون حيال عمليات الإفراج التي شملت عدداً من رموز نظام العقيد الراحل معمر القذافي، منهم ابنه الساعدي الذي غادر إلى تركيا بعد الإفراج عنه الأسبوع الماضي.
وعد بعضهم أن «صفقة انتخابية» ستتكشف تفاصيلها قريباً تقف وراء القرارات، فيما عدها آخرون خدمة لـ«المصالحة الوطنية» التي يقودها المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، والحكومة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة.
وعلى الرغم من أن الساعدي أطلق سراحه بمقتضي أمر قضائي، حتى لو تأخر عامين، رجح عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء الرأي القائل بوجود «تحالف» أو «صفقة سياسية» بين خصوم الأمس القريب، معتبراً أن «المصالحة الحقيقة تبدأ بعودة المهجرين والنازحين، وتعويضهم عن نهب وتدمير ممتلكاتهم، إضافة إلى تعميم قرارات الإفراج على كل السجناء المحتجزين من دون سند قانوني، لا أن يكون الأمر حكراً على أنصار تيار بعينه».
وقال الزرقاء لـ«الشرق الأوسط» إن «الصفقة تقضي بإخراج قيادات أنصار النظام السابق من السجون، والقبول بعودتهم إلى الحياة السياسية، شريطة ألا تترشح أي شخصية منهم في الانتخابات المقبلة، أياً كان موعدها، وترك الساحة للمرشح الذي يدعمه الطرف الآخر؛ أي قيادات الغرب الليبي وتيار الإسلام السياسي، سواء كان الدبيبة -إذا استطاع تخطي شروط (خريطة الطريق) التي تحول دون ذلك- أو غيره».
ولفت الزرقاء إلى أن «قيادات النظام السابق سيدفعون مؤيديهم للعزوف عن المشاركة بالتصويت في معركة الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، فقد يكون لها ترتيبات أخرى فيما بينهم لم تتكشف بعد».
وأطلقت الحكومة سراح الساعدي القذافي، بعد 7 سنوات من سجنه في طرابلس، كما تم الإفراج لاحقاً عن عدد آخر من رموز النظام السابق ومسؤوليه.
ورجح الزرقاء «مباركة» دول كبرى لهذه الصفقة، مشيراً إلى «تزامن قرارات الإفراج، وما لفت إليه مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى جوي هود مؤخراً عن احتمالية وجود فيتو أميركي على ترشح سيف الإسلام القذافي للرئاسة، كونه خاضعاً لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية». وكان الإعلامي الليبي محمود الشمام قد وصف عملية إطلاق بعض رجال نظام القذافي بكونها «مؤشراً قوياً لاتجاهات الرياح السياسية، وإعادة تموضع سياسي لمختلف الأطراف، استعداداً إما لخوض الانتخابات أو في أسوأ الأوضاع لخوض الحرب».
ورأى عضو مجلس النواب زياد دغيم أن عمليات الإفراج عن رموز النظام السابق «ليست إلا عمليات تنفيذ لقرارات القضاء، وإن تأخرت من قبل المجلس الرئاسي والحكومة الراهنة، مما سينعكس على تعزيز المصالحة الوطنية، خاصة بين أنصار سبتمبر وفبراير»، في إشارة إلى مؤيدي «ثورة الفاتح» التي قادها القذافي في عام 1969، ومؤيدي «ثورة 17 فبراير» التي أطاحته في عام 2011.
وفي إطار تفنيده لما يطرح عن دلالة التوقيت، ورغبة بعض أطراف السلطة الانتقالية في تحقيق مكاسب قبل الانتخابات، سأل دغيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مَن يتحدثون عن وجود صفقة عن «مدى التزام أنصار القذافي بما تعقده قيادات هذا النظام». وتابع: «كونك مؤيداً لتيار معين لا يعني التبعية والولاء المطلق لقياداته، فالكل لديه مصالح وتوجهاته، ومتى جاء موعد الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية يمكن لأي مواطن ليبي بشكل عام تأييد أي مرشح لاقتناعه بالتوجهات السياسية والحزبية، أو لوجود رابط قبلي وجهوي، أو لتوقعه مصلحة ما تنتج عن انتخابه».
وتابع أن «الناس تنسى دائماً أن من ضمن الحقوق المشروعة للسياسي أن يسعى لتوظيف أي أوراق بيده من أجل تحقيق إنجاز يتعلق بالبلاد ومصلحة أهلها، وحينها يتوقع مكافأته سياسياً على ما أنجز، إما عبر ارتفاع مؤشرات الرضا عن أدائه أو دعمه شعبياً في قرار أو استحقاق». وعد أنه «يحسب للمنفي والدبيبة، محلياً وخارجياً، أنهما نفذا قرارات قضائية معطلة منذ عامين، لم تستطع الحكومة السابقة تنفيذها».
ويعزو دغيم تعاظم الشكوك حول قرار الإفراج إلى «محاولة أطراف عدة توظيفها لصالحها، خصوصاً تيار الإسلام السياسي الذي حاول الإيحاء بضلوع شخصيات منه في التسريع بهذه القرارات، في حين كان هذا التيار هو المعارض الرئيسي لتنفيذ أحكام القضاء بإطلاق سراحهم». أما الأكاديمي الليبي المختار الجدال، فيرى أن تنفيذ الأحكام القضائية التي صدرت بحق رموز نظام القذافي وإن «جاء متأخراً من قبل حكومة الوحدة الوطنية»، فإنه «تم في إطار صفقة ما تدعمها جماعات الإسلام السياسي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المصالحة الحقيقية تبدأ بعودة نازحين تقدر أعددهم بالآلاف، وليس قيادات معدودة من نظام سابق يتم نقلهم بالطائرات ليلاً تخوفاً من غضب الميليشيات التي تعد القوة الحقيقية في الغرب الليبي». ورأى أن «جماعات الإسلام السياسي تخوفت من أن تظل معزولة بالساحة، أو أن تصطدم بالسيناريو الذي يواجه حليفتهم حركة النهضة التونسية، فقاموا بالتنسيق مع القيادات السياسية بالغرب الليبي، وأسرعوا باتخاذ خطوات مصالحة مع أنصار سبتمبر، وبالتالي فإن الأمر ليس طوعاً، فمرغم أخاك لا بطل».
ولفت إلى أن «كلا الطرفين، سواء جماعات الإسلام السياسي أو قيادات الغرب، يستهدف الحصول على أكبر دعم شعبي للحكومة في الوقت الراهن، وهو ما بدا واضحاً في توقيت إتمام الصفقة قبل يوم أو يومين من موعد جلسة المساءلة البرلمانية، ويستهدفون أيضاً دعم المرشح الذي سيدفع به من قبلهم لمعركة الرئاسة». وأشار إلى أن «أغلب المفرج عنهم ممن عانوا السجون والإبعاد لفترات طويلة هم من أبناء مناطق يتعمق فيها الولاء القبلي، والتزام الأفراد هناك بتعليمات القيادات هو ما يبدو للطرف الآخر في الصفقة رهاناً جيداً».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.