الانتخابات النيابية أمام تحالفات جديدة واختبار لـ«المجتمع المدني»

إنجازها يتطلب تحسين الظروف المعيشية للبنانيين بدعم دولي

TT

الانتخابات النيابية أمام تحالفات جديدة واختبار لـ«المجتمع المدني»

قال مصدر سياسي لبناني بارز إن الإصرار الدولي على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022، باعتبار أنها من وجهة نظره تشكل المعبر الإلزامي لإعادة تكوين السلطة، يجب أن يتلازم مع تحسين الشروط المعيشية للسواد الأعظم من اللبنانيين بتوفير الحد الأدنى من احتياجاتهم لضمان بقائهم على قيد الحياة بالمعنى السياسي للكلمة وتأمين مشاركتهم في العملية الانتخابية، وإلا فإن إصراره لن يصرف في مكان في ظل ارتفاع منسوب الأزمات، وهذا ما يضع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أمام التحدي لاختبار مدى قدرتها على التزامها بإنجازها في موعدها طالما أن أوضاع اللبنانيين إلى مزيد من التأزم.
ويؤكد المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن رهان المجتمع الدولي على أن تشكل الانتخابات النيابية أول محطة تتيح للمجتمع المدني إحداث تغيير في التمثيل النيابي يتطلب منه ضخ جرعات من الأوكسجين على المستويين المعيشي والاقتصادي لخفض ارتفاع منسوب الفقر الذي بلغ ذروته وأدى إلى ازدياد أعداد العائلات الأشد فقراً وجوعاً، وإلا سيواجه صعوبة في تهيئة الأجواء التي تسمح بتحريض العامة من اللبنانيين للمشاركة في العملية الانتخابية، خصوصاً أن العائق لن يكون أمنياً وإنما معيشياً بامتياز.
ويلفت إلى وجود صعوبة في إدخال تعديلات على قانون الانتخاب النافذ حالياً رغم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تقدم، بواسطة عدد من النواب المنتمين إلى كتلته، باقتراح قانون يقضي باعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة وبإعطاء الحق للناخب للإدلاء بصوتين تفضيليين بدلاً من الصوت الواحد.
ويعزو السبب إلى معارضة حزب «القوات اللبنانية» لاقتراحه بالتضامن والتكافل مع «التيار الوطني الحر» من دون أن يعني بأن الأبواب مفتوحة أمام تحالفهما الانتخابي نظراً لأنهما يخوضان الانتخابات من موقع الاختلاف على خلفية رغبة كل منهما في الحصول على أكبر عدد من النواب ليكون الأقوى في الشارع المسيحي.
ويرى المصدر نفسه أن معارضتهما لهذا الاقتراح تأتي على خلفية أنه سيؤدي في حال إقراره إلى ذوبان الصوت المسيحي لمصلحة الأكثرية الساحقة من الناخبين المسلمين بخلاف القانون الحالي الذي أتاح لهما انتخاب أكثر من 50 نائباً بأصوات مسيحية صافية ما ضمن لهما تأمين صحة التمثيل المسيحي، ويؤكد أن مجرد تصويت البرلمان على هذا الاقتراح قد يدفعهما إلى العزوف عن الترشح وسيلاقيهما في منتصف الطريق حزب «الكتائب»، إضافة إلى رهانهما على رفض المرجعيات المسيحية الروحية له لأنه لا يحقق التمثيل الصحيح نظراً لطغيان الصوت المسلم على العملية الانتخابية.
ويكشف أن تيار «المستقبل»، وإن كان يتطلع إلى تعديل القانون الحالي، يلتقي مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» وسيواجهان رفضاً من الأحزاب المسيحية بقياداتها السياسية والروحية، فيما يدعو الرئيس ميقاتي قبل تشكيله الحكومة إلى اعتماد الدوائر الانتخابية بعد إعادة النظر في تقسيمها كأساس في قانون الانتخاب مع إعطاء الناخب الحق في الإدلاء بصوتين تفضيليين.
لكن يبدو أن «المستقبل» و«التقدمي» ليسا في وارد الموافقة على الصوتين التفضيليين لأنهما يتحسبان منذ الآن لفائض القوة التي يتمتع بها «حزب الله» وتسمح له في الدوائر الانتخابية المختلطة بأن يتحكم بتوزيع أصواته بشكل يؤمن له الحصول على مقاعد تعود للطوائف الأخرى في ضوء استبعاده لأي تغيير في المعادلة الانتخابية في الدوائر ذات الغالبية الشيعية طالما أنه باق على تحالفه مع حركة «أمل».
ويعتقد المصدر السياسي نفسه أن المبارزة في الدوائر ذات الغالبية المسيحية ستكون على أشدها بين «القوات» و«التيار الوطني»، فيما يسعى حزب «الكتائب» من خلال رئيسه سامي الجميل للانفتاح على المجتمع المدني أو بعضه على الأقل في محاولة لعقد تحالف معه، ويقول بأن المنافسة بين سمير جعجع وجبران باسيل تتجاوز العملية الانتخابية إلى إصرار كل منهما على إضعاف الآخر لما سيكون لهذه العملية من ارتباط مباشر بمعركة رئاسة الجمهورية.
ويؤكد أن قراءة المسار الذي سيتحكم بانتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي ميشال عون لا يمكن عزله عن نتائج الانتخابات النيابية التي لا يمكن التكهن بنتائجها طالما أن الغموض يكتنف التحالفات الانتخابية التي تؤشر إلى إعادة خلط الأوراق أكثر مما كانت عليه في الانتخابات النيابية السابقة التي شهدت تحالفاً لا مجال لتكراره بين «المستقبل» و«التيار الوطني» تتويجاً للتسوية الرئاسية التي أبرمها الرئيس الحريري مع العماد ميشال عون وكانت وراء انتخابه رئيساً للجمهورية خصوصاً بعد سقوطها.
كما أن تحالف «المستقبل» مع «القوات» يبدو في المدى المنظور بعيد المنال بعد أن أحجم جعجع عن تسميته للحريري رئيساً للحكومة واضطراره للاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة بسبب تعطيل عون وباسيل لجميع المحاولات التي قام بها لإخراج التأليف من حصارهما المفروض عليها، إضافة إلى أن علاقة الحريري برئيس «التقدمي» وليد جنبلاط تمر في حالة من الفتور والقطيعة لكنها لن تكون أبدية وقابلة للانفراج في أي لحظة.
وبالنسبة إلى «التقدمي» فإن جنبلاط وإن كان يحرص على التهدئة في الجبل، وخصوصاً في المناطق المتداخلة بين الدروز والمسيحيين لحماية السلم الأهلي والحفاظ على العيش المشترك فيها، فإن تواصله مع «القوات» و«التيار الوطني» لهذا الغرض لا يعني حتى إشعار آخر بأن الفرصة متاحة للتحالف مع أحدهما لأنه من السابق لأوانه حرق المراحل والذهاب بعيداً في نسج التحالفات قبل أوانها.
وعلى صعيد الحريري فإن تحالفه مع ميقاتي في طرابلس ودوائر شمالية أخرى يبقى قائماً ولا مجال للرهان على احتمال افتراقهما انتخابياً في ضوء تأييد «المستقبل» لميقاتي واستعداد كتلته النيابية لمنح حكومته الثقة.
أما على صعيد تحالف «حزب الله» مع «التيار الوطني» فإن الحزب ليس في وارد الانقلاب على تحالفه لأن المستفيد من فرطه سيكون حكماً «القوات» وبدرجة أقل «الكتائب» من دون التقليل من المجتمع المدني وقدرته على حصد مقاعد شرط أن يتوحد لخوضه الانتخابات على لوائح موحدة، مع أن النتائج تبقى في خواتيمها أي من خلال صناديق الاقتراع التي يمكن أن تحمل مفاجآت ليست بالحسبان.
إلا أن تحالف «حزب الله» و«التيار الوطني» في المناطق المختلطة أو في الدوائر الانتخابية التي يتواجد فيها «الثنائي الشيعي» ولا تلحظ أي تمثيل له يتوقف على قرار «أمل» ومدى استعداد الرئيس بري للانضمام إلى هذا التحالف فيما «الكيمياء السياسية» بينه وبين باسيل لا تزال مفقودة وهذا يمكن أن يشكل عائقاً أمام قيام تحالف مكتمل الأوصاف.
وعليه فإن الحراك الانتخابي لم يبدأ حتى الساعة ولا يعود لانكباب اللجان النيابية المشتركة على دراسة اقتراحات القوانين لتعديل القانون الناجز حالياً لأن هموم اللبنانيين في مكان آخر بحثاً عن لقمة العيش المفقودة، وهذا ما يضع الحكومة ومعها المجتمع الدولي أمام مهمة الإسراع في رفع المعاناة عنهم وإلا فإن تمديد الأزمات لن يسمح بتوفير الأجواء المواتية لإنجاز العملية الانتخابية.
لذلك فإن الاستحقاق الانتخابي يتلازم حتماً مع استحقاق آخر يتطلب إدراجه كأولوية على جدول أعمال الحكومة بدعم من المجتمع الدولي ويراد منه تمكين اللبنانيين من الصمود لتمرير الانتخابات باعتماد القانون الحالي، أي بتعليق تخصيص 6 مقاعد نيابية للبنانيين في الاغتراب وبترحيل العمل بالبطاقة الممغنطة على أن يحق للبنانيين المقيمين في الخارج الانتخاب في أماكن إقامتهم في بلاد الاغتراب.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.