«الرئيس غونزالو»: موت خليفة ماو اللاتيني

أبيمايل غوزمان مؤسس «الدرب المضيء» (رويترز)
أبيمايل غوزمان مؤسس «الدرب المضيء» (رويترز)
TT

«الرئيس غونزالو»: موت خليفة ماو اللاتيني

أبيمايل غوزمان مؤسس «الدرب المضيء» (رويترز)
أبيمايل غوزمان مؤسس «الدرب المضيء» (رويترز)

مات مؤسس «الدرب المضيء» أبيمايل غوزمان في سجنه أمس قبل أن تلتئم الجراح التي سببها تنظيمه في بيرو بحربه لإقامة نظام جديد والإطاحة بالدولة.
وزير الخارجية هكتور بيخار الذي عيّنه الرئيس الجديد بيدرو كاستيلو، استقال قبل أن يتسلم مهمات منصبه في أغسطس (آب) الماضي بعدما أعرب عن قناعته أن وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» كانت تمول «الدرب المضيء»، مما أثار موجة من الانتقادات في البلاد.
كما يحقق القضاء في علاقة رئيس الوزراء غويدو بوليدو بالحركة التي أسفر تمردها عن سقوط نحو 70 ألف قتيل بين 1980 و2000. بوليدو متهم «بالدفاع عن الإرهاب» فيما تحوم شكوك حول انتماء وزير العمل إبير مارافي إلى «الدرب المضيء». كل ذلك حمل الرئيس كاستيلو الذي تعاني حكومته من الانقسام الحاد في البلاد، إلى نشر تغريدة له يدين فيها بشدة الإرهاب الذي مارسه غوزمان وجماعته.
ومن آخر العمليات التي شنتها بقايا التنظيم الذي بات يسمي نفسه «الحزب الشيوعي المعسكر»، هجوم في مايو (أيار) على قرية سان ميغيل ديل إيني حيث قتلت 16 شخصاً من بينهم أطفال وتركت منشورات تحذر السكان من المشاركة في الانتخابات، في تكرار لممارسة قديمة كان «الدرب المضيء تعتمدها مع اقتراب كل استحقاق دستوري. ورغم الانحسار الكبير في رقعة نشاط وسيطرة «الدرب المضيء»، مقارنة بما كانت عليه في ثمانينات القرن الماضي فإن الخبراء يعتقدون بوجود ما يقارب من مائتي عنصر مسلح للحركة في منطقة «وادي الأنهر الثلاثة» الريفية التي تعتبر مركزاً لمزارعي نبتة الكوكا ومهربي الكوكايين وتجاره.
غوزمان الذي توفي عن 86 عاماً في مستشفى سجن قاعدة كالاو البحرية شديد الحراسة بعد إصابته بمرض لم تكشف السلطات عنه، كان قد ولد في بلدة مولندو وعمل استاذاً للفلسفة التي تعرف من خلالها على أعمال المفكرين الماركسيين وتأثر بهم وخصوصاً بمؤسس الحزب الشيوعي البيروفي خوسيه كارلوس مارياتغي. وكان هذا الأخير شخصية لامعة وضع عدداً من المؤلفات التي تعتبر التشخيص اليساري الأهم لمشكلات بيرو وأوضاع السكان الأصليين، ومن عبارة «الماركسية - اللينينة ستكون الدرب المضيء الذي ستسير الثورة عليه»، استخرج غوزمان اسم تنظيمه الذي أسسه في 1969 باسم «الحزب الشيوعي البيروفي» كواحد من العديد من الأحزاب اليسارية التي تحمل الاسم ذاته على إثر العديد من الانشقاقات التي عصفت بالحزب. لتمييز حركته، راحت وسائل الإعلام تطلق عليها اسم المطبوعة التي كان الحزب يصدرها باسم «الدرب المضيء».
لكن من أين جاءت النزعة الماوية؟ في ستينات القرن الماضي، زار غوزمان مرات عدة الصين وتأثر بآيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني ومواقف الزعيم ماو تسي تونغ. وفي السياق ذاته قدّم «الرئيس غونزالو» كما بات غوزمان يفضل أن يُسمّى، رؤيته لتطبيق الاشتراكية في بيرو، رافضاً مقولات ديكتاتورية البروليتاريا التي يتبناها التيار الماركسي السوفياتي، باعتبار أن بيرو، مثل الصين، يشكل الفلاحون القسم الأكبر من سكانها، وليس العمال الصناعيون (البروليتاريا) على غرار ما كان الوضع عليه في أوروبا أواخر القرن التاسع عشر حيث وضع ماركس أعماله. وفي مايو من سنة 1980. وفي ظل أزمة سياسية طاحنة شهدتها بيرو في ذلك العام، انخرطت «الدرب المضيء» في صراع مسلح كان يشارك فيه عدد من القوى اليسارية ومنها حركة «توباك أمارو» الأقل شهرة - ودموية - من «الدرب المضيء» مقابل السلطة التي لجأت إلى الجيش والشرطة لقمع نشاطات المتمردين الماركسيين.
قرر غوزمان أو «سيف الشيوعية الرابع» بعد كارل ماركس وفلاديمير لينين وماو تسي تونغ، نقل الصراع إلى الريف الفقير حيث ينتمي أكثر المواطنين إلى السكان الأصليين. وبعد النجاحات الأولية في تجييش الهنود وحشدهم ضد السلطة التي كانوا يعانون من ممارساتها واضطهادها لهم، وقع صدام ترك أثراً لم يُمح على الحركة الماوية التي فوجئت بتمسك السكان بروابطهم العائلية والقروية وتقديمها على الولاء للماوية وتعاليمها. ارتكبت «الدرب المضيء» في 1983 مجزرتها الكبيرة الأولى ضد الفلاحين الهنود لإرغامهم على إبداء الطاعة الخالصة لها.
ومنذ تلك اللحظة، ظهر وجه «الرئيس غونزالو» الحقيقي كشخص متعطش للسلطة المطلقة، يبشر بأنهار من الدماء التي ستسيل عند استيلاء الحركة على الحكم، مفضلاً نموذج الخمير الحمر في كمبوديا على ما قام به ورثة ماو في الصين وعلى كل تجارب الحكومات الاشتراكية في أوروبا الشرقية التي انحرفت، في رأيه، عن الماركسية الحقيقية. وترافق تصاعد ظاهرة عبادة شخصية غوزمان بين أتباعه مع نقله العنف من الأرياف إلى المدن. وبعد إعلانه بدء نشاط الحركة في العاصمة ليما من خلال شنق عشرات الكلاب على أعمدة الكهرباء، أطلق موجة من التفجيرات والاغتيالات التي استخدمت الأساليب التي كان قد كرسها أثناء عمله للسيطرة على أجزاء واسعة من الريف البيروفي، أي اغتيال كل من يبدي رفضاً لنفوذ الحركة والهجوم على مراكز الاقتراع أثناء الانتخابات وعدم التورع عن زرع العبوات الناسفة في الأماكن المكتظة بالمدنيين.
بين أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، بدا وكأن غوزمان يحكم بالرعب والدم من مخبئه. ووصلت الحكومة إلى حافة الانهيار في ظل أزمة اقتصادية وسياسية حادة. وساد الخوف بين البيروفيين من السقوط بين أيدي «الدرب المضيء» وقائدها الذي وصفه خلفه في القيادة أوسكار راميريز بـ«المختل نفسياً».
نهاية مسيرة غوزمان السياسية حلت في 12 سبتمبر (أيلول) بعد شهرين من تفجير أعضاء من «الدرب المضيء» عبوة ناسفة ضخمة في وسط ليما أسفر عن سقوط 15 ضحية، عندما اقتحمت وحدة من «الإدارة الوطنية لمكافحة الإرهاب» البيت الذي كان يلجأ إليه مع شريكته في قيادة الحركة إيلينا إيباراغوير.
استمر التنظيم بعد اعتقال زعيمه. لكن المفارقة هي أن نهج غوزمان في إبعاد كل منافس وتضخيم نفوذه الشخصي وصولاً إلى إحاطة نفسه بهالة من التقديس، حرم «الدرب المضيء» من القدرة على متابعة نشاطه بعد وضع مؤسسه وراء قضبان السجن. دعواته اللاحقة إلى إلقاء السلاح والحوار مع السلطة لم يكن لها صدى يذكر بعدما فقد عملياً كل تأثير في الحياة العامة لكن الانقسام الذي خلفته حركته ما زال بارزاً في بيرو.



ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».