«الدستور» أقدم صحيفة أردنية تواجه خطر التوقف عن الصدور

ضغوط على الحكومة لمنع انهيارها

«الدستور» أقدم صحيفة أردنية تواجه خطر التوقف عن الصدور
TT

«الدستور» أقدم صحيفة أردنية تواجه خطر التوقف عن الصدور

«الدستور» أقدم صحيفة أردنية تواجه خطر التوقف عن الصدور

تواجه صحيفة «الدستور» الأردنية اليومية أزمة مالية خانقة تهدد بإغلاق الصحيفة التي تعتبر ثاني صحيفة يومية أردنية من حيث التوزيع والانتشار. وتأسست صحيفة الدستور في الأردن بعد نكبة يونيو (حزيران) عام 1967 نتيجة اندماج صحيفتي «فلسطين» و«المنار» اللتين كانتا تصدران في فلسطين في شركة حملت اسم «الشركة الأردنية للصحافة والنشر» التي تولت إصدار جريدة «الدستور».
وجريدة «الدستور» كانت شبه عائلية إذ أسسها محمود وكامل الشريف، وسيطرت عليها عائلة الشريف منذ تأسيسها لغاية 2009. عندما تم تغيير رئيس مجلس إدارتها سيف الشريف ورئيس تحريرها نبيل الشريف، الذي عين وزيرا للإعلام ولم يعد للصحيفة بعد أن امتلك الضمان الاجتماعي 35 في المائة من أسهمها، ثم يلي الضمان نقابة المهندسين الأردنيين، من حيث حجم الأسهم، التي تمتلك 20 في المائة من حجم الأسهم في حين أن باقي ملكية أسهم الصحيفة لمالكين شخصيين. وصحيفة «الدستور» هي الصحيفة الثانية في الأردن بعد صحيفة «الرأي» من حيث التوزيع والانتشار إذ إنها صحيفة توزع على نطاق واسع في جميع مناطق ومحافظات الأردن، وكانت على امتداد مسيرتها صحيفة للجميع سواء المواطن العادي الشعبي أو النخب السياسية والفكرية والثقافية لأنها تقدم خدمة إخبارية وثقافية متنوعة. رئيس وزراء سابق قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب على الدولة أن تتدخل وتضخ أموال في صحيفة الدستور لإنقاذها».
وأضاف: «لا يجوز التذرع بأن صحيفة الدستور شركة مساهمة خاصة كما لا يجوز أن تعامل صحيفتا الرأي والدستور على أسس تجارية وبمقياس الربح والخسارة، فهما صحيفتا للدولة وأذرعها الإعلامية ولا يجوز ترك الدستور».
ويؤكد العاملون في الصحيفة اليومية أنهم لم يتسلموا رواتبهم منذ 4 أشهر ماضية بسبب عدم وجود أموال في هذه الصحيفة التي يمتلك الضمان الاجتماعي الأردني (مؤسسة حكومية يشارك فيها كل العاملين في القطاعين الخاص والعام من أجل تأمين مبلغ تقاعدي لهم) ما يقارب 30 في المائة من الأسهم العائدة فيها. وتقود نقابة الصحافيين بالتوافق مع الصحافيين في الدستور تحركا من أجل الضغط على الحكومة لإيجاد مخرج لإنقاذ الصحيفة من الانهيار، كما نفذ العاملون في الصحيفة اعتصامات متواصلة من أجل إيجاد مخرج للصحيفة
وقال نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن صحيفة الدستور، هي أول صحيفة يومية صدرت في الأردن، وإنها أثرت الحياة السياسية والفكرية والثقافية خلال مسيرتها الطويلة، كما كانت منارة مهنية في العمل الصحافي لذلك من غير المقبول ترك هذه الصحيفة تنهار. وأضاف: «إننا في نقابة الصحافيين نطالب من الحكومة التدخل من أجل إنقاذ الصحيفة}.



«الحروب التلفزيونية» معارك لبنانية صغيرة تنتهي بالتسويات

الوزير زياد مكاري (الشرق الأوسط)
الوزير زياد مكاري (الشرق الأوسط)
TT

«الحروب التلفزيونية» معارك لبنانية صغيرة تنتهي بالتسويات

الوزير زياد مكاري (الشرق الأوسط)
الوزير زياد مكاري (الشرق الأوسط)

مع احتكار الحرب المدمّرة الحقيقية الأضواء والمشاعر وأوقات البث في لبنان، تدور «حرب» إعلامية أسكتتها الأيام والأسابيع الأخيرة. وهي حرب لا تستعر على الأرض بل في فضاء محطتي التلفزيون المحليتين «الجديد» و«إم تي في»، وقذائفها تصلهما باردة، وأسلحتها تقتصر على التراشق الكلامي، وتصبّ في خانة خطاب الكراهية. ومع أن المتفرجين لا يشعرون بعبئها عليهم، فإنها تستفزّهم لينقسموا بين هذه المحطة أو تلك.

هذا النوع من «الحروب» ليس بالجديد على اللبنانيين، بل سبق أن عاشوا ما يشبهه في حقبات مختلفة. وكانت أقدمها تلك التي دارت بين «الجديد» و«المستقبل» في عهد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، فتبادلتا الحملات الإعلامية الساخنة، كل من وجهة نظره.

أيضاً، من المعارك التي احتدمت إعلامياً، تلك التي دارت رحاها في مرحلة ثانية بين محطتي «المستقبل» و«تلفزيون المنار» إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام 2005 وأحداث 7 مايو (أيار) عام 2008، عندما شنتا الهجمات الإعلامية الممنهجة؛ إحداهما على الأخرى.

ثم هناك من الخلافات المعروفة بين التلفزيونات اللبنانية، الخلاف الذي ذر قرنه بين «إم تي في» و«إل بي سي آي»؛ فالأولى ساندت حزب «القوات اللبنانية» بمطالبته بحصّة من محطة الـ«إل بي سي آي»، والأخيرة ردّت بحملات تشير فيها إلى تدخلات «إم تي في» لغايات شخصية. ثم هناك «المواجهة» التلفزيونية التي عاشها اللبنانيون بين «إن بي إن» التابعة للرئيس نبيه برّي (زعيم حركة أمل) و«الجديد»، ووصل الأمر إلى رمي قنابل ومتفجرات على «الجديد»، فاتهمت هذه الأخيرة «حركة أمل» بضلوعها بهذه الأحداث.

د علي رمال (الشرق الأوسط)

كل تلك الحملات كانت تغيب لتعود بعد فترة. وأحدث فصولها ظهر أخيراً على شاشتي «إم تي في» و«الجديد». وبدأت المشكلة عندما عرضت الأولى في نشرتها الإخبارية تقريراً اتهمت فيه شركة «ميب» التي يملكها مالك «الجديد» وشركاه باختلاس 38 مليون دولار، على أساس صيانة معامل إنتاج الكهرباء من دون صرف أي جزء من المبلغ، بينما يعاني اللبنانيون من الظلام. وردّت قناة «الجديد» على تقرير المحطة المنافسة في حملات إعلامية متتالية. وتطورت الأمور فيما بعد لتطال شخص رئيس مجلس إدارة «إم تي في»، واتهامه بالفساد استناداً إلى ملف تخابر غير شرعي اتهم به. وغلب على الطرفين تبادل الاتهامات، ما أجّج نار الحرب الإعلامية بينهما حتى خارج نشرات الأخبار.

أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون المهتمون بقطاع الإعلام حول هذه الحملات الإعلامية المتبادلة. وفي حين بعضهم يعدّها «فقاقيع هواء» لا تلبث أن تنتهي بتسويات لأن الطرفين في النهاية يصلحان الأمور وفقاً لمصالح يتقاسمانها، يراها آخرون نوعاً من «الفلتان الإعلامي»، حيث الدولة اللبنانية تقف متفرجة من دون وضع حدّ لها. وثمة فئة ثالثة ترى أن ما يحدث نوع من الضغوط التي يمارسها كل طرف بحسب أجندته السياسية.

تدخّل القضاء

وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري تكلّم عن الموضوع لـ«الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن هذه الحملات «تضرّ بأخلاقيات المهنة»، مع أنها تُعدّ جاذبة للمشاهد؛ لأنها تصبّ في خانة الفضائح والإثارة. وذكر مكاري أنه تدخل أكثر من مرة للحد من حملات من هذا النوع. وأوضح أن «هذا الأمر مثلاً، حصل عندما عالجت مشكلة وقعت بين (المنار) و(نيو تي في)، وبرأيي أن هذه الخلافات لا تتفاقم إذا ما عولجت في القضاء اللبناني. فالقضاء هو المسؤول الوحيد عن تهدئتها؛ لأن وزارة الإعلام ليس بيدها حلّ هذا النوع من القضايا».

وشدد الوزير مكاري: «أنا أطالب النيابات العامة بالتحرك بهذا الخصوص. كل يوم نشهد مادة فساد واتهامات وكراهية في الخطاب الإعلامي، وعلى المؤسسات الإعلامية الالتزام باحترام مواثيق دولية وقّع عليها لبنان لنبذ الكراهية والأخبار الزائفة».

حروب الإعلام والمصالح

من جهته، قال الدكتور علي رمّال، العميد السابق لكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، إن له رأياً مغايراً في هذا الموضوع، وإن الإعلام برمّته أصبح ممولاً من جهات خارجية، وكل جهة تحاول بلسان محطتها الحفاظ على مصالحها. ومن ثم، يختصر رمّال رأيه الأكاديمي بالقول: «حروب الإعلام هي حروب المصالح. وعلى الرغم من أن التلفزيون وسيلة ترفيهية، فإنه يتحوّل إلى مكان للترويج لمادة مثيرة ترفع من نسب المشاهدة». وأردف: «إن عمل المحطات شبيه إلى حد كبير بالعمل الاستخباراتي... فهم يجمعون المعلومات ويحتفظون بنسبة منها، ويُخرجون إلى العلن نصفها الآخر من باب غايات ومصالح خاصة... وبذلك يصبح المشاهد تابعاً، لهذه المحطة أو تلك، حسب انتمائه».

كيف تنتهي هذه الحروب وعلى أي أساس؟

يرد الدكتور رمّال: «إدارة المصالح تقوم على لفلفة الملفات. وفي نهاية المطاف، نراهم يتقاسمون الغنائم. وتحت عنوان نوقف الحرب كي لا نخسر معاً، توضع التسويات؛ لأن الفساد ليس بعيداً عن الإعلام... وهذا الأمر لا يقتصر فقط على الإعلام اللبناني بل هو موجود في الإعلام الغربي أيضاً».