الإعلام الروسي بين «الشائعات» ومحاولات «إسقاط» بوتين

قال لمواطنيه: معكم وبكم نتحدى العالم

بوتين يرد على أسئلة الصحافيين
بوتين يرد على أسئلة الصحافيين
TT

الإعلام الروسي بين «الشائعات» ومحاولات «إسقاط» بوتين

بوتين يرد على أسئلة الصحافيين
بوتين يرد على أسئلة الصحافيين

فجأة ودون سابق مقدمات انفجرت الشائعات. تناقلتها الألسنة مصحوبة بمختلف صنوف القيل والقال، التي ارتبطت في معظمها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لم تقتصر الأقاويل على حالته الصحية ومبررات غيابه، حيث سرعان ما اختلطت مع الأوهام وتقافزت على الشفاه «أحلاما مكبوتة» التي طالما راودت مخيلة كثيرين من رجال السياسة في الداخل والخارج. وما كادت تخفت الشائعة التي روجت لإصابته بمرض عضال تراوح من السرطان وحتى الشلل الذي أصاب عموده الفقري، حتى ظهرت أخرى تقول بأنه راح ضحية انقلاب قام به أحد أقرب رفاقه وهو سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف. وحين تبددت هذه الشائعة بعد أن وُئدت في مهدها، وجدنا من يقول «إن بوتين فارق الحياة»، في سباق غير معلن من جانب كل خصوم روسيا، لم تشهد العلاقات الروسية الأميركية له مثيلا منذ جاء الرئيس الروسي إلى سدة السلطة في الكرملين في عام 2000.
لم يكن بوتين غاب عن الأنظار أكثر من يومين، حتى تلقفت وكالة أنباء «رويترز» خبر تأجيل اجتماع رؤساء بلدان الاتحاد الأوروآسيوي الذي كان مقررا عقده في 12 - 13 مارس (آذار) الحالي. تطاير الخبر الذي سرعان ما تحول إلى شائعة تقافزت على شفاه الملايين في الداخل والخارج، في إطار هو خليط بين الأوهام والأحلام. ورغم تركيز وسائل الإعلام الغربية على «خبر الغياب»، مقرونا بشتى التفسيرات، فقد التزم الإعلام الروسي موقفا كان أيضا خليطا بين «التجاهل والسخرية» من جانب، وبين تأكيد أن بوتين يظل الزعيم الذي يحظى بالشعبية الأكبر والتي بلغت نسبتها 86 في المائة رغم كل ما تعيشه البلاد من أزمات ومتاعب بسبب العقوبات الاقتصادية والسياسية من جانب آخر.
على أن ذلك لم يمنع بعض المراقبين السياسيين من المحسوبين على نظام الرئيس بوتين، من التصدي لهذه الحملات وتأكيد أن الهدف من هذه الشائعات هو زعزعة أركان الثقة في قدرة الزعيم، والتشكيك في مدى احتمالات استمراريته على رأس السلطة، وهو الذي لم يفارقها للعام الخامس عشر على التوالي، فضلا عن إماطة اللثام عن مخططات قالوا إنها تستهدف تحديد نقاط الضعف والقوة في النسق الأعلى للسلطة، بحثا عن البديل المنشود.
ومضى آخرون إلى ما هو أبعد إمعانا في السخرية، وانزلاقا على طريق «العبثية واللامعقول» ما تجسد في الإعلان عن «اعتناق بوتين للإسلام»، وهي شائعة كانت ترددت لبعض الوقت في العام الماضي، لتكون إضافة إلى «الحلم المؤجل» الذي لا يفارق مخيلة كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية منذ أعلن بوتين عن رفضه لهيمنة القطب الواحد وإصراره على ضرورة بناء عالم متعدد الأقطاب في خطابه التاريخي الذي ألقاه في مؤتمر الأمن الأوروبي في ميونيخ في عام 2007. وبهذه المناسبة كانت واشنطن تنفست الصعداء مع اعتلاء ديمتري ميدفيديف الرئيس السابق سدة الحكم في الكرملين، وما تلا ذلك من خطوات تقارب مع الإدارة الأميركية، بما في ذلك ما قدمه من تنازلات أمام المعارضة الليبرالية الموالية للغرب في روسيا. بل وبدت أكثر ارتياحا حين سمح ميدفيديف بكثير من النقد لما انتهجه بوتين من سياسات في المقال الشهير الذي ظهر في عام 2009 تحت عنوان «روسيا.. إلى أين؟» وكان مقدمة لإعلان رغبته صراحة في الاستمرار في الحكم لفترة ولاية ثانية، وهو ما لم يسمح به بوتين في حينه، وما أدركه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع أولى خطواته في البيت الأبيض، ليدب الشقاق مع «زعيم الكرملين» والذي سرعان ما تطور حتى بلغ «الأزمة الأوكرانية»، وما تلاها من عقوبات اقتصادية وسياسية.
ومن اللافت أن الإعلام الروسي في مجمله لم يلتفت كثيرا إلى الشائعات التي تناثرت على الطريق، حيث كان إدراك في حينه مغبة السقوط في براثن تناقلها وترويجها سواء من خلال نقله أو التورط في تفنيدها، فيما التفت أكثر إلى تداول أخبار الرئيس التي عمدت وسائل الإعلام الغربية تجاهلها. وفيما واصل الإعلام الغربي حملاته لتأكيد «غياب» الرئيس انصرفت وسائل الإعلام الروسية وفي مقدمتها قناة «روسيا - 24» الإخبارية الرسمية، إلى التركيز على أحداث الساعة دون التركيز على نشاط الرئيس، مكتفية بما قاله ديمتري بيسكوف، الناطق الرسمي باسم الكرملين حول أن الرئيس مشغول بلقاءات تستوجب عدم الإعلان عنها. وحين تناقلت وسائل الإعلام الروسية خبر استقبال بوتين لأحد محافظي الأقاليم الروسية، سارع خصومه على الشاطئ الآخر إلى محاولات التشكيك في اللقطات التلفزيونية التي أذيعت عن ذلك اللقاء. وعاد بيسكوف ليؤكد أن الرئيس بخير، كما تعمد التأكيد على «أن قوة مصافحة الرئيس تضعضع يد من يصافحه»، على حد تعبيره.
وفيما رصد الكثيرون مشاهد لقاء بوتين مع رئيس المحكمة الروسية العليا فياتشيسلاف ليبيديف في 13 مارس (آذار) الحالي وهو ما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» في تقرير لها من موسكو في اليوم التالي، عاد بيسكوف إلى سابق هدوئه ليعلن عن برنامج الرئيس وما تضمنه من لقاء مع رئيس قيرغيزيا الذي أماط اللثام عن حقيقة ما تردد من «شائعات» حول أسباب غياب الرئيس ودحض ما قيل حول «وعكاته الصحية».
أما وسائل الإعلام الروسية فقد انصرفت إلى انتقاد القادة الأوروبيين الذين اعتذروا عن دعوة بوتين للمشاركة في الذكرى السبعين لاحتفالات النصر على الفاشية، في الوقت الذي راحت فيه نظيراتها الغربية تواصل ترديد الشائعات حول أسباب «غياب بوتين»، بينما كان الرئيس الروسي يحكي في «شريط وثائقي» تحت عنوان «القرم.. الطريق إلى الوطن» على شاشة «القناة الثانية» قصة اتخاذه قرار «ضم شبه جزيرة القرم» واستباقه «عملية عسكرية» للولايات المتحدة، جرت تحت ستار «مناورة بحرية مشتركة» للناتو مع البحرية الأوكرانية، من خلال الدفع بقواته ومنها الاستراتيجية إلى القرم مما دفع الطراد الأميركي «دونالد كوك» إلى أن يلوذ بالفرار صوب مضيق البوسفور جنوبا بعيدا عن شواطئ شبه الجزيرة. وبهذه المناسبة نشير إلى أن وسائل الإعلام المحلية والعالمية توقفت طويلا عند ما قاله بوتين حول أن القوات النووية الروسية كانت «على أهبة الاستعداد».ولعل من أطرف العناوين التي اختارتها الصحف الروسية للسخرية من مقاطعة الزعماء الأوروبيين لاحتفالات ذكرى النصر على الفاشية، هو ما اختارته صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» مانشيت صفحتها الأولى: «لقد فرضوا عقوباتهم على عيد النصر».
وقد توقفت وسائل الإعلام الروسية عند «تصريحات» بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الرئيس بوتين التي حاول من خلالها «دغدغة» مشاعر الصحافيين المحليين والأجانب ممن حضروا لقاء بوتين مع ضيفه القيرغيزي، وتساءل فيها ساخرا: «هل شاهدتم الرئيس الذي أنهكه مرض الشلل والعائد من أسر الجنرالات؟ لقد وصل توا من سويسرا التي حضر فيها مولد طفله كما تعلمون!». وكانت هذه التصريحات «عرضا» غير مباشر لكل الشائعات أوجزه بيسكوف في تساؤلات لاذعة ساخرة وكانت تقول بإصابته بمرض عضال تارة، وبأنه راح ضحية «انقلاب قصر» تارة أخرى، وبأنه موجود في سويسرا لحضور مولد طفله من عشيقته لاعبة الجمباز الأوليمبية إيلينا كابايفا تارة ثالثة. ومن اللافت أن وكالة أنباء «سبوتنيك» الرسمية الروسية كانت سردت كل هذه الشائعات تحت عنوان «السخافات الخمس التي ترددت حول بوتين»، وأضافت إلى جانب الشائعات الثلاث السابقة، شائعة استغراقه في مشاهدة مسلسل «بيت من ورق»، وشائعة «الوفاة».
وأضافت: «ورغم كون هذه (الفكرة) - أي الوفاة - جريئة إلى أبعد الحدود، إلا أنها لا تترأس قائمة (أسخف التكهنات)».



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.