العودة إلى الاتفاق النووي مرهونة بتنازلات «إقليمية» من إيران

دور لموسكو وباريس في تحقيقها

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

العودة إلى الاتفاق النووي مرهونة بتنازلات «إقليمية» من إيران

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

يترقب دبلوماسيون غربيون فرص العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، خصوصاً في أعقاب التقارير التي تشير إلى أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في طريقه لإدانة طهران في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، بسبب عرقلتها أعمال المراقبة التي يقوم بها مفتشو الوكالة لمنشآت إيران النووية. ولكن في اللحظات الأخيرة تنشط زيارات مسؤولين دوليين وإقليميين معنيين بهذا الملف، وصدور مواقف تزيد من ضبابية المشهد.
بيد أن زيارتين قام بهما إلى العاصمة الروسية موسكو، الأسبوع الماضي، كل من المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران روبرت مالي، ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، قد تؤديان إلى نتيجة من اثنين؛ إما العودة مجدداً إلى مفاوضات فيينا، وفق أجندة متفق عليها مع روسيا، أو البحث عن «خيارات أخرى»، حسب تصريحات سابقة للرئيس الأميركي جو بايدن، عندما التقى رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت في البيت الأبيض.
غير أن قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن بلاده متمسكة بـ«ضمان أمن إسرائيل»، وعدم قبولها استخدام الأراضي السورية منصة لتهديد أمنها، كان لافتاً، رغم تشديده على عدم تحويل سوريا إلى حلبة صراع بين دول أخرى. الوزير الإسرائيلي من جهته هدد بالتحرك ضد إيران «إذا فشل العالم في منعها من الحصول على السلاح النووي»، وبأن العالم يحتاج خطة بديلة لمواجهتها.
موسكو كانت وصفت في وقت سابق زيارة المبعوث الأميركي مالي بالجيدة، ودعت مع واشنطن، إيران، إلى العودة الفورية لمفاوضات فيينا. ورغم عدم صدور تصريحات عن تلك الزيارة، إلا أن أوساطاً أميركية قالت إن موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ورغم عدم «هرولتها» للعودة إلى الاتفاق النووي، كما كان يشاع، لكنه في المقابل يشير إلى «تنازلات» جديدة، يمكن أن تقدمها، مقابل تنازلات إيرانية، لا علاقة لها بالاتفاق النووي.
فالعقدة لم تعد في هذا الاتفاق، بل في ملفات إقليمية، في ظل دور نشط تقوم به فرنسا وموسكو، لتذليل بعضها. وهو ما عبر عنه الاتفاق الروسي الإسرائيلي على تشكيل «آلية عسكرية» لحل الخلافات بينهما، و«عدم السماح بتمركز قواعد إيرانية على مقربة من حدود إسرائيل»، والأحداث الأخيرة التي شهدتها مناطق درعا، بما يشير إلى تجديد الالتزام الروسي بالعودة إلى تطبيق اتفاق عام 2018 الذي يبعد ميليشيات إيران عن المنطقة. كما أن الإفراج عن تشكيل الحكومة اللبنانية يأتي ثمرة الجهد الفرنسي مع إيران، في ظل غض طرف من واشنطن عن صفقة الغاز والكهرباء عبر سوريا إلى لبنان، وعدم معارضتها وصول النفط الإيراني إليه أيضاً.
أما الحديث المتكرر عن تشدد أميركي في الملف النووي، وأن الوقت ينفد أمام إيران للعودة إلى الاتفاق، على ما قاله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، غداة التقرير اللاذع للوكالة الدولية عن انتهاكات إيران، يصفه البعض بأنه موقف يغطي على حقيقة المفاوضات الجارية معها. ويقول ريتشارد غولدبيرغ كبير المستشارين في مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، والمدير السابق لمحاسبة إيران في مجلس الأمن القومي، «إذا لم تقدم الولايات المتحدة قراراً في اجتماع الوكالة الدولية لمعاقبتها على خرق الاتفاقات معها، فستكون زيارة مالي إلى موسكو لمصلحة إيران». وتساءل: «لماذا تكتفي إدارة بايدن بالحديث عن العودة إلى الاتفاق النووي فقط، في الوقت الذي تحجم فيه عن الحديث أو حتى الإشارة إلى أي ضغوط أو عقوبات جدية عليها؟». وأضاف غولدبيرغ: «كان بايدن حريصاً للغاية مع فريقه على تجنب التلميح إلى أنهم سيفكرون في أي خيار عسكري». هو لم يقل أبداً «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة»، بل عن «خيارات أخرى». وبما أنه أظهر بالفعل أنه لن يفرض عقوبات أو يستخدم القوة العسكرية في مواجهة التصعيد المتكرر من إيران، فلا يوجد تهديد خطير ضدها.



سقوط الأسد يمنح نتنياهو 3 مقاعد إضافية بالكنيست

نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)
نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

سقوط الأسد يمنح نتنياهو 3 مقاعد إضافية بالكنيست

نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)
نتنياهو يتحدث في سفارة باراغواي بالقدس الخميس الماضي (أ.ف.ب)

أشارت نتائج استطلاع الرأي الأسبوعي لصحيفة «معاريف» إلى أن شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي تتراجع باستمرار، ازدادت بأكثر من 15 في المائة في الأسبوع الأخير. ويعزو المحللون ذلك إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الذي يعدّه الإسرائيليون أيضاً إنجازاً لهم ويعدّه نتنياهو إنجازاً شخصياً له.

فمع أن غالبية 50 في المائة من جمهور المستطلعين رأوا في سقوط الأسد تطوراً في غير صالح إسرائيل (42 في المائة رأوا أنه في صالحهم)، فقد ارتفع حزب «الليكود» بقيادته بثلاثة مقاعد، من 22 في الأسبوع الماضي إلى 25 في هذا الأسبوع.

نتنياهو خلال مثوله أمام المحكمة في تل أبيب في 10 ديسمبر 2024 (أ.ب)

لكن هذه الزيادة لا تكفي نتنياهو حتى يشكل حكومة، خصوصاً أن المقاعد الإضافية التي حصل عليها جاءت على حساب حلفائه في اليمين المتطرف، خصوصاً حزب «الصهيونية الدينية» بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي حصل على 4 مقاعد في الأسبوع الماضي، ولكنه لم يتجاوز نسبة الحسم هذا الأسبوع.

وعندما سُئل الجمهور كيف سيصوت فيما لو جرت الانتخابات اليوم، بدا أن «الليكود» وبقية أحزاب الائتلاف الحاكم تحصل مجتمعة على عدد المقاعد نفسه الذي حصلت عليه في الأسبوع الماضي، أي 50 مقعداً، علما بأنها تمتلك اليوم 64 مقعداً، وبهذا يكون بحاجة إلى 11 مقعداً إضافياً على الأقل حتى يستطيع تشكيل حكومة. بينما تحصل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وفي حال خاض حزب جديد بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بنيت، الانتخابات فإن نتنياهو يبتعد أكثر عن القدرة على تشكيل حكومة؛ إذ إن حزب بنيت سيحصل على 24 مقعداً (أقل بثلاثة مقاعد عن الأسبوع الماضي)، فيما يحصل نتنياهو على 24 مقعداً. ويحصل ائتلافه الحاكم على 45 مقعداً (أكثر بثلاثة مقاعد عن الأسبوع الماضي). وتحصل أحزاب المعارضة اليهودية على 65 مقعداً، إضافة إلى 10 مقاعد للأحزاب العربية. وبهذه النتائج، فإن حكومة نتنياهو تسقط بشكل مؤكد.

الشرطة الإسرائيلية تستخدم مدافع المياه ضد متظاهرين معارضين لنتنياهو في تل أبيب 7 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وجاء في الاستطلاع الأسبوعي الذي يجريه معهد لزار للبحوث برئاسة د. مناحم لزار وبمشاركة Panel4All.، وتنشره صحيفة «معاريف» في كل يوم جمعة، ليوضح مزاج الجمهور إزاء قيادته السياسية. وسئل المواطنون فيه: «لو أجريت الانتخابات للكنيست اليوم وبقيت الخريطة الحزبية كما هي، لمن كنت ستصوت؟»، وكانت الأجوبة على النحو التالي: «الليكود» برئاسة نتنياهو 25 مقعداً؛ (أي إنه يخسر نحو ثلث قوته الحالية المؤلفة من 32 مقعداً)، حزب «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس 19 (يوجد له اليوم 8 مقاعد، لكن الاستطلاعات منحته 41 مقعداً قبل سنة)، وحزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد يخسر هذا الأسبوع مقعداً ويحصل على 14 مقعداً (يوجد له اليوم 24)، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان 14 مقعداً (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب اليسار الصهيوني «الديمقراطيون» برئاسة الجنرال يائير جولان يرتفع هذا الأسبوع مقعداً واحداً 13 (يوجد له اليوم 4 مقاعد)، حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين بقيادة أريه درعي 9 (يوجد له اليوم 10)، وحزب «عظمة يهودية» بقيادة إيتمار بن غفير يرتفع هذا الأسبوع مقعداً واحداً ويحصل على 8 مقاعد (يوجد له اليوم 6 مقاعد)، وحزب «يهدوت هتوراة» للمتدينين الأشكناز 7 (يوجد له اليوم 7)، وتكتل الحزبين العربيين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي 5، والقائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس 5؛ أي إنهما تحافظان على قوتهما، وحزب «الصهيونية الدينية» بقيادة سموتريتش يسقط (يوجد له اليوم 8 مقاعد).

نتنياهو يستعين بخريطة خلال مؤتمر صحافي بالقدس في 4 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

وفي هذه الحالة تحصل كتلة ائتلاف نتنياهو على 50 مقعداً، وتحصل كتل المعارضة على 70 مقعداً، منها 10 مقاعد للأحزاب العربية.

وأما في حالة تنافس حزب برئاسة نفتالي بنيت، فإن النتائج ستكون على النحو التالي: بنيت 24 (27 في الأسبوع الماضي)، و«الليكود» 23 (21)، و«المعسكر الرسمي» 13 (13)، و«يوجد مستقبل» 11 (11)، و«الديمقراطيون» 10 (11) و«شاس» 8 (8)، و«يهدوت هتوراة» 7 (8)، و«إسرائيل بيتنا» 7 (7)، و«عظمة يهودية» 7 (7)، و«الجبهة العربية» 5 (5)، و«الموحدة» 5 (5). وفي هذه الحالة يكون مجموع كتل الائتلاف 42 مقعداً (44 مقعداً في الأسبوع الماضي)، مقابل 78 مقعداً (76 مقعداً في الأسبوع الماضي)، للمعارضة، بينها 10 مقاعد للأحزاب العربية. ويسقط حزب سموتريتش.

يذكر أن محاكمة نتنياهو في قضية الفساد، التي استؤنفت يوم الثلاثاء بسماع إفادته بوصفه متهماً، شغلت أقلية من الجمهور. ففي هذا الاستطلاع سئل الجمهور عما إذا كانت مجريات المحكمة غيرت موقفهم من القضية، فقال 69 في المائة إنها لم تؤثر عليهم، فيما قال 16 المائة إنها غيرت رأيهم للأفضل عن نتنياهو، وقال 15 في المائة إنها غيرت رأيهم للأسوأ.