إسرائيل تحتفي بالقبض على 4 من الأسرى الفارين

استعانت بقصاصي أثر... وحديث عن «واشٍ» وعدم وجود «خطة هروب منظمة»

الأسيران زكريا الزبيدي ومحمد عارضة تحيط بهما مجموعة من عناصر الاحتلال في صورة بثتها الشرطة الإسرائيلية (أ.ف.ب)
الأسيران زكريا الزبيدي ومحمد عارضة تحيط بهما مجموعة من عناصر الاحتلال في صورة بثتها الشرطة الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحتفي بالقبض على 4 من الأسرى الفارين

الأسيران زكريا الزبيدي ومحمد عارضة تحيط بهما مجموعة من عناصر الاحتلال في صورة بثتها الشرطة الإسرائيلية (أ.ف.ب)
الأسيران زكريا الزبيدي ومحمد عارضة تحيط بهما مجموعة من عناصر الاحتلال في صورة بثتها الشرطة الإسرائيلية (أ.ف.ب)

تمكنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إعادة اعتقال 4 من الأسرى الفلسطينيين الذين فروا من سجن «جلبوع» الإسرائيلي شديد التحصين، قبل أقل من أسبوع، فيما واصلت مطاردتها لـ2 آخرين؛ تعتقد أن أحدهما تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية، صباح السبت، أنها أوقفت 2 من الأسرى، وهما زكريا الزبيدي (46 عاماً) الأكثر شهرة بين الأسرى الستة قائد «كتائب شهداء الأقصى»، الجناح العسكري لحركة «فتح» في مخيم جنين، ومحمد عارضة (39 عاماً)، أحد نشطاء «الجهاد الإسلامي»، في بلدة الشبلي أم الغنم، في الجليل الأسفل في مرج ابن عامر، حينما كانا يختبئان في مرآب للشاحنات.
وجاء في بيان الشرطة، أنه «تم القبض على الرجلين من قبل فريق يضم مقاتلين في وحدة مكافحة الإرهاب الخاصة بالشرطة وأفراد من «الشاباك» (جهاز الأمن الداخلي) إثر عمليات تفتيش مكثفة قامت بها في المنطقة الشمالية، بجانب شرطة الحدود والوحدات الخاصة في الجيش و(الشاباك) ومصلحة السجون الإسرائيلية». وأضافت: «لم تتوقف جميع القوات عن العمل في شكل مكثف، إذ تم جمع المعلومات كافة التي يمكن استخدامها لتحديد مكان زكريا الزبيدي ومحمود عارضة، ولا يزال البحث عن الفارين الاثنين الآخرين جارياً».
واعتقال الزبيدي ورفيقه جاء بعد ساعات من اعتقال محمود عبد الله عارضة (45 عاماً) أحد أبرز قادة «الجهاد الإسلامي» في السجون والمعتقل منذ عام 1996، ويعقوب قادري (48 عاماً)، الذي ينتمي أيضاً إلى حركة «الجهاد»، في مدينة الناصرة العربية في شمال إسرائيل والواقعة على بعد نحو 30 كلم من السجن، الذي أشيع أنه تم القبض عليهما إثر وشاية من شخص التقى بهم وطلبوا منه الطعام، بيد أن المعلومة لم يتم تأكيدها. وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف، «تهانينا لشرطة إسرائيل وقوات الأمن التي ساهمت في القبض بنجاح على السجناء الفارين». وأضاف: «هدفنا الآن هو الاستمرار في البحث حتى نلقي القبض على الاثنين المتبقيين، وسيحدث ذلك قريباً!». وتابع: «على المواطنين الإسرائيليين أن يثقوا بالأجهزة الأمنية، وأن القوات العسكرية والشرطة تعمل دائماً وفي كل مكان من أجل ضمان أمنهم».
وتوعد نائب وزير الأمن الإسرائيلي ألون شوستر، الأسرى، بالسجن لسنوات طويلة. وحتى وقت متأخر من الأمس كانت الشرطة الإسرائيلية لا تزال تبحث عن الأسيرين فؤاد كمامجي (35 عاماً) ومناضل نفيعات (32 عاماً)، مع اعتقاد كبير أنهما انفصلا، وأن أحدهما وصل فعلاً إلى الضفة الغربية. ونفذت إسرائيل خلال الأيام الخمسة الماضية واحدة من أكبر عمليات الملاحقة منذ أعوام طويلة، بعدما عمل الجيش والشرطة و«الشاباك» ووحدات خاصة بمساعدة الكلاب البوليسية وقصاصي الآثر وطائرات مسيرة ومروحية في مطاردة الأسرى الستة. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «إعادة اعتقال الأسيرين زكريا الزبيدي ومحمد عارضة جرت بواسطة وحدة قصاصي الأثر التابعة للجيش الإسرائيلي (مرعول)».
وقالت تقارير إسرائيلية إن قصاصي الأثر توصلوا إلى الأسيرين عبر «آثار أقدامهم وعلبة سجائر وعلبة شراب».
ولعل التطور الأبرز والأهم في عملية المطاردة جاء عندما رصد أحد عناصر شرطة المرور اثنين من الأسرى بالقرب من حقول «موشاف» قرب العفولة، التي تبعد نحو 17 كيلومتراً عن سجن الجلبوع، وبعد ذلك بدأ تقصي أثر الأسرى عند نقطة في الساعة 22:30 من مساء الجمعة، وقدرت قوات الأمن أن الأسيرين مرا بها، وفي تمام الساعة الخامسة فجراً وصل القصاصون إلى موقف السيارات الذي كان يختبئ فيه الأسيران، ووجدوا عارضة نائماً داخل شاحنة، وزبيدي يسير مرهقاً على بعد 15 متراً من الشاحنة، فاستدعوا عناصر وحدة «يمام» الخاصة و«الشاباك». وقال مسؤولون أمنيون إنه لم يكن لدى الأسيرين خطة هروب منظمة، ولجأوا إلى المخبأ نفسه أكثر من مرة، ولم يكن بحوزتهما الكثير من الطعام.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.