المقداد يبلغ بيدرسن أن اللجنة الدستورية «سيّدة نفسها»

أعلن رفض دمشق «التدخل الخارجي»

وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن لدى لقائهما في دمشق أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن لدى لقائهما في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

المقداد يبلغ بيدرسن أن اللجنة الدستورية «سيّدة نفسها»

وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن لدى لقائهما في دمشق أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري فيصل المقداد والمبعوث الأممي غير بيدرسن لدى لقائهما في دمشق أمس (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، خلال لقائه المبعوث الأممي غير بيدرسن في دمشق، أمس، رفضه «التدخل الخارجي» في شؤون سوريا، وأن اللجنة الدستورية هي «سيدة نفسها».
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية للأنباء (سانا) بأن الجانبين بحثا في «تطورات الوضع على الساحة الدولية، وانعكاس ذلك على الأوضاع في الشرق الأوسط، حيث أكد المقداد ضرورة التزام كل الدول بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، في إطار علاقاتها الدولية خاصة لجهة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومحاولة فرض أجندات خارجية ضد مصلحة وإرادة شعوب هذه الدول، لأن التجارب السابقة والتجارب الماثلة أمامنا أثبتت فشل مثل هذا النهج، ناهيك عن آثاره الكارثية على هذه الدول».
وهذه الزيارة الأولى لبيدرسن إلى دمشق منذ فبراير (شباط) الماضي، وحصلت بعد تدخلات روسية وإيرانية لدى دمشق، حسب مصادر متطابقة.
وتحدث المبعوث الأممي في اللقاء عن المحاولات التي يقوم بها على المستويين الدولي والإقليمي، مستعرضاً نتائج اللقاءات التي عقدها خلال الفترة الماضية، حيث أكد المقداد «ضرورة احترام السيادة السورية ورفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسوريا»، حسب «سانا». وزادت أنه «طالب بإنهاء الاحتلالين الأميركي والتركي للأراضي السورية ووقف انتهاكاتهما للسيادة السورية ودعمهما للإرهاب».
كما أشار إلى «الإجراء غير الإنساني الذي تقوم به تركيا بقطع المياه بشكل متكرر عن أكثر من مليون مواطن في مدينة الحسكة والمناطق المحيطة بها، مطالباً الأمم المتحدة بأن ترفع الصوت في وجه كل هذه الانتهاكات، وأن تتخذ موقفاً واضحاً منها وأن تضطلع بمسؤولياتها بما يتوافق مع المبادئ والأهداف التي قام عليها الميثاق»، حسب الوكالة. وزادت أنه «تحدث عن مدى تأثير الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية على الشعب السوري، لا سيما على القطاع الصحي في ظل جائحة كورونا، حيث كانت وجهات النظر متفقة على أن هذه الإجراءات تزيد الوضع صعوبة، حيث أوضح المبعوث الخاص في هذا الصدد أنه يثير هذا الموضوع بشكل دائم مع ممثلي الدول الذين يلتقيهم».
وبخصوص لجنة مناقشة الدستور، قالت «سانا» إن الجانبين «أكدا أهمية ضمان عدم التدخل الخارجي في عمل هذه اللجنة، وأن يتم ذلك بقيادة وملكية سورية، حيث شدد المقداد على أن اللجنة منذ أن تشكلت وانطلقت أعمالها باتت سيدة نفسها، وهي التي تناقش وتعالج التوصيات التي يمكن أن تخرج بها وكيفية سير أعمالها مع التأكيد على أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده».
وعقدت اللجنة الجولة الخامسة في بداية العام، وجرت محاولات لعقد الجولة السادسة وقدم بيدرسن آلية لعمل اللجنة، لم يتم الاتفاق عليها بعد بين رئيسي وفدي الحكومة أحمد الكزبري والمعارضة هادي البحرة.
إلى ذلك، أوضح المقداد، حسب «سانا»، أمس، «حقيقة التطورات التي جرت مؤخراً في درعا وارتياح الدولة السورية للحلول التي تم التوصل إليها وبدء عودة الحياة الطبيعية إلى درعا البلد».
وأضافت الوكالة الرسمية أن «الدولة السورية حرصت على معالجة الأوضاع هناك من خلال الحوار المرن وعدم الدفع نحو مواجهات يتضرر منها الأبرياء والبنى التحتية، وأنها نجحت في ذلك رغم محاولات بعض الدول والأطراف المعادية الداعمة للإرهاب عرقلة الوصول إلى اتفاق سلمي».
من جهته، أوضح بيدرسن أن المباحثات التي أجراها مع السلطات السورية في دمشق «جيدة للغاية»، معرباً عن أمله في استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.
وقال غير بيدرسن للصحافيين بعد لقائه المقداد، «لقد أجرينا مناقشات جوهرية وجيدة للغاية». وأضاف: «ناقشنا التحديات الاقتصادية والإنسانية في سوريا، والتحديات المرتبطة بسبل العيش، والجهود التي يُمكننا القيام بها للمساعدة في تحسين هذا الوضع».
وأمل بيدرسن في «المضي قُدماً في عمل اللجنة الدستورية»، كاشفاً أنه من الممكن «الدعوة إلى جولة سادسة» من المحادثات بين أعضائها.
وتتألف المجموعة المصغرة من اللجنة الدستورية التي تشكلت في سبتمبر (أيلول) 2019 من 45 عضواً يمثلون بالتساوي الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني.
ولكن فشلت الجهود الأممية وجولات اللقاءات المتتالية في إنجاح مساعي اللجنة الدستورية، وأبطأت الخلافات العميقة بين الأطراف الرئيسيين، فضلاً عن تفشي جائحة «كوفيد»، وتيرة الاجتماعات.
وأعرب المبعوث الأممي إلى سوريا في بداية العام عن خيبة أمله بعد المحادثات التي أجراها في جنيف حول الدستور السوري، موضحاً أن الأطراف المشاركين لم يتمكنوا حينها من الاتفاق على منهجية للعمل.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.