وحدة «مرعول» العسكرية... سلاح إسرائيلي «مجهز» يعتمد على قصاصي الأثر من البدو

TT

وحدة «مرعول» العسكرية... سلاح إسرائيلي «مجهز» يعتمد على قصاصي الأثر من البدو

سلطت عملية إعادة اعتقال 2 من الأسرى الذين فروا الاثنين الماضي من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد التحصين، الضوء على وحدة «مرعول» العسكرية التي مكنت من اعتقالهم، وهي وحدة قصاصي أثر مشكلة من قوات الاحتياط التابعة للجيش الإسرائيلي.
وكان لهذه الوحدة الدور الأكبر في إعادة اعتقال الأسير الأشهر من بين 6 فروا من جلبوع وهو زكريا الزبيدي، القيادي في «فتح» الذي تعرض لعدة محاولات اغتيال سابقة وأصيب، ثم تلقى عفواً إسرائيلياً ضمن اتفاق سابق مع السلطة، ثم انتخب في المجلس الثوري لحركة «فتح» قبل أن يعاد اعتقاله قبل عامين، ويفر أخيراً من سجن جلبوع ويعاد اعتقاله مجدداً. ووصلت هذه الوحدة إلى زكريا الزبيدي وصديقه محمد العارضة أولاً، ثم أبلغوا الجهات المختصة. ووحدة «مرعول» هي وحدة كتيبة صحراوية يوجد فيها كثير من مقتفي الأثر البدو، ويرأسها بيني غانون، وتتألف من عدة مئات من المقاتلين، غالبيتهم العظمى من البدو الذين يتسلحون ببنادق «M-16» ويقومون بالدوريات على مختلف الحدود والجبهات ويمتلكون تكنولوجيا متطورة مرتبطة بالأقمار الصناعية. لكن لا تلعب التقنيات الدور الرئيسي في تفوقهم، بل قدرتهم الفطرية في تتبع الأثر.
وفي مقابلة سابقة، قال ضابط قصاصي الأثر في اللواء الجنوبي البدوي منذر عرامشة، لموقع عبري مختص بشؤون الجنود والجيش: «إنها مهنة يكتسبها الإنسان منذ الطفولة ويتقنها رعاة الغنم الذين ساروا على أثر ماعزهم وعرفوا المنطقة جيداً».
وأضاف: «يصل إلينا الجندي قصاص الأثر حاملاً لهذه الحاسة، ونقوم نحن بتطويرها أكثر فأكثر، بما في ذلك تدريبه على العمل مع كل الفرق والوحدات العسكرية».
وأوضح: «بخلاف الآخرين، يمكنه معرفة كثير من المعلومات عند رؤيته الأثر، مثل عمر هذه الآثار، وإذا كان الشخص أعرج أم سليماً، يحمل شيئاً على ظهره أم لا، وإلى أي اتجاه سار وذهب، هل يبحث عن عمل أم مسلح».
وأقيمت هذه الوحدة عام 1970 وصاحب فكرة تأسيسها هو عاموس يركوني، وهو ليس يهودياً كما يعتقد الكثيرين، بل بدوي اسمه الأصلي عبد المجيد خضر المزاريب، والذي اختار لنفسه الاسم اليهودي سابق الذكر. أما الشخص الثاني الذي يعد من مؤسسي هذه الوحدة فهو البدوي حسين الهيب الذي تدرج في خدمته بالجيش الإسرائيلي حتى حصل على رتبة «عقيد».
ويلجأ الجيش الإسرائيلي لهذه الوحدة التي تلعب دوراً مهماً في متابعة أحداث في الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان، وعلى الحدود مع غزة ومع مصر، عندما يريد ملاحقة مطاردين أو في البحث عن أنفاق.
وحتى وقت متأخر أمس، كانت هذه الوحدة لا تزال تعمل في ملاحقة تتبع آثار الأسيرين أيهم كمامجي ومناضل نفيعات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».