الحكومة أمام تحدي رفع المعاناة وتأمين انتقال السلطة

TT

الحكومة أمام تحدي رفع المعاناة وتأمين انتقال السلطة

تنظر أكثرية اللبنانيين إلى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، الرابعة (الأخيرة) في عهد الرئيس ميشال عون، على أنها «فن الممكن»، وأقل من المطلوب، وأن وجودها أفضل من استمرار حكومة تصريف الأعمال، برئاسة حسان دياب، وإنما ليس من باب الموازنة بينهما بمقدار ما أنها تعيد الاعتبار إلى مشروع الدولة، من خلال إيجاد المرجعية القادرة على مخاطبة المجتمع الدولي، وطلب توفير المساعدة لإخراج لبنان من أزماته غير المسبوقة، بإحياء الإدارات العامة وإنقاذها، بسبب إصرار عون على أن يدير البلد من دون مشاركة الآخرين.
ومن السابق لأوانه إصدار الأحكام على الحكومة قبل أن تنال ثقة البرلمان على أساس بيانها الوزاري، أو البحث عن الحصة الوزارية لهذا الطرف أو ذاك، انطلاقاً من تحديد الجهة التي حصلت على «الثلث الضامن»، مع أن ميقاتي يجزم بأنه لا ثلث ضامناً لأحد، ويؤكد -كما يُنقل عنه- الانصراف إلى توفير الحد الأدنى من احتياجات اللبنانيين لرفع المعاناة عنهم، شرط أن تُمنح حكومته فترة سماح محدودة، وليست مفتوحة، لأنهم لا يحتملون التأخير، ومن غير الجائز أن تعالج مشكلاتهم بالوعود غير القابلة للتنفيذ.
فالحكومة الميقاتية ولدت بشق النفس، ولم ترَ النور -كما يقول مصدر سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط»- لو لم يرتفع منسوب الضغوط الدولية التي مورست على الأطراف التي كانت تعيق ولادتها، وتحديداً عون ووريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي اضطر للدخول على خط تذليل العقبات، في محاولة للحصول على شهادة «حسن سلوك» من فرنسا، لعلها تبعد عنه شبهة تعطيل تأليفها، وتفتح الباب أمام إسقاط العقوبات الأميركية المفروضة عليه.
ويلفت المصدر إلى أن اللون «الرمادي» لعدد من الوزراء لا يعني أن هناك إمكانية لاستمالتهم من قبل عون وباسيل لضمان حصولهما على الثلث الضامن، ويعزو السبب إلى وجود ضمانة دولية بأنه لا مكان لهذا الثلث في التركيبة الوزارية، وأن من يدعي حصوله عليه يحاول أن «يرشي» جمهوره بأنه لم يرضخ للضغوط، وأنه حقق ما كان يطمح إليه من وراء إفراجه عن التشكيلة الوزارية.
ويؤكد أن هناك رعاية دولية للحكومة، انطلاقاً من تقدير المجتمع الدولي أن لبنان يرزح حالياً تحت وطأة الانفجار الشامل، ولم يعد في مقدوره الصمود في وجه تدحرج الانهيار نحو الفوضى والفلتان الأمني والسياسي إلى حين توفير الحلول للمنطقة، ويقول إنه أعاد النظر في مواقفه بعد أن اكتشف أن هناك صعوبة في إعادة تركيبته، في حال تقرر تركه يواجه مصيره من دون تدخل خارجي.
ويرى أن ميقاتي يقف الآن أمام مهمة مزدوجة صعبة في آن واحد، ويقول إنه من غير الجائز القول إن حكومته ولدت بأي ثمن وبلا شروط، لأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بات في حاجة ماسة لتشكيلها لحفظ ماء الوجه، بعد أن أطاح عدد من الأطراف اللبنانية بمبادرته لإنقاذ لبنان.
ويضيف المصدر نفسه أن المبادرة الفرنسية ستلاحق حكومة ميقاتي لسؤالها عن مصير الإصلاحات المالية والإدارية لأنها تشكّل الممر الإلزامي للحصول على المساعدات الدولية، فيما يعطي الأولوية لإعادة تصحيح علاقات لبنان بعدد من الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها، بعد أن دمّرها «العهد القوي» بانحيازه إلى محور دول «الممانعة»، بقيادة إيران، ويؤكد أن الحكومة ولدت بغطاء دولي، وبموافقة إيرانية جاءت ثمرة الاتصال الذي أجراه ماكرون بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، على الرغم من أن «حزب الله» لم يبادر إلى تشغيل محركاته باتجاه عون وباسيل لئلا يوقع نفسه في إحراج مع حليفيه.
ويكشف أن الرافعة الأميركية والفرنسية للحكومة كانت وراء تسليم عون وباسيل بحكومة «الأمر الواقع»، بعد أن أدرك عون أن عهده أخفق في تحقيق أي إنجاز سوى أنه وفي بوعده بذهاب اللبنانيين إلى جهنم.
ويقول المصدر نفسه إن حكومة ميقاتي أمام اختبار جدّي من قبل المجتمع الدولي، بعد أن أحجم عن مساعدة لبنان لعدم وجود المرجعية التي يُفترض أن يتعامل معها، وغياب الإدارة الموثوقة لتوظيف المساعدات لوقف الانهيار، ويؤكد أن مجرد تشكيل الحكومة سيدفع المجتمع الدولي إلى مد يد العون للبنان لأنه يجد صعوبة في إعادة تركيبه إذا تركه ينهار كلياً.
ويلفت إلى أن الحكومة العتيدة ستتحرك على خطين متلازمين: الأول يتعلق بتأمين الانتقال السلمي للسلطة فور انتهاء ولاية عون، بدءاً بتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها في ربيع 2022، ليكون في وسع المجلس النيابي الجديد انتخاب الرئيس الذي سيخلف عون.
ويضيف أن تأمين الانتقال السلمي للسلطة يتطلب إعادة انتظام المؤسسات الدستورية التي أطاح بها عون، على خلفية إصراره على أن يدير البلد وحيداً، بمصادرة حق الآخرين في المشاركة، وهذا ما برز من خلال إمعانه في تجاوز اتفاق الطائف، وصولاً إلى تعديله بالممارسة لصعوبة تعديله في النصوص.
أما الخط الثاني الذي سيتحرك على أساسه ميقاتي فيكمن -بحسب المصدر نفسه- في توفير شروط الصمود للبنانيين، ورفع المعاناة عنهم، وهذا لن يتحقق إلا بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي لتأمين المؤونة المالية لتغطية كلفة اعتماد البطاقة التموينية لمساعدة العائلات اللبنانية الأشد فقراً، خاصة أن ما أقرته اللجان النيابية في هذا الخصوص بقي حبراً على ورق لافتقاده إلى هذه المؤونة.
كذلك سيتعاطى المجتمع الدولي مباشرة مع رئيس الحكومة، ومن خلاله مع الوزراء المعنيين، باعتبار أن ميقاتي يمثل المرجعية القادرة على تهيئة الأجواء لتوفير المساعدات الدولية للبنان، بعد أن استنكف عن التعاطي مع عون، وحصر مساعداته بالهيئات والمنظمات العاملة في المجتمع المدني والقوى الأمنية، وعلى رأسها الجيش، باعتبار أنها صمام الأمان للحفاظ على الاستقرار، ومنع التفلُّت الأمني جراء الضائقة الاقتصادية والمعيشية.
فإحجام المجتمع الدولي عن تقديم المساعدات من خلال الحكومة المستقيلة أو عون يعود إلى أن الأخير فقد دوره في التوفيق بين اللبنانيين، ولم يعد موضع إجماع، بل يطلق -كما يقول رئيس حكومة سابق فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»- الشعارات الشعبوية، ويصدر البيانات التي كانت وراء إقحام البلد في مزيد من الاحتقان الشعبي.
لذلك، فإن الحكومة لن تنتظر طويلاً للتوجه خارجياً لإيجاد الحلول لأزمة المحروقات والكهرباء والدواء والمستلزمات الطبية لضمان بقاء البلد على قيد الحياة شرطاً لإجراء الانتخابات النيابية التي تعوّل عليها الدول الأوروبية والولايات المتحدة لإحداث تغيير يدفع باتجاه إعادة تكوين السلطة.
ويبقى السؤال: هل ينجح ميقاتي في استعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم لأن ثقة البرلمان بالحكومة مضمونة، لكنها لن تقدّم أو تؤخّر في إحداث تغيير لدى الشارع والمنتفضين على واقع الحال السياسي، وتحميلهم المنظومة الحاكمة مسؤولية الانهيار الحاصل، وإن كان المطلوب منح الحكومة فرصة ليست مديدة لاختبار مدى جديتها في ترجمة أقوالها إلى أفعال، شرط ألا تصاب بالعدوى التي أصابت الحكومات السابقة التي تتحمل مسؤولية انهيار البلد.



مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.


مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تشيد بـ«التعاون المتطور» مع قطر خلال السنوات الأخيرة

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)
نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار يلتقي الشيخ جاسم بن عبد الرحمن بن محمد آل ثاني سفير دولة قطر في القاهرة على هامش احتفالات اليوم الوطني (مجلس الوزراء المصري)

أشاد نائب رئيس الوزراء وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، بـ«التعاون المتطور» بين بلاده وقطر خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت العلاقات بين البلدين تطورات لافتة على المستويين السياسي والاقتصادي.

وخلال مشاركته في احتفالية «العيد الوطني» لدولة قطر، التي نظمتها السفارة القطرية في القاهرة، مساء الثلاثاء، قال عبد الغفار - نيابة عن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي - إن المناسبة «تعكس عمق الروابط الأخوية والعلاقات التاريخية بين مصر وقطر»؛ مشيداً «بالتعاون المتطور في السنوات الأخيرة، خصوصاً في قطاع الصحة، إلى جانب التنمية والاستثمار والتعليم والعمل الإنساني، بما يخدم مصالح الشعبين».

وأكد نائب رئيس الوزراء المصري «أهمية استمرار التنسيق والتعاون المشترك لدعم الاستقرار والتنمية في المنطقة، انعكاساً لعمق العلاقات الأخوية بين البلدين».

نائب رئيس الوزراء المصري خالد عبد الغفار أثناء مشاركته في احتفالات العيد الوطني لدولة قطر (مجلس الوزراء المصري)

وتشهد العلاقات المصرية - القطرية تطوراً نوعياً الفترة الحالية، بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، وأعلنت قطر وقتها «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر»، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار.

وقبل أيام افتتح وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري»، بحضور وزير الدولة القطري لشؤون التجارة الخارجية، أحمد بن محمد السيد، وبمشاركة واسعة من ممثلي مجتمع الأعمال في البلدين.

وأعلنت الحكومة المصرية خلال المنتدى عن «تسهيلات استثمارية» جديدة لرجال الأعمال القطريين، وقرّر وزير الاستثمار المصري تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة بين بلاده وقطر، وفق ما جاء في بيان رسمي عن الحكومة المصرية.

وانعكس التقارب في العلاقات على حجم التعاون الاقتصادي، إذ وقّعت مصر وقطر في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم»، بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح بشمال غربي مصر، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار.

ووقتها، قال رئيس الوزراء المصري إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري «يُشكّل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وقبل أيام وقَّعت مصر مع شركة «المانع» القابضة القطرية عقد مشروع لإنتاج وقود الطائرات المستدام بمنطقة السخنة التابعة للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتكلفة استثمارية تبلغ 200 مليون دولار.

مسؤولون مصريون حرصوا على المشاركة في عيد قطر الوطني (مجلس الوزراء المصري)

وبلغ حجم الاستثمارات القطرية في مصر نحو 3.2 مليار دولار، موزعة على أكثر من 266 شركة، تعمل في قطاعات متنوعة، منها المالي والصناعي والسياحي؛ كما ارتفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 143 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي، في مقابل 80 مليون دولار عام 2023، بمعدل نمو يقترب إلى 80 في المائة، وفق إحصاءات وزارة الاستثمار المصرية.

وبمناسبة «العيد الوطني»، نقلت وكالة الأنباء القطرية تصريحات، الثلاثاء، للسفير المصري في الدوحة وليد فهمي الفقي قال فيها إن العلاقات بين مصر وقطر «أخوية وراسخة، وتمتد جذورها عبر عقود من التعاون المشترك، وتشهد اليوم مرحلة جديدة من الزخم والنماء بفضل الإرادة السياسية، والرؤية المتوافقة لقيادتي البلدين».

وأشار إلى «التطور الملحوظ في العلاقات بين القاهرة والدوحة خلال السنوات الأخيرة، من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، وتعزيز التعاون في مجالات السياسة والاقتصاد والاستثمار والطاقة والبنية التحتية والثقافة».

وأضاف: «التعاون المصري القطري في الملف الفلسطيني يُمثّل نموذجاً بارزاً للتنسيق البنَّاء بين البلدين، من خلال الجهود المشتركة لوقف العدوان على قطاع غزة، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني»، عادّاً أن قطر «أصبحت نموذجاً للدبلوماسية الهادئة والفاعلة القائمة على الحوار والاحترام المتبادل، ودولة مؤثرة تمتلك رؤية إنسانية ومسؤولية إقليمية ودولية متقدمة».

وتقود مصر وقطر، بالتعاون مع الولايات المتحدة، جهود الوساطة التي أدت إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتعمل الدول الثلاث مع تركيا لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ باقي خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في القطاع.