يشغل المناصب الرئيسة في حكومة رئيس الوزراء الأفغاني الجديد الملا محمد حسن أخوند زعماء بارزون في حركة «طالبان» تبدو وجوههم وأنماط سلوكهم مألوفة للقوى الدولية والإقليمية البارزة. وبالتالي، يبدو أن الحكومة الجديدة مصممة على ضمان علاقات وظيفية سلسة مع جميع اللاعبين الإقليميين، بما في ذلك الصين وروسيا وإيران. وقد أشار قادة «طالبان» الأساسيين في أحاديثهم الخاصة إلى استعداد حكومة «طالبان» للانخراط بشكل بنّاء، حتى مع واشنطن، ومن المعتقد أن ضم الملا عبد الغني برادر نائباً لرئيس الوزراء، والملا أمير خان متقي وزيراً للخارجية بالوكالة، سينظر إليه من قبل كثيرين داخل واشنطن باعتباره مؤشراً على ذلك.
الأمر الواضح أن الحكومة الأفغانية الجديدة ترغب في مواصلة الحوار مع الولايات المتحدة. فمن جانبه، قاد الملا برادر وفود «طالبان» في مباحثات رسمية مع مسؤولين أميركيين في العاصمة القطرية الدوحة، وكان هو مَن وقّع الاتفاق النهائي من جانب «طالبان». كذلك كان الملا أمير خان متقي ضمن وفد «طالبان» الذي تفاوض مع الأميركيين. ومن المعروف على نطاق واسع أن المباحثات بين وفد «طالبان» والدبلوماسيين الأميركيين لم تجرِ، حسب المطلعين، في أجواء متوترة.
بل اللافت أن الجانبين تطرقا إلى مناقشة أمور غير سياسية، مثل المقارنة بين الثقافتين الأفغانية والأميركية. وأيضاً قاد الملا برادر وفداً من «طالبان» لإجراء مباحثات مع قادة روسيا والصين وإيران في عواصمهم، وهكذا، يبدو من نمط الحكومة الجديدة أن حكومة «طالبان» ستولي كثيراً من الوقت والطاقة لإدارة العلاقات الخارجية.
أما المشكلة الوحيدة التي حدّدها خبراء في الحكومة الجديدة فهي ضم سراج الدين حقاني، القائم بأعمال وزير الداخلية. هذا الرجل يعتبر ألدّ أعداء واشنطن، وهو أبرز المطلوبين المتهمين بالإرهاب في قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي). ويتولى حقاني زعامة الجماعة المسلحة المعروفة باسم «شبكة حقاني» التابعة لـ«طالبان»، التي كانت وراء بعض أكثر الهجمات دموية في حرب البلاد التي استمرت عقدين، بما في ذلك انفجار شاحنة مفخخة في كابُل عام 2017 أودى بحياة أكثر عن 150 شخصاً.
هذا، وجرى تصنيف «شبكة حقاني» بالفعل منظمةً إرهابيةً من قبل الإدارة الأميركية. ووفقاً لمسؤولين أميركيين، فإنها تحتفظ بعلاقات وثيقة مع تنظيم «القاعدة». وظل الجيش والحكومة الباكستانية تحت ضغط مكثف خلال عام 2014 لقطع جميع العلاقات مع هذه «الشبكة»، بينما رتّبت الاستخبارات الباكستانية في الماضي اتصالاً مباشراً بين «الشبكة» ودبلوماسيين أميركيين. ووفقاً لما ذكره أحد المسؤولين الأميركيين، فإن سراج الدين حقاني «مطلوب لاستجواب على صلة بهجوم يناير (كانون الثاني) 2008 شُنّ على فندق في كابُل، أسفر عن مقتل 6 أشخاص، بينهم مواطن أميركي».
في أي حال، تصدر حكومة «طالبان» الجديدة، على ما يبدو، في هذه المرحلة المبكرة إشارات متضاربة إلى العالم، خاصة الولايات المتحدة والقوى الإقليمية الأخرى، فمن ناحية، يضم مجلس الوزراء «وجوهاً ناعمة» في «طالبان» سبق أن مثلوا الحركة في الحوارات وعمليات التفاوض مع اللاعبين الدوليين. ومن ناحية أخرى، تضم الحكومة متشددين، مثل حقاني والملا يعقوب وزير الدفاع بالوكالة، وهو نجل مؤسس «حركة طالبان» والمرشد الأعلى الراحل الملا عمر. ولقد صعد نجم يعقوب عام 2015 عندما دعا، في رسالة صوتية نُشرت بعد وفاة والده، إلى الحفاظ على وحدة الصف داخل الحركة.
رسائل حوار وتصلّب تحملها تشكيلة حكومة «طالبان» إلى العالم
رسائل حوار وتصلّب تحملها تشكيلة حكومة «طالبان» إلى العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة