المغرب يفتتح مركز تحقيقات للتصدي للإرهاب والجريمة المنظمة

تعزيزا لجهود البلاد في مواجهة كل أشكال التطرف

المغرب يفتتح مركز تحقيقات للتصدي للإرهاب والجريمة المنظمة
TT

المغرب يفتتح مركز تحقيقات للتصدي للإرهاب والجريمة المنظمة

المغرب يفتتح مركز تحقيقات للتصدي للإرهاب والجريمة المنظمة

أعلن المغرب عن افتتاح مركز للتحقيقات القضائية التابع للاستخبارات الداخلية، وذلك من أجل التصدي لعدد من القضايا الأمنية، وعلى رأسها الإرهاب، والمس بأمن الدولة، وتهريب المخدرات والأسلحة والمتفجرات.
وأشرف على افتتاح المركز، الذي يوجد مقره في سلا المجاورة للرباط، أول من أمس، وفد رسمي برئاسة وزيري الداخلية، محمد حصاد، والعدل والحريات، مصطفى الرميد. وهو مركز أحدث تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس في إطار تعزيز الحكامة الأمنية، طبقا للمقتضيات الجديدة للدستور.
يذكر أنه أمام ضرورة تعزيز وملاءمة التشريعات القانونية في مواجهة التحولات العميقة للتحديات الأمنية، جرى سنة 2011، إقرار القانون رقم 3511، الذي يمنح صفة الشرطة القضائية للمدير العام لمراقبة التراب الوطني (الاستخبارات الداخلية) ولمسؤولي هذه المديرية.
وسيقوم المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تحت إشراف النيابة العامة، بمهمة معالجة الجرائم والجنح، المنصوص عليها في الفصل 108 من مدونة المسطرة الجنائية، وخصوصا السرقة، وتهريب المخدرات والأسلحة والمتفجرات، والإرهاب، والمس بأمن الدولة، وتزوير العملة.
وقال وزير الداخلية إن «المركز الجديد يأتي لتعزيز الجهود المبذولة من قبل المغرب لمواجهة كل أشكال التطرف، وتهريب الأسلحة والمخدرات، مبرزا أسس المقاربة المغربية الرائدة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة». مضيفا أن هذه البنية الجديدة هي ثمرة تعاون بين وزارتي الداخلية، والعدل والحريات، في إطار مقاربة تشاركية تشمل عدة مصالح تابعة للأمن والقضاء.
من جانبه، عبر الرميد عن ارتياحه لإحداث هذا المكتب الذي يعكس إرادة المغرب لضمان الأمن والاستقرار للمواطنين، مبرزا الإنجازات التي حققتها المملكة في مجال حقوق الإنسان. وأكد الرميد أن المغرب أصبح نموذجا بالنسبة للمنطقة، مشيدا بالجهود المبذولة من طرف المصالح الأمنية على المستوى الوطني، والإقليمي والدولي.
وفي السياق نفسه، أبرز عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (مخابرات داخلية)، أن إحداث هذا المكتب يكرس المقاربة التشاركية التي اعتمدها المغرب في مجال مكافحة كل أشكال الجريمة في احترام للقانون.
وأضاف الحموشي أن هذه البنية الجديدة، التي تأتي في ظرفية يطبعها تصاعد الأعمال الإرهابية عبر العالم، تنبع من انشغال المملكة الدائم بإعادة هيكلة وتأهيل مؤسساتها الأمنية في إطار مقاربة، تضمن في ذات الآن احترام الحقوق وأمن المواطنين.
من جهته، أكد عبد الحق خيام، والي الأمن، مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، أنه طبقا لما تنص عليه المادة 108 لمدونة المسطرة الجنائية، سيقوم المكتب بتحقيقات في مجموع التراب الوطني تحت إشراف النيابة العامة. موضحا أن هذه البنية الجديدة تضم نخبة مصالح الشرطة ممن تابعوا تكوينا جيدا في المجالين القانوني والمهني، مضيفا أنه جرى تزويد المكتب بوسائل تقنية وتكنولوجية حديثة.
ويعكس هذا المركز الخبرة المغربية في مجال مكافحة ظواهر الإجرام. وقد جرى تزويده بموارد بشرية تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة، وتلقت دورات تكوينية من مستوى عال في مجالات مختلفة، تقنية وقانونية وفي مجال حقوق الإنسان. وسيجري تزويد العاملين بالمكتب المركزي للتحقيقات القضائية، الذين سيشتغلون بهذه المؤسسة الأمنية من الجيل الجديد، بالوسائل الحديثة للقيام بمهامهم على أحسن وجه، بما يمكنهم من الاستفادة مما راكموه من مكتسبات ومهنية.
وتقوم المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، المعروفة اختصارا بـ«الديستي»، بعمل حاسم من أجل حماية المواطنين وضمان أمن الدولة ومؤسساتها، وكذا من أجل الوقاية والمكافحة الدولية للإرهاب.
وحضر حفل تدشين المركز الشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، والجنرال دو كوردارمي حسني بنسلمان، قائد الدرك الملكي، والمحجوب الهيبة، المندوب الوزاري المكلف حقوق الإنسان، ومحمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعدة شخصيات أخرى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.