هل دفع ملاك الأندية مبالغ طائلة لضم نجوم لامعة من أجل شراء حب الجماهير؟

ثورة غضب جماهير يونايتد ومطالبتهم برحيل مالكي النادي هدأت بعد عودة رونالدو (رويترز)
ثورة غضب جماهير يونايتد ومطالبتهم برحيل مالكي النادي هدأت بعد عودة رونالدو (رويترز)
TT

هل دفع ملاك الأندية مبالغ طائلة لضم نجوم لامعة من أجل شراء حب الجماهير؟

ثورة غضب جماهير يونايتد ومطالبتهم برحيل مالكي النادي هدأت بعد عودة رونالدو (رويترز)
ثورة غضب جماهير يونايتد ومطالبتهم برحيل مالكي النادي هدأت بعد عودة رونالدو (رويترز)

مَن يستطيع أن ينسى الاحتجاجات الجماهيرية على اقتراح إقامة بطولة دوري السوبر الأوروبي في أبريل (نيسان) 2021؟ لقد أظهرت الجماهير في كل مكان حبها لكرة القدم، ووجهت انتقادات للاذعة لمن يرغبون في إقامة هذه البطولة، وعلى رأسهم رئيس ريال مدريد، فلورنتينو بيريز. وكان الأمير ويليام ينقل أكواب الشاي والمياه المعبأة إلى خط الاحتجاج، في حين كان غاري نيفيل يغني للجماهير.
وكان مشجعو الفرق التي بينها منافسة شديدة يحتجون معاً، ويضعون بعضهم أيديهم في أيدي بعض، ويشيدون بقاعدة (50+1) الألمانية التي تعني أن الأندية تُحكم من قبل مشجعيها. لقد كنا أقوياء للغاية في تلك الفترة، وكنا على حق تماماً في تلك الاحتجاجات، فما الذي حدث بعد ذلك؟ بعد 4 أشهر فقط من احتجاجات جماهير مانشستر يونايتد الغاضبة على بوابات ملعب «أولد ترافورد»، كان جمهور النادي في ملعب «مولينو»، خلال مواجهة وولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز، يرفع صورة بالحجم الطبيعي للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، ويتغنى فرحاً بعودة أسطورة الفريق السابق إلى ملعب «أولد ترافورد».
وكانت هناك مشاهد احتفالية مماثلة في ملعب الاتحاد، حيث استُبدل باللافتات التي كان مكتوباً عليها «أقيلوا مجلس الإدارة»، في نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، أغنيات جديدة فرحاً بانضمام جاك غريليش لمانشستر سيتي قادماً من أستون فيلا في صفقة قياسية. وعلى ملعب «آنفيلد»، كان مشجعو تشيلسي الذين وجهوا انتقادات لاذعة، في أبريل (نيسان) الماضي، لمالك النادي رومان أبراموفيتش ومجلس إدارة النادي، بعبارات مثل «أيها الأوغاد الجشعون، لقد دمرتم نادينا»، كانوا يتغنون هذه المرة بمهاجم الفريق الجديد روميلو لوكاكو الذي انتقل إلى «ستامفورد بريدج» مقابل 97.5 مليون جنيه إسترليني.
وكلنا نعرف الأسباب وراء ذلك، فالمشجعون ليسوا سياسيين أو نقاد أو نشطاء، لكنهم مثل أي شخص آخر يريدون فقط أن يكونوا سعداء، وأن يستمتعوا بأشياء لطيفة. وغالباً ما يتم الاستهزاء بثقافة انتقالات اللاعبين، والرغبة في إبرام صفقات باهظة الثمن، بصفتها تصرفاً مزعجاً بعيداً كل البعد عن الجوهر الحقيقي لكرة القدم، لكن الحقيقة أن الرغبة الشديدة في التجديد والنمو والتطور، والوعود في شهر أغسطس (آب) من كل عام بوجوه جديدة وقصص جديدة وبدايات جديدة وأمل جديد، هي جزء أساسي غير قابل للتجزئة من القاعدة الجماهيرية لكرة القدم على جميع المستويات.
وعلى الرغم من ذلك، فإنه من المثير أن نتذكر الآن أنه خلال الأسابيع الأخيرة المحمومة من موسم (2020 - 2021)، كان كثير من ملاك أندية الدوري الإنجليزي الممتاز قلقين للغاية بشأن عودة الجماهير إلى الملاعب، نظراً للتداعيات السامة لاقتراح إقامة بطولة دوري السوبر الأوروبي. وكان الجميع يتساءل: ما الذي كان سيحدث عندما يتم رفع القيود على حضور الجماهير للمباريات، وفتح البوابات أمامهم من جديد للعودة إلى الملاعب؟ هل ستحدث انتفاضة واسعة النطاق في المدرجات، أم ستحدث أعمال الشغب، أم مقاطعة لحضور المباريات؟
وبدلاً من ذلك، يبدو أن روح التمرد والمعارضة والتعاون التي سيطرت على كرة القدم الإنجليزية في أبريل (نيسان) الماضي قد تبددت تماماً خلال فترة انتقالات صيفية واحدة. وحتى الدعوة المخطط لها من قبل جماهير نادي آرسنال للاحتجاج على ملكية عائلة كرونكي للنادي في نهاية الأسبوع الماضي لم تجذب سوى بضع عشرات من المشجعين. ويبدو أن مشجعي ليفربول في الوقت الحالي قد أصبحوا أكثر تقبلاً لفلسفة ملاك النادي في عدم إنفاق كثير من الأموال على التعاقدات الجديدة. وفي الوقت نفسه، بدأ جمهور توتنهام يشيد برئيس مجلس إدارة النادي، دانيال ليفي، بعدما نجح في عدم التفريط في خدمات نجم الفريق الأول، هاري كين.
ومن الواضح أن السخط الكامن لا يزال قائماً، وإن كان بدرجات متفاوتة، وربما لم يتم التسامح بشكل كامل مع وقاحة وازدراء اقتراح إقامة بطولة دوري السوبر الأوروبي، لكن يبدو -في الوقت الحالي على الأقل- أن هذا الأمر قد نُسى. وتتمثل الفرضية الطبيعية الآن في أن ملاك الأندية قاموا ببساطة بشراء ولاء جماهيرهم وهدوئهم من خلال التعاقد مع لاعبين جيدين. ربما تكون الحقيقة أكثر تعقيداً من ذلك، وتنبع من حقيقة أن الاحتجاجات على بطولة دوري السوبر الأوروبي كانت متأثرة في الغالب بمظالم أخرى طويلة الأمد: الافتقار التاريخي للاستثمار في البنية التحتية في مانشستر يونايتد، والأداء السيئ على أرض الملعب في آرسنال، والقرارات الاستراتيجية السيئة في توتنهام، والإحساس العام بالعزلة والانفصال في ليفربول. وعلى النقيض من ذلك، كان مشجعو تشيلسي ومانشستر سيتي سعداء إلى حد كبير بمالكيهم، وكان هذا على الأرجح هو السبب في أن غضبهم قد تلاشى بشكل أسرع!
ربما تعالج الصفقات الجديدة هذه المشكلات والقضايا إلى حد ما، لكن الأهم من ذلك أنها تُقدم على الأقل وهم التجديد والاسترضاء والاستمتاع. وفي الوقت نفسه، فإن هذه الصفقات الجماهيرية تلهي الجماهير عن كثير من الأشياء الأخرى.
وبالتالي، فإن النقطة الحقيقية هنا لا تدور حول نزوة أو نفاق المشجعين، لكنها تعكس الاستحالة المطلقة للاستمرار في أي نوع من المعارضة ضد ملاك الأندية الذين يحملون كل قواعد اللعبة في أيديهم. وإذا كان يمكن للمواطنين الساخطين التصويت ضد الحكومة، ويمكن للموظفين المظلومين الإضراب، وإيقاف شركتهم عن العمل، فما الذي يمكن للمشجعين القيام به، خاصة إذا كان صوتهم بلا أهمية، وإذا كانوا غير منظمين، ولا يمكنهم التأثير في شكل المنتج النهائي للعبة؟
لقد كانت بطولة دوري السوبر الأوروبي، من نواح كثيرة، هدفاً سهلاً، كما كانت عدواً واضحاً عاجلاً يمكن للجميع رؤيته وفهمه، وتهديداً واضحاً للجميع، لكن ماذا لو لم يكن الشيء الذي تحتج عليه اتحاداً أو فرداً، بل هيكلاً أو نظاماً نتورط فيه جميعاً بطريقة ما؟ لقد اتضح أنه يمكننا جميعاً الاتفاق على ما لا نريده، لكن ما الذي نريده بدلاً من ذلك؟ على قناة «توك سبورت» الإذاعية قبل أسبوعين، قدم المالك السابق لنادي كريستال بالاس، سيمون جوردان، نظرة ثاقبة، حين قال: «أعتقد أن بعض مشجعي مانشستر يونايتد مستاؤون قليلاً؛ إنهم لا يريدون عائلة غليزر هناك. لكن هذه العائلة أنفقت 110 ملايين جنيه إسترليني على تدعيم صفوف الفريق هذا العام، وبالتالي يبدو لي أنهم يدعمون فريق كرة القدم».
ربما يكون هذا هو التعبير الأكمل عن الكيفية التي يرى بها ملاك أندية كرة القدم المشجعين، فهم يتعاملون معهم على أنهم مصدر إزعاج ضعيف يمكن إلهاؤهم ببعض الصفقات. إن ملاك الأندية يراهنون على أن تعطش الجماهير للتعاقدات والصفقات الجديدة، وللبطولات والألقاب، سوف يفوق تعطشهم للتغيير، فهل يستطيع أي شخص أن يثبت أنهم مخطئون؟


مقالات ذات صلة

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

رياضة عالمية من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

أسفرت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026، التي سحبت في زيورخ بسويسرا، الجمعة، عن مواجهة جديدة بين إنجلترا وصربيا.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
رياضة عالمية الجماهير الصربية تسببت في عقوبات من «يويفا» (رويترز)

«يويفا» يعاقب صربيا بسبب سوء سلوك مشجعيها

قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، الجمعة، معاقبة الاتحاد الصربي للعبة، بسبب تصرفات عنصرية من قبل المشجعين في مباراتين ببطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية فولر في حديث مع مدرب المنتخب الألماني ناغلسمان (الشرق الأوسط)

ألمانيا تستضيف إيطاليا في دورتموند بدوري الأمم

أعلن الاتحاد الألماني، في بيان، أن مدينة دورتموند سوف تستضيف مباراة منتخب ألمانيا ضد ضيفه الإيطالي، في إياب دور الثمانية لبطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
رياضة عالمية جمال موسيالا (أ.ف.ب)

موسيالا أفضل لاعب في المنتخب الألماني لهذا العام

اختير جمال موسيالا، لاعب وسط فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم، اليوم الخميس، أفضلَ لاعب في منتخب ألمانيا للرجال لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (د.ب.أ)

«يويفا»: الأدوار النهائية ستقام في بلد الفائز بين ألمانيا وإيطاليا 

من المقرر أن تقام الأدوار النهائية لبطولة دوري أمم أوروبا لكرة القدم في ألمانيا أو إيطاليا، حسبما أفادت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».