تونس: وزراء سابقون يطعنون في قرار الرئيس وضعهم رهن «الإقامة الإجبارية»

القضاء الإداري بدأ النظر في الطعون منذ أغسطس الماضي

نور الدين الطبوبي رئيس نقابات العمال في تونس (رويترز)
نور الدين الطبوبي رئيس نقابات العمال في تونس (رويترز)
TT

تونس: وزراء سابقون يطعنون في قرار الرئيس وضعهم رهن «الإقامة الإجبارية»

نور الدين الطبوبي رئيس نقابات العمال في تونس (رويترز)
نور الدين الطبوبي رئيس نقابات العمال في تونس (رويترز)

كشف عماد الغابري، المتحدث باسم المحكمة الإدارية التونسية، التي تبت في الملفات المتعلقة بخرق القانون وتجاوز السلطة، أن المحكمة تلقت 10 طعون تقدم بها وزراء سابقون، وقضاة وكوادر عليا في الإدارة التونسية، احتجاجاً على قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي يقضي بوضعهم تحت الإقامة الإجبارية، إثر تفعيل الفصل 80 من الدستور، وإقرار تدابير استثنائية لتسيير دواليب الدولة.
وقال الغابري لـ«الشرق الأوسط» إن القضاء الإداري بدأ النظر في هذه الطعون منذ بداية أغسطس (آب) الماضي، وباشر إجراءات التحقيق فيها عبر إحالتها على وزارة الداخلية، باعتبارها الجهة التي اتخذت مباشرة قرارات الإقامة الإجبارية في حق عدد من التونسيين بعد 25 يوليو (تموز) الماضي.
وبشأن مصير هذه الطعون، وإن كانت ستجد طريقاً لتخليص بعضهم من الإقامة الإجبارية، قال الغابري إنها لا تزال تحت أنظار القضاء الإداري، مؤكداً أن البت فيها يكون في غضون شهر، أو أكثر بقليل من تاريخ نشر القضية، وهو ما يرجح أن يكون الحكم خلال هذه الأيام، على اعتبار أن مطالب الطعون تم تقديمها بداية الشهر الماضي.
وكان الرئيس سعيد قد اتخذ في 25 يوليو الماضي قرارات بتجميد أنشطة البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، مع إعفاء رئيس الحكومة من مهامه، وتوليه السلطة التنفيذية وترؤس النيابة العامة. ونتيجة لهذا القرار اتخذ وزير الداخلية قرارات بفرض الإقامة الإجبارية على نواب من البرلمان المجمد، وسياسيين كانوا على صلة بمنظومة الحكم السابقة، وقضاة وأطر عليا، ورجال أعمال يشتبه في حصولهم على امتيازات ونفوذ خلال العشرية الأخيرة.
ولم تقدم وزارة الداخلية أي معطيات رسمية عن هذه الإجراءات، أو عن هوية الأشخاص الذين تم وضعهم تحت الإقامة الإجبارية. لكن بحسب ما قدمته بعض المنظمات الحقوقية، فإن عدد الخاضعين للإقامة الإجبارية في حدود 12 شخصاً، غير أن أطرافاً سياسية وحقوقية أخرى تؤكد أن العدد الحقيقي قد يكون في حدود 50 شخصاً.
في غضون ذلك، قال نور الدين الطبوبي، رئيس للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، إن الاتحاد يؤكد بوضوح أنه «لا رجوع إلى ما قبل 25 يوليو الماضي»، مشدداً على أنه «من الضروري توضيح الرؤية للجميع حتى يعرف التونسيون إلى أين ستسير البلاد، وحتى لا يسود الغموض، خاصة في ظل الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية، التي ما زالت تنتظر التنفيذ».
واعتبر الطبوبي أن الحسم السياسي لا يجب أن يتم إلا من خلال الآليات الديمقراطية، معتبراً أن الإرادة والسيادة للشعب وحده، على حد تعبيره.
ويرى مراقبون أن اتحاد الشغل بات يحتمي حالياً وراء المطالب النقابية المعلقة، والاتفاقيات الموقعة من قبل الحكومات السابقة لمطالبة رئاسة الجمهورية بتشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة هشام المشيشي المقالة، بهدف استكمال جولات الحوار، والتفاوض معها لتنفيذ ما وعدت به.
من ناحيته، انتقد سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، بيان سفراء مجموعة السبع، وما حمله من «مناورات سياسية» على حد قوله، وكذلك مشاركة نواب من البرلمان المجمد بتفويض من رئيسه راشد الغنوشي في المؤتمر الدولي لرؤساء البرلمانات، واعتبر أن تحريض نائب من حزب «قلب تونس» ضد البلاد «يعد إحدى الكبائر التي لا يمكن أن تمر بسهولة»، على حد قوله.
في سياق متصل، قال رفيق عبد السلام، القيادي في حركة النهضة، إن من يبتعد عن خيار التوافقات والحلول الوسط، «سيُرهق نفسه وأنصاره مثلما يرهق خصومه، لكن الخاسر الأكبر في كل ذلك هو الوطن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.