الحوثيون يعلنون التعبئة العامة.. والتعزيزات العسكرية متواصلة في تعز

انفلات أمني في لحج.. وتعيين قائد جديد لقاعدة «العند» العسكرية بالجنوب

دخان يتصاعد من مبان تابعة للحكومة اليمنية في لحج أمس (رويترز)
دخان يتصاعد من مبان تابعة للحكومة اليمنية في لحج أمس (رويترز)
TT

الحوثيون يعلنون التعبئة العامة.. والتعزيزات العسكرية متواصلة في تعز

دخان يتصاعد من مبان تابعة للحكومة اليمنية في لحج أمس (رويترز)
دخان يتصاعد من مبان تابعة للحكومة اليمنية في لحج أمس (رويترز)

دخل اليمن، أمس، في مرحلة جديدة ومتطورة من الصراع بين الأطراف المتصارعة، وباتت البلاد تعيش أجواء حرب حقيقية، حيث أعلنت ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» في اليمن، أمس، التعبئة العامة في صفوف القوات المسلحة والأمن بسبب ما سمته «حالة الحرب»، في الوقت الذي أخذت التطورات في اليمن شكل المواجهة المفتوحة والتحضيرات المكثفة للحرب، حيث أرسل الحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، أمس، تعزيزات عسكرية إلى محافظة تعز، رغم قرار للجنة الأمنية بالمحافظة بمنع دخول أي تعزيزات عسكرية إليها من قبل أي طرف، في حين تحدثت المصادر أن المجاميع المسلحة التي استولت على معسكر قوات الأمن الخاصة في عدن لا تتبع اللجان الشعبية، وإنما هي مجاميع من «الإرهابيين».
وقالت «اللجنة الثورية العليا»، كما تسمى، إنها «عقدت اجتماعا مشتركا مع اللجنة الأمنية العليا في دار الرئاسة بصنعاء أمس»، وقفت فيه أمام أهم المستجدات السياسية والميدانية في الساحة الوطنية وتداعياتها الخطيرة على حياة المواطنين وما ارتكبته التنظيمات الإرهابية من جرائم بحق المواطنين مدنيين وعسكريين في العاصمة صنعاء وفي محافظتي عدن ولحج وما تعرضت له مؤسسات الدولة ومعسكرات القوات الخاصة من عمليات نهب منظم من جانب العناصر الإرهابية تحت غطاء ما يسمى باللجان الشعبية، وأضافت أنه وإدراكا من اللجنة الثورية العليا لخطورة الوضع الأمني في البلد وما يتطلبه من يقظة كاملة لما يحاك من مؤامرات خارجية ضد الوطن وانطلاقا من واجبات اللجنة الثورية العليا في حماية أمن واستقرار الوطن وحماية حياة المواطنين من جرائم القوى الإرهابية، نظرا لحالة الحرب المفروضة على الشعب اليمني على كل المستويات.. فإن اللجنة الثورية العليا تعلن حالة التعبئة العامة وتوجه المؤسستين الأمنية والعسكرية بالقيام بواجباتها في التصدي لهذه الحرب القذرة التي لم يراع منفذوها وممولوها المحرضون عليها أبسط القيم الإنسانية والأخلاقية في حق أبناء الشعب اليمني.
وقالت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن «طائرة نقل عسكرية أقلت، أمس، مئات المسلحين الحوثيين إلى أحد المعسكرات في تعز، واشتبك مواطنون، في طريق تعز – عدن، مع قوات الأمن الخاصة التي كانت في طريقها إلى عدن»، وذكرت مصادر في تعز أن تعزيزات عسكرية بشرية ولوجيستية وصلت إلى معسكر قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي – سابقا) المجاور للقصر الجمهوري وسط المدينة وأن تلك التعزيزات دخلت بصورة طبيعية، بعد اتصالات أجراها وزير الداخلية في سلطة الحوثيين بصنعاء، اللواء الركن جلال الرويشان، بقيادات عسكرية في محافظة تعز، وسرب نص مذكرة موجهة من صنعاء إلى تعز جاء فيها: «عليكم استقبال القوة التي تم إرسالها من قيادة قوات الأمن الخاصة بصنعاء كتعزيز لفرع قوات الأمن الخاصة بمحافظة تعز وتوفير الحماية اللازمة لهم حتى وصولهم قيادة فرع قوات الأمن الخاصة مع اتخاذ الإجراءات اللازمة والرفع إلينا بمتطلباتهم والإفادة عند وصولهم»، وكانت اللجنة الأمنية في تعز أصدرت بيانا، قالت فيه إن «الوضع الأمني في المحافظة مستتب والأجهزة الأمنية والعسكرية تقوم بواجباتها في حفظ الأمن والاستقرار في جميع أرجاء المحافظة بكل إخلاص ومسؤولية ووطنية وليست بحاجة إلى تعزيزات أمنية أو عسكرية أو غيرها من أي جهة ولم تطلب ذلك إطلاقا»، وأضافت أن «أي تعزيزات عسكرية ستصل إلى المحافظة من أي جهة قد يقابله تصرف مماثل من الجهة الأخرى وهو ما سيجعل المحافظة ساحة للاقتتال وتصفية الحسابات والزج بها في أتون فوضى لن تخدم أحدا».
وأقرت اللجنة في تعز «منع دخول أي تعزيزات عسكرية أو أمنية أو مدنية إلى المحافظة من أي جهة، ووجهت جميع الوحدات الأمنية والعسكرية باتخاذ الإجراءات الأمنية لتنفيذ ذلك القرار حفاظا على حالة الأمن والاستقرار والهدوء الذي تعيشه المحافظة»، في الوقت الذي تشهد فيه المحافظة توترا ومظاهرات للكثير من القوى الرافضة لسيطرة الحوثيين على المحافظة واتخاذها منطلقا لمهاجمة محافظة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد والتي يوجد فيها الرئيس عبد ربه منصور هادي وعدد من وزراء الحكومة المستقيلة وقيادات عسكرية وأمنية والتي باتت تعد عاصمة «مؤقتة» لليمن، بدلا عن صنعاء التي اعتبرها الرئيس عبد ربه منصور هادي عاصمة «محتلة».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «سيناريو الوضع في تعز يقوم على أساس تطبيق سياسة الأمر الواقع ووضع السلطة المحلية هناك أمام الأمر، من خلال تحريك الوحدات العسكرية الموالية لصالح والمجاميع الحوثية المسلحة باتجاه عدن القريبة من تعز»، وأشارت المصادر إلى أن «ما يقوم به الحوثيون وصالح في تعز، يمثل عملية إسقاط للمحافظة ولا يختلف كثيرا عما حدث في محافظات شمالية أخرى»، وإلى أن «تحالف صالح – الحوثيين يتوقع احتجاجات شعبية وقد أعد العدة لمواجهتها وقمعها»، وربطت المصادر بين ما يجري في تعز وبين ما وصفت بالعملية الانقلابية الفاشلة التي جرت في عدن الخميس الماضي،
على صعيد آخر، أكدت مصادر في محافظة لحج الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» أن المحافظة تشهد انفلاتا أمنيا غير مسبوق، بعد سيطرة مجاميع مسلحة على معسكر لقوات الأمن الخاصة وتسليمه من قبل قادته إلى المسلحين، إضافة إلى السيطرة على مقار أمنية ومخابراتية في مدينة الحوطة، عاصمة المحافظة، وكانت اللجنة الأمنية العليا (عدن)، أصدرت بيانا، بعد اجتماعها برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، قالت فيه إنها «وقفت (اللجنة) أمام المؤامرة الدنيئة من قبل قيادة فرع قوات الأمن الخاصة في لحج الذي قام بتسليم المعسكر لمجاميع من الإرهابيين والبلاطجة لتغطية نهبها لمعدات وأسلحة المعسكر وذلك بهدف إضعاف القدرة الأمنية للمحافظة في حفظ الأمن وما تلا ذلك من هجمات هذه المجاميع الإرهابية على المجمع الحكومي والأمن السياسي وسقوط عدد من الشهداء والجرحى من أفراد وضباط الأمن السياسي وحراس وموظفي المجمع الحكومي»، وأضافت اللجنة أنها «إذ تدين هذه الجرائم الإرهابية فإنها تؤكد أنها ستظل تتابع المجرمين وضبطهم وتقديمهم للعدالة حتى ينالوا جزاءهم العادل وكذلك محاسبة كل من قصر في واجبه وفرط في أمانته»، في هذه الأثناء، كلف اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، وزير الدفاع، العميد طيار صالح علي صالح اليافعي، بقيادة قوات الدفاع الجوي بمعسكر «قاعدة العند» العسكري – الجوية المهمة في جنوب اليمن، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»: إن «الوزير الصبيحي قام بزيارة للقاعدة الجوية في ظل وجود ما يشبه التمرد من قبل بعض القادة والضباط الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكانت الولايات المتحدة أجلت أكثر من 100 من ضباط وجنود المارينز والخبراء الأميركيين الذين كانوا يوجدون في تلك القاعدة العسكرية في إطار التعاون اليمني – الأميركي في مجال محاربة الإرهاب».
من ناحية ثانية، أعلن في صنعاء عن مغادرة المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر بصورة مفاجئة، وتوقف بذلك الحوار السياسي الذي كان يشرف عليه بنعمر بين القوى السياسية اليمنية، وجاءت مغادرة بنعمر بعد أقل من 24 ساعة على التفجيرات التي شهدتها العاصمة صنعاء وراح ضحيتها أكثر من 150 شخصا وجرح المئات، كما جاءت مغادرة بنعمر في ظل التوتر الذي يسود الساحة اليمنية والتحضيرات العسكرية الحالية في من قبل جماعة الحوثي وحليفهم علي عبد الله صالح والتلميحات باجتياح جنوب البلاد، حيث يتخذ الرئيس عبد ربه منصور هادي من عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، معقلا له، وكان الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة، بات، مؤخرا، شبه مجمد بسبب التطورات المتسارعة ولم يستطع المتحاورون التقدم خطوة واحدة بأي اتجاه، رغم المقترحات التي قدمت، خصوصا وأن كل القوى السياسية، باستثناء الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وافقت على المشاركة في لقاء أو مؤتمر الرياض بشأن اليمن والذي تجري التحضيرات له ويتوقع أن ينعقد أواخر الشهر الحالي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.