بريطانيا مطالبة بـ«تضحيات» لإنقاذ «حي المال»

يواجه حي المال في لندن وضعاً صعباً للحفاظ على مكانته الدولية (رويترز)
يواجه حي المال في لندن وضعاً صعباً للحفاظ على مكانته الدولية (رويترز)
TT

بريطانيا مطالبة بـ«تضحيات» لإنقاذ «حي المال»

يواجه حي المال في لندن وضعاً صعباً للحفاظ على مكانته الدولية (رويترز)
يواجه حي المال في لندن وضعاً صعباً للحفاظ على مكانته الدولية (رويترز)

يتعين على بريطانيا خفض الضرائب على البنوك وتسهيل إجراءات التعاقد مع موظفين أجانب للعمل في قطاع المال، للحيلولة دون خسارة حي المال في لندن - والذي تلقى ضربة من جراء «بريكست» - لمكانته العالمية كمركز مالي عالمي، حسبما حذرت مجموعة معنية بأنشطة القطاع. وقالت مجموعة «ذا سيتي يو كيه» في بيان مساء الثلاثاء، إن «مكانة المملكة المتحدة كمركز مالي عالمي، في خطر ما لم يعمل القطاع والحكومة والهيئات الناظمة معاً لتعزيز القدرة التنافسية الطويلة الأجل وتعميق الروابط التجارية الرئيسية والتركيز على مجالات رئيسية جديدة للنمو العالمي المستقبلي».
واستكملت بريطانيا خروجها من الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي، لكن اتفاقاً تجارياً لفترة «بريكست» أغفل قطاع الخدمات المالية القوي وعرقل وصوله إلى القارة. وكشفت مؤسسة «ذا سيتي يو كيه» الثلاثاء، عن استراتيجية خماسية لاستعادة مكانة لندن كمركز مالي رائد، وسط منافسة حادة من أمستردام وفرانكفورت ونيويورك وسنغافورة.
وتريد المؤسسة خفض الضرائب على البنوك من أجل تعزيز الاستثمار الأجنبي في لندن، وتدعو إلى تحرير التبادل التجاري مع أسواق ناشئة ونامية. وتريد أيضاً أن تسهّل الحكومة إجراءات التعاقد مع عمال أجانب لقطاع المال الرئيسي، بعد خسارته آلاف الوظائف التي انتقلت إلى أوروبا، في أعقاب «بريكست»... وتحض المجموعة من ناحية أخرى حي الأعمال (سيتي) على تطوير أسواق عالمية جديدة على غرار التجارة الرقمية.
وقال رئيس المؤسسة مايلز سيليك، إن «العقد الأخير شهد نمواً لقطاعنا، ومع ذلك فإن منافسين عالميين حققوا نمواً بسرعة أكبر». وأضاف «غير أنه مع وضع استراتيجية صحيحة وتركيز واضح على تحقيقها، يمكن للمملكة المتحدة مرة أخرى التقدم على منافسيها». وتابع «إن هذا طموح يحتاج إلى تضافر جهود القطاع والحكومة والهيئات الناظمة. يحتاج إلى تركيز وتعاون وتصميم مستدام».
وحي المال في لندن والذي يطلق عليه «سكوير مايل» (ميل مربع) تلقى ضربة من جراء تدابير الإغلاق التي فرضت للحد من جائحة «كوفيد»، وبات شبه مقفر. لكن المنطقة التي كانت تعج بالحركة، تعود إليها الحياة وإن ببطء.
ويأتي ذلك الوضع بينما قالت وزارة الخزانة البريطانية، إن خطط الإنفاق للحكومة البريطانية ستوضع خلال اجتماعات مراجعة الإنفاق التي تنتهي يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل إلى جانب ميزانية الخريف.
وأشارت وكالة بلومبرغ إلى أن وزير الخزانة ريشي سوناك أطلق الثلاثاء اجتماعات مراجعة الإنفاق لعام 2021 والتي ستختتم يوم 27 أكتوبر المقبل، إلى جانب وضع مشروع ميزانية الخريف وتحديد أولويات الإنفاق الحكومي لعرضها على البرلمان.
ويذكر أن المراجعة التي تغطي الإنفاق الحكومي خلال ثلاث سنوات ستحدد موارد الإدارات الحكومية وميزانياتها الرأسمالية خلال الفترة من العام المالي 2023 - 2022 إلى 2024 - 2025. وطالبت الحكومة الوزارات المختلفة بتحديد أوجه خفض الإنفاق بنسبة 5 في المائة، وكفاءة الإنفاق في ميزانياتها اليومي كجزء من الخطط.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.