«مايو 1968»... لغز انتفاضة الطلبة والعمال التي زلزلت فرنسا

آلان باديو يرى أنها جعلت الشباب في العالم يهب من أجل تغييره

«مايو 1968»... لغز انتفاضة الطلبة والعمال التي زلزلت فرنسا
TT

«مايو 1968»... لغز انتفاضة الطلبة والعمال التي زلزلت فرنسا

«مايو 1968»... لغز انتفاضة الطلبة والعمال التي زلزلت فرنسا

في عام 1966 أصدر عدد من طلبة بجامعة ستراسبورغ من أعضاء الاتحاد الوطني للطلاب الفرنسيين بيانا بعنوان «حول البؤس الطلابي ومقترح متواضع لعلاجه» تضمن نقدا جذريا للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في فرنسا وأوروبا بشكل عام، متأثرين بأفكار الفيلسوف الألماني المقيم في أميركا «هربرت ماركوز» لا سيما كتابه «الإنسان ذو البعد الواحد» الذي ينتقد فيه التكنولوجيا الحديثة وكيف عملت على تكريس النزعة الاستهلاكية لدى إنسان العصر الحديث وتفاقم قلقه وخلق احتياجات وهمية لديه طيلة الوقت.
وفي مارس (آذار) من 1968 انطلقت مسيرات طلابية تندد بالحرب الأميركية على فيتنام، قوبلت بعنف شديد من الشرطة فاشتعل الموقف وزادت الاحتجاجات صلابة لتعم معظم الجامعات والمدارس في البلاد ثم انضم العمال إلى التمرد وقام ما يقرب من 11 مليون عامل بالإضراب الأقوى في تاريخ فرنسا، وبدا أن باريس ستسقط في حرب أهلية لا محالة وفر الرئيس الفرنسي شارل ديجول إلى ألمانيا سرا.
وبعد مرور 7 أسابيع هدأت الأمور وأجريت الانتخابات وتراجع السيناريو الدموي مع إصلاحات واسعة في الأجور وأوضاع الطلبة.

سارتر وجودار في المظاهرات
لم تقتصر هذه الانتفاضة على فرنسا، بل امتد صداها لأنحاء كثيرة من العالم، كما اشتعل الموقف في فيتنام، وكانت المطالب الداخلية الملحة آنذاك من أهم الأسباب التي أشعلت الثورة الثقافية الصينية التي قادها الزعيم الصيني ماوتسي تونغ ضد فلول البرجوازية، داعيا الشباب للثورة عليهم واجتثاثهم، وكان ماو ذائع الصيت في فرنسا، وإلهام الشباب حول العالم للتحرك ضد الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة على السواء، كذلك لم يكن قد مر وقت طويل على اغتيال أميركا للمناضل الكوبي تشي جيفارا.
بعد مرور أكثر من خمسين عاما على هذا الحدث لا يزال هناك انقسام في النظر إليه، حيث يراه البعض مجرد «تمرد طلابي مراهق واحتجاج عمالي يطالب بزيادة الأجور» بينما يراه البعض الآخر «محاولة ثورية لتغيير العالم» بمشاركة عدد من أبرز مثقفي وفناني فرنسا مثل جان بول سارتر وسيمون دي بوفوار، وجيل دولوز، وجان لوك جودار.
من هنا تأتي أهمية كتاب «لغز مايو 68 - لنا الحق في التمرد» الصادر عن دار «صفصافة» بالقاهرة للفيلسوف الفرنسي اليساري آلان باديو، وترجمه للعربية أحمد حسان، في «74 صفحة من الحجم الصغير».

ظاهرة عالمية
بداية يشير باديو إلى أن ما حدث في ذلك التاريخ كان بالفعل انتفاضة، تمردا لشبيبة الطلبة والتلاميذ، معتبرا أن هذا هو الجانب الأكثر «استعراضية» وشيوعا، على نحو ترك صورا قوية نعاود الرجوع إليها مؤخرا مثل: المظاهرات الحاشدة، المتاريس، المعارك مع الشرطة، صور العنف والقمع والحماس. مؤكدا أن مثل هذه الانتفاضة في حينها شكلت ظاهرة عالمية تردد صداها في كثير من البلدان: من المكسيك حيث المذابح في ميدان عام إلى ألمانيا حيث الهبات الطلابية القوية، ومن صين الثورة الثقافية إلى الولايات المتحدة، حيث زادت الحركات ضد حرب فيتنام، من إيطاليا التي بها الكثير من الكيانات المستقلة ذاتيا إلى يابان الجيش الأحمر، من الانتفاضات الإصلاحية في تشيكوسلوفاكيا إلى الانتفاضات الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني. كان الشباب في كل مكان يهب ضد العالم كما أعيد تأسيسه في نهاية الحرب العالمية الثانية ليصبح «مايو 68» التنويعة الفرنسية لظاهرة عالمية.
يتابع باديو: كان طلبة الجامعات وحتى تلاميذ المدارس الثانوية يمثلون أقلية بالغة الضآلة من الشباب في مجمله، كما تبين لاحقا أن التماسك الآيديولوجي، بمعنى القناعات الفكرية لدى الأحزاب والنقابات ذات التوجه اليساري كان ضعيفا بخاصة لدى من احتلوا وظيفة قيادية في تلك الأحزاب والنقابات. وكان لافتا أنه في الأعوام التي تلت هذا الحدث أن عددا من المثقفين كانوا يضربون صدورهم وهم ينبذون أفكارا وقناعات يسارية قديمة مثل «الماوية» أو «التروتسكية» أو «الستالينية» وينحازون جماعيا إلى جوانب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وهنا لا يتردد باديو في التأكيد على أن الشعار النهائي لمايو 68 هو «الانتخابات... فخ الحمقى»، مشيرا إلى أن هذا ليس مجرد تحمس آيديولوجي، فثمة أسباب محددة تبرر هذا العداء للديمقراطية النيابية، إذ في أعقاب شهر هائل من الاستنفار الطلابي ثم العمالي والشعبي غير المسبوق نجحت الحكومة في تنظيم انتخابات وكانت النتيجة هي أشد برلمان شهدته البلاد رجعية، ومن ثم أصبح واضحا للجميع أن الجهاز الانتخابي لا يصلح لتمثيل الشعب وتحقيق آماله، بل إنه كذلك جهاز قمع للحركات الشعبية!

تجربة ذاتية
وعلى ضوء تجربته الذاتية يواصل باديو تحليله لما حدث في ذلك التاريخ باعتباره أحد شهود العيان على تلك الانتفاضة، فقد كان يعمل آنذاك أستاذا مساعدا في إحدى مدن الأقاليم، ويذكر أن الكلية دخلت في حالة إضراب وهي في الحقيقة مركز جامعي لا يتضمن سوى الدراسات التمهيدية مع التفاوت الفرنسي الكلاسيكي بين ما يحدث في العاصمة باريس وبين ما يتبعه في الأقاليم البعيدة «في البداية، بدا هذا الإضراب الطلابي وكأنه لا يتميز في شيء عما يجري في أي مكان آخر: خليط من المعتقدات والثرثرة والتصريحات السياسية والإصلاحية الأكاديمية لكنه مثلما في كل مكان آخر يقدم قاعدة للعمل الجماعي. فجأة ينتشر الإضراب العمالي إلى كل مصانع تلك المدينة التي كانت في تلك الفترة من أكثر المدن عمالية في فرنسا طبقا لتعداد السكان. وهكذا ذات يوم مثلما هو الحال الأماكن الأخرى أيضا».
نظم الأكاديميون والمثقفون مسيرة نحو المصنع الرئيسي المضرب في المدينة. في تلك الفترة كان باديو يعد «كادرا» محليا للحزب الاشتراكي. كان المصنع محاطا بالمتاريس، ترتفع بين جوانبه الرايات الحمراء، مع بعض الشعارات التي تؤكد أنه تم احتلاله من جانب العمال. اندمج الجميع في نقاش سياسي حامي الوطيس سرعان ما تفرعت عنه اجتماعات منظمة جيدا في وسط المدينة.
في ختام الكتاب يخلص باديو إلى عدة دروس منها أهمية المضي من اللاضرورة إلى الممكن تطبيقا للشعار الذي تم ترويجه في أحداث مايو: «كن واقعيا واحلم بالمستحيل». ويرى أنه يجب الحفاظ على اللغة التي لم يعد يتجاسر أحد على نطقها بحجة أن العالم تغير ولم يعد كما مضى، اللغة التي تتضمن كلمات من نوعية: الشعب، العامل، العدالة الاجتماعية، فاستنكار التفوه بمثل هذه الكلمات يعد برأيه نوعا من الإرهاب اللغوي. كما أنه من الأهمية بمكان، تجريب أشكال جديدة للتنظيم السياسي بعيدا عن الأشكال الكلاسيكية كالحزب والنقابة.
وتبقى ملاحظة على هذا الكتاب المهم تتعلق بلغة المترجم، فرغم الجهد المبذول جاءت اللغة أحيانا جافة، شديدة التعقيد، والتراكيب الاصطلاحية على نحو يشي بأنه استسلم للترجمة الحرفية في كثير من الأحيان.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.