مشادات واشتباكات بالأيدي خلال استجواب حكومة «الوحدة»

«الأوروبي» يتمسك بسيادة ليبيا... والدبيبة ينفي جلب «المرتزقة»

جوزيف بوريل في مؤتمر صحافي مع نجلاء المنقوش في طرابلس أمس (رويترز)
جوزيف بوريل في مؤتمر صحافي مع نجلاء المنقوش في طرابلس أمس (رويترز)
TT

مشادات واشتباكات بالأيدي خلال استجواب حكومة «الوحدة»

جوزيف بوريل في مؤتمر صحافي مع نجلاء المنقوش في طرابلس أمس (رويترز)
جوزيف بوريل في مؤتمر صحافي مع نجلاء المنقوش في طرابلس أمس (رويترز)

دافع عبد الحميد الدبيبة عن حكومة «الوحدة» الوطنية الليبية التي يرأسها، خلال جلسة الاستجواب التي عقدها مجلس النواب لها أمس، وقال إن سبب الجدل الذي صاحب الاستجواب هو الاحتجاج على الطريقة التي تم بها استدعاء الحكومة إلى مقر المجلس في مدينة طبرق (أقصى شرق).
واستمر السجال المتبادل بين المجلس والحكومة، قبل ساعات من جلسة الاستجواب، التي شهدت مشادات كلامية واشتباكات بالأيدي بين أعضاء المجلس، قبل تعليقها لمدة نصف ساعة للاستراحة.
واعترف الدبيبة بانقسام المؤسسة العسكرية في البلاد، بـ«اعتبارها المؤسسة الوحيدة التي لم تتوحد بعد»، لافتا إلى أنه لا يستطيع بسبب هذا الوضع تسمية وزير الدفاع بالحكومة، لكنه أعرب عن أمله في أن يكون اجتماع آمر «كتيبة 166 للحراسة والتأمين»، التابع لقوات حكومته، وآمر «لواء طارق بن زياد»، التابع لـ«الجيش الوطني» بمنطقة الشويرف، بداية الطريق لتوحيد المؤسسة.
في سياق ذلك، أوضح الدبيبة أنه زار دولا عدة، وأنه على تواصل مع جميع الأطراف المعنية بالشأن الليبي لبحث خروج جميع القوات الأجنبية و«المرتزقة» دون تمييز، مبرزا أن الحالة الليبية «معقدة جدا وحساسة». وقال بهذا الخصوص: «نحن لم نجلب المرتزقة، ولم نساهم في دخولهم للبلاد، ولم أشاهد أي مواطن ليبي يقبل بوجودهم، ولا أقبل بأي قوة أجنبية تأتي إلى بلادي». مضيفا: «قمنا بزيارات لروسيا ومصر والإمارات وتركيا، وكان أول حديثي مع مسؤولي هذه الدول هو كيف يمكن الدفع نحو خروج (المرتزقة) والقوات الأجنبية من ليبيا».
وبعدما أكد وجود ميزانية واضحة للجيش الليبي، أشار إلى أن وزارة المالية لم تتحصل حتى الآن على بيانات العسكريين بالمنطقة الشرقية، رغم طلبها من الحسابات العسكرية.
وبخصوص زيارته المرتقبة اليوم لتونس، أبلغ الدبيبة مجلس النواب أنه على تواصل مع الرئيس التونسي قيس سعيد، وأن زيارته الرسمية تأتي في إطار تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية، ومناقشة ترتيب إعادة فتح الحدود بين البلدين، وقال بهذا الخصوص: «نحن لا نتهم تونس بالإرهاب، وعلاقاتنا معها متكاملة رسميا وشعبيا واقتصاديا».
من جانبه، استغل عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، اجتماعه مساء أول من أمس، مع رئيس بعثة الأمم المتحدة، يان كوبيش، للتشديد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. مشددا على أن «المخرج الوحيد للأزمة في ليبيا هو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وتحقيق إرادة الشعب الليبي»، فيما اكتفى المبعوث الأممي بالتأكيد على ضرورة إصدار القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات في موعدها.
من جهته، قال جوزيف بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، إنه ناقش أمس في العاصمة طرابلس مع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة» كيفية دعم الاتحاد الأوروبي لليبيا في المرحلة الراهنة.
وأكد بوريل، الذي التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائب الرئيس موسى الكوني، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة يان كوبيش، على تمسك الاتحاد الأوروبي بسيادة ليبيا واستقلالها، وعزمه على المساهمة في إحلال السلام والاستقرار في البلاد في هذه المرحلة المهمة. مشيدا بالتقدم المهم الذي تم إحرازه في ليبيا خلال العام الماضي، والذي تم خلاله وقف إطلاق النار، وتوحيد المؤسسات السياسية، ووضع خريطة طريق لانتخابات ديسمبر. كما شدد على التزام الاتحاد الراسخ بمواصلة دعم السلطات الليبية في جهودها للموافقة على التشريعات اللازمة، والاستعدادات الملموسة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وتطرق أيضا إلى سبل زيادة التعاون مع عملية «إيريني» لمواصلة مراقبة احترام حظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة مع المحاورين الليبيين.
من جانبها، رحبت بعثة الأمم المتحدة بوساطة الدبيبة لضمان وحدة وسلامة المؤسسة الوطنية للنفط، وأكدت في بيان مقتضب، مساء أول من أمس، أن عمل المؤسسة دون عوائق يظل ركيزة للأمن والاقتصاد الليبي.
لكن بعد ساعات من صدور هذا الترحيب الأممي، قال مهندسان في ميناء السدرة وميناء رأس لانوف، أمس، إن محتجين أوقفوا صادرات النفط الخام منهما، فيما ذكر مهندسون آخرون أن الإنتاج في الحقول لم يتأثر.
وقال المهندسون إن ثلاث ناقلات بانتظار التحميل في السدرة وواحدة في رأس لانوف.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.